IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي في الواجهة وحظوظ التأليف تتراجع

كتب عمر البردان في “اللواء”:

حتى لو عقد لقاء في الساعات المقبلة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، للبحث في تطورات الملف الحكومي، فإن تصاعد الدخان الأبيض مستبعد تماماً، بعد اتساع الهوة بين الرجلين في ما يتصل بعملية التأليف، في وقت بدا بوضوح أن الانتقادات التي وجهها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للرئيس المكلف دون تسميته، قد رفعت من منسوب التشاؤم بإمكانية ولادة الحكومة في وقت قريب . وهذا ما سيجعل الأمور تراوح في إطار حكومة تصريف الأعمال، حتى انتهاء والولاية الرئاسية في آخر تشرين الأول المقبل

وتعزو مصادر متابعة أسباب التعثر الحكومي، إلى رفض الرئيس ميقاتي، إعادة حقيبة «الطاقة» إلى «التيار الوطني الحر»، حتى لو كلفه ذلك عدم تشكيل الحكومة، لأنه لن يخسر شيئاً، وسيبقى رئيساً لحكومة تصريف الأعمال التي تتمتع بكامل المواصفات الدستورية. وبالتالي إذا كان فريق العهد يريد تشكيل حكومة فعليه أن يوافق على التشكيلة التي قدمها الرئيس ميقاتي إلى رئيس الجمهورية كما هي، أو مع بعض التعديلات الطفيفة، وإلا فليتحمل مسؤولية عدم التأليف .

وهذه الأجواء القاتمة والمرشحة لمزيد من التصعيد، أدخلت عملية تأليف الحكومة في النفق، وباتت أصعب من أي وقت مضى، بعدما ارتفعت حدة الكباش القائم بين العهد والرئيس المكلف، ومع دخول «حزب الله» طرفاً، ما يجعل الملف الحكومي على درجة كبيرة من التعقيد المفتوح على كل الاحتمالات، إلا إذا اقتنع فريق الحكم بالتخلي عن وزارة الطاقة، من أجل مصلحة البلد وفي إطار الحرص على تسيير عمل المؤسسات، وعدم أخذها رهينة لمصلحة هذا الفريق أو ذاك .

وإزاء هذا الواقع، ومع تراجع الآمال على تشكيل حكومة في المدة المتبقية من عمر العهد، يتقدم الاستحقاق الرئاسي بخطى ثابتة، على سائر الملفات السياسية في البلد، حيث بدأت سلسلة مشاورات ولقاءات بين المكونات النيابية والقوى السياسية، لبلورة موقف واضح من هذا الاستحقاق، بالنظر إلى انعكاساته على مستقبل الوضع في البلد، وعلى العلاقات مع الدول العربية والصديقة، وسط مطالبات بأن تكون شخصية هذا الرئيس، تتمتع بعلاقات قوية مع الدول الخليجية، وقادرة على تعزيز الثقة مع الدول المانحة القادرة على إنقاذ البلد من مأزقه»، في وقت أحوج ما يكون لبنان لرئيس، لا يدين بالولاء إلى أحد، سوى إلى بلده، ولا يكون محسوباً على أي محور إقليمي، لأن ذلك سيُبقي الأزمة تراوح، دون انفراجات مع الأشقاء والأصدقاء .

وفي حين تتجه الأنظار إلى قمة جدة الأميركية العربية، فإن هناك تعويلاً داخلياً على أن تعطي هذه القمة مؤشراً للمسار الذي ستسلكه الانتخابات الرئاسية، وما يتصل بصفات الرئيس الجديد، باعتبار أن البطريركية المارونية المعنية الأساسية بهذا الاستحقاق، تريد رئيساً، صديقاً للدول العربية وتحديداً الخليجية، وحريصاً على أفضل العلاقات معها، ومع الدول الأجنبية، في إطار احترام سيادة واستقلال لبنان، لا أن يكون البلد تابعاً لأي طرف خارجي. لأن أي رئيس طرف، لن يتمكن من إنقاذ البلد، لا بل إنه سيفاقم الأزمة ويبقي الوضع على تأزمه .

وفي هذا الإطار، تستكمل المشاورات بين النواب السياديين والتغييرين، سعياً من أجل التوافق على مرشح للرئاسة، يمكن من خلاله مواجهة مرشح الفريق الآخر المتوقع أن يكون رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، أو على الأقل في حال لم يحصل هذا التوافق، التكتل لمنع وصول مرشح «حزب الله» إلى الرئاسة الأولى، ما يعني استكمال العهد السابق الذي أوصل لبنان إلى جهنم وأصاب مؤسساته بالشلل والتعطيل على مختلف المستويات، وأذاق شعبه الذل والهوان .

وسط هذه الأجواء السوداوية، تبقى مؤسسة الجيش اللبناني هي نافذة الرجاء الوحيدة، والتي لا زالت تحظى بالدعم العربي والدولي، حيث أكد الوفد العسكري الأميركي الذي زار لبنان في الساعات الماضية، لقائد الجيش العماد جوزف عون، أن واشنطن ملتزمة التزاماً كاملاً بدعم الجيش اللبناني، وتعزيز إمكاناته على كافة الأصعدة، ليتمكن من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، وأن هناك برنامج مساعدات شاملاً للمؤسسة العسكرية اللبنانية، سيُعلن عنه في وقت لاحق، في سياق الدعم الأميركي المتواصل للجيش. كذلك عُلم أن دولاً عربية أبدت استعدادها لتوفير مساعدات لعناصر الجيش في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها، بعدما قدمت قطر 60 مليون دولار .