IMLebanon

الوقت يفرض الشروع بانتخاب رئيس للجمهورية لأن التكليف لن يعقبه تأليف

كتب ناصر زيدان قي صحيفة الأنباء:

عندما تفاقمت الأوضاع الأمنية والسياسية في لبنان مطلع العام 1976، بادر رئيس الجمهورية حينها سليمان فرنجية بنفسه إلى طرح التعديل الدستوري على مجلس النواب لتقريب مهلة انتخاب رئيس جديد، وأجاز التعديل انتخاب الرئيس قبل 6 أشهر من انتهاء مدة رئاسة فرنجية، ولمرة واحدة، بعد أن كانت المهلة محددة بشهرين قبل انتهاء الولاية.

وبالفعل تم انتخاب الرئيس المحايد الياس سركيس في 8/5/1976، برغم أن فرنجية كان لديه 4 أشهر ليكمل ولايته.

منسوب التوتر السياسي والمعيشي اليوم، لا يقل عما كان حاصلا في العام 1976، والوقت ضاغط بقوة على عملية تأليف حكومة جديدة يفرضها الدستور بعد كل انتخابات نيابية، لأن خارطة توزع القوى داخل المجلس النيابي الجديد، كما وجود الرئيس ميشال عون في سدة الرئاسة، مضاف الى النفوذ الذي يتمتع به صهر الرئيس ووريثه السياسي النائب جبران باسيل على دوائر قصر بعبدا، لن يسهلا عملية ولادة الحكومة بسرعة، حتى ولو جرى تكليف شخصية لتأليف هذه الوزارة الخميس المقبل.

وإذا لم يبادر الرئيس عون الى طلب تعديل الدستور لإجراء انتخابات مبكرة كما طالبت بعض القيادات السياسية والدينية، فالمصلحة العليا للدولة تقضي بانتخاب رئيس مع بداية سريان المدة المحددة لذلك، أي في مطلع شهر سبتمبر المقبل، لأن ولاية الرئيس عون تنتهي في 31 أكتوبر، وفي هذا التاريخ تعتبر الحكومة مستقيلة حكما بسبب بدء ولاية رئاسية جديدة.

وإذا ما تعذر انتخاب رئيس جديد تتحول الحكومة القائمة مهما كان نوعها – أصيلة او حكومة تصريف أعمال – إلى حكومة رئاسية، وتتولى مهام رئيس الجمهورية في فترة الفراغ.

الشخصية التي يمكن أن تكلف تأليف الحكومة تحتاج لشهر على الأقل لإجراء استشارات مع الكتل النيابية، والأجواء تشير الى تعقيدات ستواجه عملية التأليف، نظرا لإمكانية أن تتولى هذه الحكومة مهام الرئاسة بعد انتهاء ولاية عون.

وهي إذا تألفت بسرعة، تحتاج إلى شهر إضافي لوضع البيان الوزاري، ومجلس النواب يحتاج لشهر على أقل تقدير لمناقشة البيان وطرح الثقة، وإذا ما سارت كل هذه الاستحقاقات بسهولة – وهو ما لن يحصل – فإن أمام الحكومة العتيدة شهر واحد للعمل، قبل أن تستقيل مع بداية العهد الجديد.

كل ذلك يفرض التعامل بواقعية مع عملية تأليف الحكومة الجديدة، وقد تكون أحد الخيارات إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الحكومة الحالية، بعد إعادة تكليف رئيسها، ومنحها ثقة جديدة من المجلس النيابي المنتخب، ومن ثم حصر كل الجهود لانتخاب رئيس للجمهورية، وتتألف حكومة في بداية عهده، تعبر عن إرادة النواب الجدد، لأن الواضح أن الرئيس عون، لن يجاري المستجدات النيابية، وهو يفتش عن وضعية مريحة لصهره ووريثه النائب جبران باسيل، تساعده على التخلص من العقوبات، وإعادة فرض نفسه كمرشح لرئاسة الجمهورية.

تقول مصادر واسعة الإطلاع: إن وضع البلاد لا يتحمل أي مغامرات تعطيلية جديدة، ولابد من الشروع إلى تسويات تشكل بداية لعملية الإنقاذ الملحة، لأن الناس لم يعد بإمكانها تحمل الانهيار الذي يجري في مختلف المجالات، ومؤسسات الدولة ودوائرها مهددة بالتوقف بالكامل، بعد أن عجز الموظفون والقضاة والأساتذة والضباط والعسكريون عن متابعة أعمالهم بسبب تدني قيمة أجورهم.

البطريرك الراعي أعاد إطلاق مبادرة لعقد مؤتمر برعاية الأمم المتحدة، لإنقاذ الدولة، لأن الراعي يعرف أن النوايا ليست سوية في التعامل مع الاستحقاق الرئاسي.

وحراك المفتي عبداللطيف دريان والسفير السعودي وليد البخاري، تصب في خانة التحذير من أي مغامرة عبثية قد تهمش الطائفة السنية وتسيء الى الميثاقية التي مازالت ضرورة لبقاء لبنان.