IMLebanon

الأزمات الحياتية تحاصر اللبنانيين!

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

الأزمات المعيشية والإقتصادية المتفاقمة تنغص على اللبنانيين فرحتهم بعيد الاضحى المبارك، تكاد تختفي البهجة ومعها طقوس وعادات كثيرة رافقته عادة بدءاً من الاقبال على اداء مناسك الحج، مروراً بتقديم الاضاحي وصولاً لشراء الحلوى، وقد تراجعت جميعها بسبب كلفتها المالية الباهظة، في وقت تكافح العائلات الفقيرة والمتعففة من اجل لقمة عيشها بكرامة والبقاء على قيد الحياة.

أولى الازمات في صيدا، الطحين وقد بلغت ذروتها عشية العيد، اقفلت بعض الافران بسبب فقدان المادة، وفتحت أخرى ولكنها شهدت ازدحاماً خانقاً وانتظر المواطنون ساعات عديدة في طوابير طويلة امام مداخلها، قبل ان يسمح لمجموعة الدخول وشراء ربطة واحدة، ثم عادت واقفلت بعد نفاد ربطات الخبز، فيما لم تزود الدكاكين الشعبية والمحال التجارية في الاحياء بها كالعادة.

ثاني الازمات، تراكم اطنان النفايات في الاحياء والشوارع وخاصة في صيدا القديمة، وقد بدأت تفوح منها الروائح الكريهة وتنتشر منها الديدان والقوارض والحشرات، وسط مخاوف غير مسبوقة من الاضرار البيئية والصحية مع اقفال معمل معالجة النفايات الصلبة في سينيق ثلاثة ايام بسبب عطلة العيد، ما يعني تراكم عشرات الاطنان الاضافية.

ثالث الازمات، الانقطاع التام في التيار الكهربائي لاربعة ايام متتالية وقد عاد بالامس لساعتين فقط كل اربع وعشرين ساعة، ومعه انقطاع المياه عن أحياء ومناطق بكاملها او شحها في أخرى ارتباطاً به، ما أجبر مئات العائلات على شراء صهاريج مياه وخاصة في مناطق سيروب، الشرحبيل، عبرا وبعض احياء صيدا، وزيادة الاعباء المالية بعدما بلغت كلفة الألفي ليتر نحو 200 الف ليرة على الارض و250 ألفاً برفعها على خزان السطح.

رابع الازمات وخامسها وسادسها، تسجيل حالات تسمم غذائي نتيجة سوء حفظ الاطعمة، وارتفاع فاتورة الاستشفاء في المستشفيات، وفقدان الادوية وغلاء غالبيتها. يتساءل الصيداوي ابو محمد حبلي «كيف نفرح بالعيد ونحن محاصرون بالازمات المعيشية ونكاد نختنق من الغلاء وارتفاع الاسعار والدولار»؟ قبل ان يقول لـ»نداء الوطن»: «قررت هذا العام ان يقتصر العيد على المعايدة فقط من دون شراء احتياجاته من ثياب جديدة وحلوى وهدايا، بالكاد نؤمن قوت اليوم».

حركة السوق

وبخلاف الازمات، كسرت حركة الاسواق التجارية الناشطة الركود بعدما تضافرت عدة اسباب ابرزها عودة المغتربين الذين عادوا لقضاء عطلتي العيد والصيف بين ذويهم واقبالهم على التبضع وشراء كل احتياجاتهم من دون اي تقشف، قيام اصحاب المحال التجارية بتمديد دوام العمل حتى ساعات الليل الاخيرة، وبتقديم عروضات وتنزيلات وأسعار مدروسة تأخذ بعين الإعتبار أوضاع المواطنين الاقتصادية، ناهيك عن قيام لجنة النشاطات في بلدية صيدا بالتعاون مع المجتمع الأهلي بتنظيم أنشطة ثقافية وفنية وتراثية منوعة ومنها بالسوق التجاري نفسه.

ورغم الحركة التي حملت بركة العيد، شكا التجار من الركود في باقي ايام العام، معتبرين ان هذه الحركة الناشطة استثناء قبل ايام قليلة من العيد كما في مختلف المناسبات سواء الاسلامية منها او المسيحية، مؤكدين ان الأوضاع تزداد تفاقماً نتيجة الأزمة الإقتصادية والمالية التي باتت تتحكم بكل مفاصل الحياة وتُفاقم من الأعباء المعيشية والحياتية على المواطن، وتحاصر قطاعات تعاني منذ نحو ثلاث سنوات من ركود مستمر ومتجدد بين أزمة وأخرى، وتتلمس وسط هذه الأزمات ما يمكنها من الصمود ولو بالحد الأدنى من المقومات.

وقال رئيس «جمعية تجار صيدا وضواحيها» علي عيد الشريف: «ان القطاع التجاري لا يجد حتى الآن بصيص أمل في الخروج من حالة الاحتضار التي يعانيها مع تراكم الأعباء والإرتفاع الجنوني في كلفة التشغيل واستمرار القيود المصرفية على حركة الأموال، ما ينعكس مزيداً من المعوقات امام عودة النشاط التجاري، ويتسبب في تعثر مزيد من المؤسسات التجارية، فيما يصارع أصحاب ما بقي من مؤسسات بما تبقى لديه من قدرة على الإستمرارية في الوقت الذي لا يزال المسؤولون منشغلين باستكمال عقد الاستحقاق الحكومي وقطوع العبور من ضفة التكليف الى ضفة التأليف، والحلول والمعالجات للأزمات مؤجلة».

في السوق التجاري تتعالى اصوات الباعة، تنتشر بسطات بيع الحلوى يميناً ويساراً، ينادي اصحابها على بضائعهم، يرددون عبارة «ارخص واطيب» في محاولة لجذب الزبائن الذين يجدون اسعارها مناسبة وأقل من المحال الاخرى وخاصة الحلوى والالعاب.

وتقول سامية البابا لـ»نداء الوطن»: «لقد عدت من الامارات العربية لقضاء عطلة العيد، واشتريت ما اريد من احتياجات لانها باتت ارخص مقارنة بالسابق وسعر صرف الدولار الاميركي»، بينما اكدت فاطمة الزكنون «ان الاوضاع صعبة جداً، ولم يعد للعيد مكان في جدول حياتنا ومشترياتنا، وبالكاد نؤمن قوت اليوم فقط وسط الغلاء الفاحش»، وشدد علي ابو علفا على «ان المواطن يجد نفسه متروكاً لمصيره في مواجهة جنون الدولار وجشع واحتكار مافيات الخدمات الحياتية والمواد الأساسية، ولم يكن ينقصه الا رفع فاتورة الاتصالات والانترنت ليكتمل التفاف حبل الأزمات حول عنقه الى درجة الإختناق».