IMLebanon

تحضروا… الانفجار الاجتماعي يقترب!

كتب حسين زلغوط في “اللواء”: 

مؤشران حصلا بالأمس كانا ابلغ دليل على ان لا تأليف حكومة في المدى المنظور، وربما لا حكومة على الاطلاق حتى نهاية العهد. المؤشر الأول يتمثل بعدم زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي العائد من زيارته الخاصة في الخارج إلى قصر بعبدا، والمؤشر الثاني هو عدم دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس ميقاتي للقاء به، أو على الاقل تحديد موعد للزيارة، وهذا يعني بشكل واضح ان القطيعة لا تزال قائمة بين «القصر» و«السراي»، وأن أياً من الفريقين لم يتراجع عن موقفه بما خص عملية تأليف الحكومة.

وما يعزز المعطيات بأن لا حكومة جديدة، وأن حكومة تصريف الأعمال ستتصرف على انها حكومة مكتملة الاوصاف، هو عدم بروز اي مؤشر يوحي بإمكانية تدخل طرف سياسي داخلي لتقريب وجهات النظر، او امكانية إيفاد أي دولة معنية بالملف اللبناني موفداً لها يحمل افكاراً او صيغاً من شأنها ردم الهوة الموجودة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف والذهاب إلى تأليف حكومة، كما ان هناك معطى آخر له دلالاته الواضحة حول صعوبة التأليف وهو ذهاب المجلس النيابي باتجاه التشريع في ظل حكومة تصريف اعمال حيث ان الرئيس نبيه بري الذي ترأس اجتماعاً اول لهيئة مكتب المجلس امس الاول بصدد الدعوة إلى جلسة تشريعية عامة مطلع الاسبوع المقبل، وعلى جدول اعمالها العديد من البنود الملحة ومن بينها تلك التي يطالب باقرارها صندوق النقد الدولي في اطار العملية الاصلاحية التي ينتظرها ليقدم على اساسها يد المساعدة للبنان لإخراجه من ازماته.

وإذا كان البعض من المطَّلعين على المسار اليومي للحراك السياسي ما زال لديهم الانطباع بأن الوقت المحدد للتأليف لم يأفل بعد، وأن الوقت ما زال متاحاً لتأليف الحكومة الجديدة، فإن الخلاف الموجود بين الرئيسين عون وميقاتي يعكس مناخات معاكسة خصوصاً وأن الرئيس المكلف ما زال يصر على ان يسمع من رئيس الجمهورية اجوبة عما حمله اليه في الزيارة الاولى التي اعقبت الاستشارات النيابية حيث إن الرئيس عون لم يرسل إليه أية ملاحظات على التوليفة الحكومية التي أودعه إياها في ذاك اليوم، وهذا السلوك الرئاسي ما زال يستفز الرئيس ميقاتي الذي اخذ خياره بأن يرأس اجتماعات مجلس الوزراء بالمفرق، أي انه يجتمع بالوزراء المعنيين بأي ملف مطروح او ملح ويأخذ القرار بشأنه على غرار ما حصل بالأمس في ما خص القطاع العام، وهذا الأمر حكماً سيتكرر ما دامت خطوط التواصل باردة او مقطوعة مع الرئاسة الاولى.

وعلى الرغم من ان الوضع الاقتصادي وكذلك مسألة ترسيم الحدود البحرية، يضغطان بشدة على الواقع اللبناني، فإن عجلة التأليف مكربجة بالكامل، بما يطرح السؤال ما اذا كان لبنان قادرا على مواجهة التحديات التي تواجهه على اكثر من صعيد في ظل هذه التوترات السياسية، وغياب حكومة قادرة على اخذ القرارات، حيث إن بقاء لبنان في مدار النكد والاشتباكات السياسية اليومية يضعف موقفه تجاه الملفات ذات الصلة بالخارج، وكذلك يجعله عاجزاً بالكامل عن مواجهة التحديات والازمات في الداخل، بشكل يجعل الخوف من الانفجار الاجتماعي الواسع مبرراً، خصوصاً وأن المؤشرات الاولية لمثل هكذا انفجار بدأت بالظهور يومياً من خلال فقدان بعض المواد وانتشار ظاهرة النشل والسلب بقوة السلاح، وكذلك القتل من دون أي رادع.

وانطلاقاً من هذا المشهد السياسي غير المشجع على الاطلاق في امكانية سلوك لبنان طريق التعافي السياسي والاقتصادي قريباً، فإن أوساطاً سياسية مطلعة ترى ان مسألة التأليف لم تعد اولوية على الرغم من اهميتها، حيث إن الأطراف السياسية تبدو غير مستعجلة لإنجاز هذا الاستحقاق، وأن ما يشغل بالها هذه الفترة هو الاستحقاق الرئاسي الذي على ما يبدو بدأت المعركة بشأنه تحتل المشهد السياسي وتتقدم على ما عداه من ملفات، ولا سيما ملف التأليف من دون الاخذ بعين الاعتبار مخاطر تداعيات إبقاء الوضع الحكومي على مراوحته القاتلة على مجمل الوضع اللبناني.

ورأت هذه الأوساط ان القطيعة الموجودة بين بعبدا والسراي الحكومي تضع البلد ومعه الناس في وضع لا يحسدان عليه، ولا سيما أن الملفات المفتوحة تتطلب وجود مناخات سياسية هادئة لمقاربتها، وفي حال استمر الوضع على هذا المنوال فان الأزمات الموجودة ستزداد تعقيداً.

وعما اذا كان الافق الداخلي المسدود بات يتطلب دخولاً خارجياً على خط المعالجات، تسارع الاوساط السياسية إلى التأكيد بأن لا معطيات جدية تؤكد امكانية دخول اي طرف خارجي على خط الأزمة السياسية الموجودة، وأن عدداً من السفراء الذين تم الاستفسار منهم حول هذا الأمر جاءت اجاباتهم غير مشجعة، وأن هناك شبه إجماع على ضرورة ان يعالج اهل لبنان ازماتهم بأنفسهم باعتبار ان الملف اللبناني، اقله في الوقت الراهن، ليس اولوية امام ما تعج به المنطقة من ملفات ضاغطة ومشاكل، مستبعدين وصول اي موفد دولي إلى لبنان للعمل على المساعدة في تأليف الحكومة، وانه وإن حصل أن جاء اي موفد دولي فان عمله سيقتصر على الشأن الاقتصادي والاجتماعي بعيداً عن الواقع السياسي الموجود.