IMLebanon

التفاف وطني حول بكركي… والراعي لا يهادن!

كتب عمر البردان في “اللواء”:

في الوقت الذي يغرق لبنان أكثر فأكثر في بحر أزماته المتراكمة وما أكثرها، يظهر بوضوح أن المسؤولين عاجزون عن القيام بأدنى الواجبات تجاه الشعب الذي يئن من الفقر والعوز. بعدما لم يعد اللبناني قادراً حتى عن تأمين رغيف الخبز، بعد فقدان مادة الطحين من الأسواق، في حين دقت نقابة مستوردي المواد الغذائية، ناقوس الخطر جراء الخلل الكبير الحاصل في عملية إخراج البضائع من مرفأ بيروت وتكدس حاويات الغذاء في باحاته والتي تجاوز عددها الألف حاوية، والخوف من إصابة سلاسل إمدادات الغذاء إلى لبنان بالضرر الشديد. بالتوازي مع استمرار إضراب موظفي الإدارات العامة، وما لذلك من انعكاسات بالغة السلبية على صعيد سير عمل المؤسسات الرسمية. ولا يبدو حتى الآن أن الحلول التي تم اقتراحها في الاجتماعات التي عقدت، قادرة على وقف هذا الإضراب، بما يعيد الموظفين إلى مراكز عملهم .

وفي خضم هذه الأزمات التي تعصف بالبلد، فإن لبنان ينتظر عودة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم البحري أموس هوكشتاين آخر الأسبوع، من أجل البحث في استئناف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، حيث أن الأجواء باتت مهيأة للعودة إلى مفاوضات الناقورة، بعد التطورات الإيجابية التي حصلت على هذا الصعيد، والتي نقلتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى المسؤولين، بالرغم من تصعيد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله ضد إسرائيل. إذ تكاد تجمع المواقف على أن هناك استعداداً مشتركاً من أجل حل ملف الترسيم، في ظل التزام أميركي بدعم الطرفين اللبناني والإسرائيلي من أحل التوصل إلى هذا الحل .

وفيما أكد رئيس الجمهورية ميشال عون «التزام لبنان القرار 1701 في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل خرق السيادة اللبنانية جواً وبراً وبحراً، على رغم المراجعات اللبنانية المتتالية للامم المتحدة لوضع حد للممارسات الاسرائيلية»، فإنه كشف عن عودة الوسيط هوكشتاين إلى بيروت نهاية الأسبوع، للبحث في آخر التطورات المتصلة بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في حين اعتبر نائب رئيس مجلس النواب النائب إلياس بو صعب أن «الخط 29 خيار، وأنه «رفض تسميته بالخط التفاوضي لأنّها تعني إسقاطه إلا أنّه ما زال خياراً من الخيارات التي يتم العمل عليها.»

وقد لفت بوصعب، إلى أن «لبنان يفاوض في ملفّ الترسيم من موقع قويّ وهذا يُعطي أملاً بأنّه يمكن أن نصل إلى حل» وكشف، أن «هناك جواً إيجابياً في مفاوضات الترسيم ويمكن الوصول إلى حلّ والأهم أننا لن نتخلى عن أي حق من حقوقنا».وهذا الكلام برأي أوساط سياسية، يشير إلى أن موضوع الترسيم قد وضع على السكة، وأن الأيام المقبلة ستشهد تطورات مشجعة على هذا الصعيد، في ضوء ما سيحمله معه الوسيط هوكشتاين.

وفي الوقت الذي لا يزال ملف توقيف المطران موسى الحاج يتفاعل، وبعد الرسائل المباشرة التي بعث بها البطريرك بشارة الراعي إلى «حزب الله» ومن يقفون خلفه، دعت أوساط روحية مسيحية قريبة من بكركي «حزب الله» إلى «إعادة قراءة مواقفه تجاه البطريركية المارونية، وإجراء مراجعة نقدية شاملة لممارساته التي لا تتماشى مع خيارات معظم اللبنانيين»، مشددة على أن «أحداً لا يمكنه تجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها بكركي، وأن المسيحيين لا يمكنهم أن يسمحوا لأحد بالتعرض للبطريركية المارونية وسيدها»، ومشيرة إلى أن «هناك التفافاً مسيحياً ووطنياً واسعاً حول الكنيسة المارونية، ظهر بشكل واضح في الحشود من مختلف المناطق اللبنانية التي أمت الديمان، دعماً للبطريرك الراعي، ورفضاً للتعرض إليه، بعد توقيف المطران الحاج» .

وفيما استمر توافد الداعمين لمواقف البطريرك الراعي إلى الديمان، نقل زوار المقر الصيفي للبطريركية المارونية، أن «البطريرك على موقفه الثابت والرافض لأي استهداف لرأس الكنيسة المارونية من أي جهة كان»، مشددين على أن «البطريرك الراعي حازم في موقفه بما يتصل بقضية المطران موسى الحاج، وأنه لا يهادن في هذا الملف، ومصرٌّ على أن يستعيد المطران الحاج كل ما كان في حوزته» .

وأشار الزوار، إلى «اتساع حملة التضامن مع بكركي في مواجهة ضغوطات حزب الله، في ظل استهجان كبير لسكوت العهد بكافة رموزه، عما تعرض له المطران الحاج، وما شكل ذلك من إساءة مباشرة إلى البطريرك الراعي شخصياً»، مؤكدين أن «توقيف المطران الحاج، إنما جاء بقرار سياسي، لإيصال رسالة إلى البطريرك الراعي، لكن فاتهم بحسب الزوار أنها وصلت إلى العنوان الخطأ، باعتبار أن أحداً لا يمكنه أن يتعامل مع أعلى مرجعية مسيحية بهذه الطريقة، وأن المسيحيين لا يمكن أن يتهاونوا مع أي إساءة لمرجعيتهم الدينية، لا من حزب الله أو من غيره» .