IMLebanon

خرق قواعد اللياقة الوطنية بمناسبة تأليف حكومة لن تولد

كتب ناصر زيدان في صحيفة الأنباء:

عود على بدء، تتكرر الخروقات الدستورية بمناسبة تأليف الحكومة الجديدة، ويتضح من عملية التحلل من اللياقات التي تفرضها أعراف التعامل بين الرؤساء والمسؤولين، أن الرئيس نجيب ميقاتي لن يتمكن من تشكيل حكومة في الفترة الزمنية القصيرة المتبقية من عهد الرئيس ميشال عون.

تذكر عملية تسريب لائحة أسماء الوزراء الذين اقترحهم الرئيس ميقاتي على الرئيس عون بعد الاستشارات التي أجراها مع النواب، بما حصل مع الرئيس سعد الحريري في مايو 2021، عندما أرسل عون للحريري نموذج لائحة خطية مع دراج من القصر الجمهوري، طالبا منه تعبئة الأسماء المتبقية من التشكيلة التي اقترحها هو وصهره النائب جبران باسيل، مما حدا بالرئيس سعد الحريري الى الاعتذار عن عملية تشكيل الحكومة. ولسوء حظ فريق رئيس الجمهورية أن دليلا دامغا أكد أن التسريب للائحة ميقاتي جرى من بعبدا، وليس من قبل فريق ميقاتي، لأن ملاحظات وضعت بخط اليد أمام الأسماء الذين اعترض عون على توزيرهم، وأبرزهم وليد سنو الذي حل محل وزير الطاقة الحالي وليد فياض وفق اقتراح ميقاتي.

خرق قواعد اللياقة وسرية المداولات بين رئيسي الجمهورية والحكومة، كانت مدار بحث بين ميقاتي والبطريرك الماروني بشارة الراعي في مقر الأخير الصيفي بالديمان، نظرا للانعكاسات السلبية لهذه العملية على التعاون بين السلطات، وهي تمس بكرامة المقامات الرئاسية التي تمثل المكونات اللبنانية. وبصرف النظر عن الخلافات السياسية القائمة بين الفريقين، لا يمكن تبرير تصوير أسماء اللائحة ونشرها أمام الإعلام، خصوصا أنها قدمت للرئيس عون كاقتراح قابل للتشاور والتعديل وفق ما ينص عليه الدستور، وبالتالي لا يجوز للقيمين على شؤون البلاد التعاطي بمثل هذه النمطية، لكون حفظ أسرار الدولة من المبادئ العامة التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار بمناسبة ممارسة الحكم، كي لا تسبب خدوشا للمشاعر الوطنية من جهة، ولأن مصلحة الدولة العليا تفرض «قضاء الحوائج الوطنية بالكتمان».

أما كلام المقربين من قصر بعبدا عن أن اقتراح ميقاتي هو بمنزلة لي لذراع رئيس الجمهورية، وقولهم ان ذلك لا يمكن أن يحصل لو بقي ساعة واحدة من ولاية الرئيس، فلا يمكن تبريره تحت أي اعتبار، لأن تقديم الاقتراح بالأسماء هو من صلب مهمة الرئيس المكلف، وليس فيه أي تحد لرئيس الجمهورية، والعنتريات التي تطلق في هذا السياق لا يوجد ما يبررها على الإطلاق، وهي تنم عن رغبة واضحة في تعطيل تأليف الحكومة، او بهدف الضغط لتأليف حكومة تناسب فريق الرئيس عون وفيها ثلث معطل لهذا الفريق، والإبقاء على وزارة الطاقة من حصتهم – كما هو عليه الحال منذ 12 عاما – ووزارة الطاقة التي تشرف على ملف الكهرباء هي السبب الرئيسي للانهيار المالي الذي أصاب البلاد.

رفض عدد كبير من الكتل النيابية الوازنة المشاركة في الحكومة الجديدة، مبني على قناعة راسخة عند هؤلاء أن النمطية المعتمدة في إدارة شؤون الرئاسة الأولى، لا تسمح بأي تعاون، لاسيما أن هؤلاء – ومنهم القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب وقوى سيادية أخرى – لديهم تجارب مريرة مع العهد، وهو أجهض كل الفرص التي أعطيت له للتعاون على إنقاذ الدولة، ولم يعد بالإمكان انتظار أي بادرة جديدة في الأيام المتبقية له في الحكم. والتيار الوطني الحر يجهد لتحصيل المكاسب السياسية، ولتبادل المنافع مع حلفائه في حزب الله، رغم أنه لم يعط الثقة لميقاتي، وأعلن رئيسه أنهم لن يشاركوا بالحكومة.

ترفض القوى السيادية أي شكل من أشكال احتكار الوزارات، لأي طائفة ولأي حزب، وترفض أيضا إعطاء الثلث المعطل في الحكومة لأي جهة. واقتراح الرئيس عون لإبقاء القديم على قدمه، أو لتأليف حكومة سياسية من 30 وزيرا لا يبشر بأن الحكومة الجديدة ستولد في الأيام المتبقية من العهد.