IMLebanon

نفق الناقورة خارج نفق الترسيم البحري

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

من أمام نفق الناقورة أعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية قبل ثلاثة أيام أن هذه الأرض ملك لوزارة الأشغال العامة ويجب أن نستعيدها، في توقيت سياسي حساس وبالغ الأهمية. طرح حمية استعادة نفق الناقورة المحتل من العدو للاستفادة منه سياحياً. ففي الجانب الفلسطيني المحتل، تنتعش المنطقة سياحياً وتعجّ بالمنتزهات والمحميات الطبيعية وهو ما دفع بحمية للقول «سنحوّل المنطقة إلى مركز استقطاب سياحي لافت».

فهل سيخلط نفق الناقورة أوراق التفاوض حول الحدود البحرية؟ أم لا علاقه له وهو مجرد مطالبة بحقوق معتدى عليها؟

وفق الدكتور أمين حطيط، لا علاقة لنفق الناقورة بترسيم الحدود البحرية التي تنطلق من راس الناقورة، وبالتالي قرار الوزير حمية يندرج تحت حق لبنان باستعادة النفق الذي تحتله إسرائيل.

دخل نفق الناقورة الذي كان جزءاً من خط سكة الحديد التي تربط فلسطين المحتلة بلبنان الى سكة المطالبة بحقوق لبنان المعتدى عليها من العدو الإسرائيلي، والتي لا تقل أهمية عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقرى السبع.

قليلة هي المرات التي سُلط الضوء على نفق الناقورة، البلدة التي دخلت التاريخ السياسي اللبناني من بوابة البلوك رقم 9 والنزاع الكبير حوله، بحيث لم يتوصل لبنان حتى الساعة الى وضع صيغة نهائية لحدوده البحرية التي تتجه من الحدود البرية نحو البحر بنحو 12 ميلاً وباتجاه المنطقة الاقتصادية 200 ميل.

حتى الساعة ما زال الصراع قائماً بين الخط 23 والخط 29 وبينهما قد تضيع الفرصة الأخيرة للبنان باستخراج ثروته الغازية والنفطية، في وقت تحتاج القارة العجوز إلى غازه الطبيعي في ظل الحرب الروسية الاوكرانية.

دكتور الإنشاءات البحرية يوسف حمزة يؤكد أن حدود لبنان جنوب الخط 29 معتمداً على عدة دراسات ووثائق تاريخية، لافتاً الى أن لبنان بلد نفطي منذ 1947 حين كانت الشركة العراقية بدأت حفر 7 آبار نفط في لبنان «الهرمل، البترون، عدلون وغيرها»، غير أن الكلفة العالية لاستخراجه بحسب حمزة دفعت الى التوقف، ما يعني بنظره أن لبنان بلد نفطي منذ زمن طويل، غير أن هناك من يعطل فرصه بالاستفادة من ثرواته.

يجزم حمزة كما حطيط أن نفق الناقورة لا يغير في معادلة ترسيم الحدود البحرية، فهو لا علاقة له بها، بل يبتعد بحسب حطيط حوالى 150 الى 200 متر عن راس الناقورة، النقطة الرئيسة في الترسيم.

ويضع حطيط مطالبة الوزير حمية والدولة اللبنانية بالحقّ به في هذا التوقيت في إطار تدعيم لبنان بنقاط قوة في ظل التفكك الداخلي السائد في لبنان.

يعلق اللبناني آماله الكبيرة على الغاز الطبيعي لأنه يراه خلاصه من أزماته الاقتصادية، أزمات أبعدت السياسيين كثيراً عن مسار البحث في التنقيب عن النفط والغاز، ففي كل مرة يجري الحديث عن جدية لبنانية بالتنقيب ينفجر الوضع داخلياً أو خارجياً، وبحسب حمزة نفسه فإن الدولة اللبنانية لا تتمسك بحقوقها بل تتقن فن التعطيل، لانه كما يقول «تحصل على عمولة محرزة».

قد يكون نفق الناقورة حرَّك الملفات العالقة ومنها الترسيم الذي ينتظر عودة المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين لبتّه، ورغم أن مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم أكد وجود معطيات ايجابية حول الترسيم خلال أسابيع، يبدو أن الملف سيبقى عالقاً الى أجل. وفق حمزة فإن الخلاف اليوم هو حول الخطوط رغم تأكيده أنه جنوب الخط 29 لافتاً الى أن ما نملكه داخل حدودنا البحرية هو حق لنا، أما في المنطقة المشتركة فيتم الاتفاق عليه وهو يختلف عن الحدود، ما يعني برأي حمزة أن الحدود شيء والنزاع على المنطقة المشتركة شيء آخر، وهنا تضيع الطاسة وفق رأيه، بل يقول «ما هو إلا زوبعة في فنجان لا أكثر، لان الوسيط الاميركي هو صديق لدود للعدو وبالتالي كيف يكون الوسيط صديقاً لأحد الأطراف؟».

لطالما كان الصراع بين لبنان والعدو الاسرائيلي على المياه، فهو اجتاح لبنان لأجل المياه التي يستفيد منها تحديداً مياه الحاصباني، واليوم دخل النفط والغاز على خط النزاع القائم، واستعر أخيرا بالنظر الى أهميته في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها العالم، فأوروبا تحتاجه بديلاً عن الغاز الروسي، وعليه يؤكد حمزة أن لدى لبنان فرصة ذهبية يجب الاستفادة منها والكثير من عناصر القوة، ولكن هل يستغلها؟».

حكماً نعيش مرحلة دقيقة جداً، والعيون تتجه نحو الترسيم وما بعده، ولعلّ معادلة المقاومة الجديدة ما بعد وبعد كاريش قد تكون القشة التي تدفع نحو التوصل الى حل، خاصة أن أطماع العدو كثيرة، فهي تريد إبعاد لبنان عن خط الترانزيت وتحويل التجارة نحو مرفأ حيفا، وبالتالي فإن أي تقصير أو تقاعس في هذا الملف قد يجرّ لبنان الى مزيد من الويلات.