IMLebanon

تحقيقات مرفأ بيروت… تعطيل متعمّد ومسرح الجريمة غير محمي

كتب جوني فخري في “العربية”: 

عامان مرّا على جريمة انفجار مرفأ بيروت الذي صُنّف ثالث أقوى انفجار في العالم، والتحقيقات فيه معطلة بإرادة المنظومة الحاكمة، والسياسيون المتهمون عادوا إلى البرلمان بعد انتخابهم نواباً وأصبحوا أعضاء في لجنة العدل.

8 أشهر والتحقيقات بالانفجار التي يتولاها المحقق العدلي طارق البيطار معلقة بعدما أمطره المدعى عليهم بطلبات الرد التي زادت عن 21 من قبل وزراء سابقين ونواب حاليين وبعض الموقوفين.

وفي هذا السياق، قال مقرر مكتب الادعاء الخاص بتفجير المرفأ، المحامي شكري حداد لـ”العربية.نت”: “إن عودة التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت رهن توقيع قرار التشكيلات القضائية وملء الشواغر في المحاكم بشكل قانوني، بالإضافة إلى تقديم اقتراح قانون في المجلس النيابي لتعديل أصول المحاكمات المدنية، لأنه لا يجوز لمدّعى عليه أن يكون بيده سلطة توقيف القاضي للنظر بملف له علاقة به”.

كما أضاف أنه “يجب الضغط باتجاه توقيع التشكيلات القضائية كمرحلة أولى ثم البت بقانون استقلالية القضاء لمنع التدخلات السياسية في شؤونه”، معتبراً أن “التعاون الدولي بملف انفجار مرفأ بيروت ضئيل”.

يأتي ذلك فيما يقف ذوو ضحايا الانفجار عاجزين عن تحقيق العدالة، ويحملون السلطات الرسمية مسؤولية عرقلة التحقيقات.

وقال وليام نون، شقيق الضحية في فوج إطفاء بيروت جو نون لـ”العربية.نت”: “سنقوم بكل ما يلزم من أجل استئناف التحقيقات. نحن نعلم أن هذا الأمر ليس سهلاً لكن ليس مستحيلاً”.

كما أشار إلى أن “التشكيلات القضائية باتت عند رئيس مجلس القضاء الأعلى، ونأمل توقيعها سريعاً من أجل عودة التحقيق”.

وبسبب كثرة العراقيل التي وضعت أمام المحقق العدلي، يعمل أهالي الضحايا على تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تكون مهمتها مؤازرة عمل القاضي طارق البيطار وتقديم الدعم له.

كذلك لفت نون إلى أنه “لا تواصل من جانبنا كأهالي ضحايا مع القاضي طارق البيطار، بسبب طلبات الرد التي كفت يده عن التحقيق، ولا نريد أن نزيد الضغط عليه”، مضيفاً أنه “لو لم يكن عمل القاضي بيطار صحيحاً لما تعرض لكل هذا الضغط ورُفعت بوجهه طلبات رد عديدة. هو يقوم بعمله على أكمل وجه ونأمل أن يستكمل التحقيقات قريباً”.

كما أردف: “صحيح أنهم استطاعوا “تجميد” عمل المحقق العدلي تماماً كما هدد مسؤول في حزب الله بـ”قبعه”، لكنهم فشلوا في إزاحته عن الملف، وهو سيعود إلى استئناف عمله قريباً”.

ومنذ أن طلب المحقق العدلي الاستماع إلى مسؤولين سياسيين وأمنيين يُرجح ضلوعهم بالانفجار، حتى فُتحت بوجهه معركة سياسية كان رأس الحربة فيها حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله، الذي وصف عمل القاضي طارق البيطار بـ”المسيّس”، داعياً إلى إقالته، وهو ما استغربه كثيرون في وقت لم يستدع المحقق العدلي أياً من المسؤولين في حزب الله للتحقيقات وإنما شخصيات سياسية حليفة له.

من جهتها، اعتبرت الباحثة المتخصصة بالشأن اللبناني في منظمة العفو الدولية سحر مندور أن “مسار التحقيقات كارثي وأصبح شكلياً، وهو مجمّد منذ أكثر من ثمانية أشهر لسببين: الأول طلبات الرد المستمرة بوتيرة منتظمة وتطال إلى جانب القاضي طارق البيطار قضاة آخرين على علاقة بالتحقيقات، والثاني مرتبط بمسألة الحصانات، إذ لم يستطع المحقق العدلي استجواب ضباط رفيعي المستوى ولا أعضاء في السلطتين التشريعية والتنفيذية”.

وبالإضافة إلى هذين السببين، تحدثت مندور لـ”العربية.نت” عن مسرح الجريمة أي موقع انفجار مرفأ بيروت، قائلة: “نحن لا نعرف إذا هو محمي من العبث به، ومن يدخل إليه ومن يجمع الأدلة”، لافتة إلى أن “هناك حريقين اندلعا في المرفأ بعد تفجيره لم نعرف سببهما”.

وحتى الآن ترفض شركات التأمين دفع تعويضات للمتضررين قبل صدور الحكم النهائي وتحديد أسباب الانفجار.

كذلك أسفت مندور لأنه “حتى الآن لا قرار بالمحاسبة. فعلى رغم ضخامة انفجار مرفأ بيروت والأضرار البشرية والمادية الهائلة التي خلّفها، إلا أن مسار التحقيقات الشكلية فيه يبدد الأمل بالمحاسبة”.

ومنذ أسبوعين، اندلع حريق في الجزء الشمالي من إهراءات القمح رجّح خبراء سببه بأنه نتيجة عملية تخمير الحبوب في داخله منذ عامين وارتفاع درجات الحرارة. وعصر الأحد انهار جزآن من الجهة الشمالية الأكثر تضرراً بالانفجار، كما انهارت 4 صوامع جديدة الخميس.

وفي هذا السياق، أوضحت مندور أن “الجسم الوحيد الذي حمى جزءاً من بيروت أي إهراءات القمح، فقد القدرة على التماسك”، قائلة: “مُحزن جداً ما يحصل”.

كذلك أكدت: “نحن كمنظمة عفو دولية، دعونا مجلس حقوق الإنسان في جنيف لإرسال بعثة تقصي حقائق إلى لبنان، وسنتابع هذا الطلب ونعرضه خلال جلسة المجلس المقررة في أيلول المقبل”، لافتة إلى أن الجمود “المُرعب” للتحقيق المحلي لا بد سيدعم هذا الطلب.

يشار إلى أن تعطيل التحقيق أدى لتعطيل إحدى أعلى محاكم القضاء أيضاً. ويبدو أن القوى السياسية مستعدّة لتعطيل العدالة بالمطلق، لحماية المتورطين بجريمة قضى فيها أكثر من 200 شخص وجُرح الآلاف، فيما يعيش بعضهم على آلات طبية اصطناعية منذ ذلك الحين.