IMLebanon

المغرب.. موجة الحر تشعل فتيل حرائق غابات بمدن متفرقة

يسجل المغرب في صيف كل عام حصيلة ثقيلة من حرائق الغابات، لكن هذه السنة تعيش المملكة حالة استثنائية بسبب ارتفاع غير مسبوق في درجة الحرارة، التي وصلت إلى 50 درجة مئوية.

ومع هذا الارتفاع في درجة الحرارة، اندلعت حرائق مهولة، الأربعاء والخميس، في عدد من غابات مدن شمال وشرق المغرب، تسببت في خسائر مادية جسيمة، تمثلت في القضاء على الغطاء النباتي ونفوق الحيوانات والطيور والمواشي، بالإضافة إلى فقدان السكان المجاورين لتلك الغابات لممتلكاتهم ومنازلهم .

وطلبت مدن وزان والعرائش والقصر الكبير (شمال) ومدينة تارة (شرق) الاستعانة بطائرات “كنادير” التابعة للقوات الملكية الجوية، بعد أن تطلبت السيطرة على ألسنة اللهب وقتا طويلا وآليات حديثة.

وعاش سكان إقليم (بلدية) وزان، حالة من القلق والرعب بسبب اندلاع حريق بغابة امزيز الواقعة بين جماعة (بلديتي) زومي ومقريصات، حيث استغرق إخمادها ساعات طويلة.

وقال شاهد عيان في اتصال مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إن الحريق أتى على مساحة شاسعة من الغابات، وظلت ألسنة النيران ملتهبة بسبب ارتفاع درجة الحرارة، التي تجاوزت 47 درجة.

وأضاف أن “الحريق استنفر السلطات المحلية وعناصر القوات المساعدة ومصالح الدرك الملكي، ورجال الوقاية المدنية، الذين سخّروا آليات ومعدات حديثة للسيطرة على الحريق”.

وتابع: “استمرار اشتعال ألسنة الحريق ساعات طويلة، عجّل بالاستعانة بطائرتي (كنادير) من أجل إخماد الحريق، حيث تمكنت من السيطرة عليه، وتبديد مخاوف سكان المنطقة”.

وغير بعيد عن مدينة وزان، شب حريق مماثل، الخميس، بغابة بقبيلة بين يسف وأهل سريف بإقليم العرائش (شمال)، ثم اندلع حريقان آخران في غابات بمدينة القصر الكبير (شمال) وغابات تازة (شرق).

وحسب مصادر موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن هذه الحرائق بدورها أسفرت عن خسائر كبيرة في الغطاء النباتي والحيواني والممتلكات، وتطلب إخمادها الاستعانة بطائرات كنادير.

وأضافت أن السلطات المحلية والمسؤولين ما زالوا يسابقون الزمن لإخماد الحرائق، في كل من تازة والقصر الكبير.

وأكدت المصادر ذاتها، أن مصالح الشرطة القضائية في المدن التي اندلعت بها الحرائق فتحت تحقيقا في الموضوع، للوقوف على وأسباب الحريق، التي حسم أغلب الخبراء أنها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة وتغير المناخ.

ولمزيد من التوضيحات، عزا رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، الخبير البيئي مصطفى بنرامل، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، نشوب تلك الحرائق إلى “ارتفاع درجة الحرارة المفرطة خلال الأيام الأخيرة، نتيجة التغيرات المناخية وسلوكيات متهورة من البشر”.

وقال بنرامل إن الحريق “أتى على عشرات الهكتارات من أشجار العرعار والتين والزيتون، وأجهز على مساحة واسعة من الغطاء النباتي والحيواني”.

كما أشار إلى أن “اندلاع الحرائق خلال فصل الصيف يطال مختلف بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط شمالا وجنوبا على السواء، أصبح أمرا اعتياديا، والمغرب نموذج لذلك، حيث لم تسلم المناطق الشمالية وواحات النخيل جنوبا منها”.

وعزا الخبير البيئي سبب الحريق إلى ارتفاع درجة الحرارة، التي فاقت المعدلات السنوية في المناطق الجبلية بالشمال على وجه الخصوص، وفق تأكيد الخبراء والمتخصصين وكذلك مصالح قطاع المياه والغابات والفرق المتخصصة في إطفاء حرائق الغابات بالمغرب، التي وضعت رهن إشارتها حوالي 8 طائرات كنادير.

وأوضح كذلك أن “أعمال طائشة بفعل تدخل إنساني، سواء سكان المنطقة أو زوارها أو من يستعملون الطريق السيار المحاذي للغابات، من بين الأسباب التي أدت إلى اندلاع النيران”.

ومن أجل مواجهة ظاهرة توالي الحرائق في الصيف، دعا بنرامل السلطات المعنية والقطاع الوصي على المياه والغابات إلى “التدخل ووضع استراتيجية للتوعية، وتعزيز قدراتها على الصعيد الوطني بشكل عام، مع حضور الخصوصية المجالية بشراكة مع مختلف وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، للتعريف بأخطار الحرائق، وأثرها على المحيط البيئي والسكان والاقتصاد المحلي من جهة، والتغيرات المناخية من جهة أخرى”.

من جانبها، قالت الخبيرة في البيئة والتنمية المستدامة، أميمة خليل الفن، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه عند حلول فصل الصيف تشهد عدد من مناطق المغرب حرائق غابات، وفي هذا الصدد دعمت ما أكده بنرامل، قائلة: “يجب على جميع المعنيين وضع استراتيجية وخطة استباقية لمواجهة تحديات تغير المناخ، التي تعتبر السبب الأول في توالي اندلاع الحرائق”.

وأشارت الفن إلى أن تلك الحرائق “تكبد المغرب خسائر مادية كبيرة، بفقدان الغطاء الغابوي الكثيف الذي يضم أصنافا من الأشجار، والحيوانات والطيور، كما تعد هذه الغابات من أهم المواقع الإيكولوجية في المغرب”.