IMLebanon

اندفاعة ميقاتي بعد سبات: بري ونصرالله والفرنسيون!

كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”:

السؤال البديهي، في ضوء التراخي الزمني الطويل، ما الذي حدا بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي العودة الى طاولة التفاوض الحكومي؟
الواضح ان ميقاتي يقرب من التأليف من غير أن يريد. يقترح مسودة لا يريدها أن تتحوّل بيضاء. يعيد الكرّة بعد يُتمِ الـ45 يوما، من غير أن تحمل كرّته ما يشي باختراق في التأليف، فيما فريقه يوزّع تهم التعطيل، قافزا فوق حقيقة واحدة وحيدة: ميقاتي نفسه أبلغ وزراءه قبل التكليف أنهم باقون معه، سويّة، في السراء والضراء، وأنه ليس في وارد التأليف ما لم يكن تأليفا على هواه.

لكن ما الذي دفع بميقاتي الى إعادة تحريك المياه الحكومية الراكدة بعد شهر ونصف شهر من التعطيل ونبذ أي جهد للتأليف تحت ستار رحلات الاستجمام البحرية؟
في المعطيات أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو عرّاب المحاولة الميقاتية الجديدة، وهو الدافع الى إعادة إطلاق المشاورات الحكومية، بعدما لاح له وتراءى أن مسار إيصال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة، وهو مرشّحه الأساسي والوحيد، لم يكن يوما بهذه الصعوبة التي بات عليه اليوم نتيجة عوامل عدة ليس أقلّها عدم توفر الدعم المسيحي الوازن له. فأبدى في الأيام القليلة الفائتة رغبة في إعادة الخوض في إختبار التأليف على قاعدة الجدّية هذه المرة. لذلك هو تشاور مع رئيس الحكومة المكلّف من أجل إعادة إحياء المسعى الحكومي مع رئاسة الجمهورية.
من الواضح أن الفراغ راهنا أكثر وطأة على بري من أي ثمن آخر. هو لا يرغب في أن يكون تحت ضغط فراغ حكومي وآخر رئاسي في حال تعقّدت الإنتخابات ولم تذهب نتيجتها الى فرنجية.

لم تنجح فتاوى غبّ الطلب في رفد الحكومة المستقيلة بأي حيثية وجودية، فكيف لها والحال هذه أن تُمنح صلاحيات رئاسة الجمهورية عند الفراغ. أصلا من سعوا مع المرجع الدستوري حسن الرفاعي إلى استصدار فتوى لإعادة إحياء العظام الحكومية وهي رميم رغبة في أن تتنكّب الحكومة المستقيلة مهام الرئاسة، سبق أن أفتى في 23 كانون الأول 2013 ببطلان هذا الأمر بطلانا بائنا. إذ قال: « كلّا إطلاقاً، فهذه الحكومة (المستقيلة) تُعتبر، بعلم الفقه، حكومة عاجزة، والميت لا يمكن أن يقوم مقام حيّ، فلا بدّ من حكومة تحظى بثقة المجلس النيابي ويصدر مرسوم بتأليفها وفقاً لمقتضيات الدستور».
وثمة من يقول تأسيسا على القاعدة القانونية «الموتى لا يرثون»: اذا كان ميقاتي يعول على أن يرث صلاحيات رئاسة الجمهورية، عليه أن يدرك أن من فقد الصلاحية في ٢٢ أيار ٢٠٢٢ (مع بدء الولاية الجديدة لمجلس النواب، واستتباعا استقالة حكومة ميقاتي)، لا يمكن له أن يرث من تنتهي صلاحياته في ٣١ تشرين الاول.
بذلك، يكون رئيس مجلس النواب قد تيقّن من استحالة أن ترث رئاسةَ الجمهورية حكومةٌ ميتة دستوريا وشرعيا وسياسيا وميثاقيا وشعبيا.

نتيجة كل ذلك، تحيّن ميقاتي عيد انتقال السيدة العذراء ليتصل برئيس الجمهورية معايدا، علما أنه من غير المعتاد أن يتبادل المسيحيون التهنئة بهذا العيد. بذلك تصيّد الرئيس المكلف فرصة، فكان أن دعاه رئيس الجمهورية الى بعبدا للسؤال عن مآل مهود التأليف المعلّق منذ أكثر من 40 يوما على حجّة إنتظاره موعدا من القصر.
يعتقد مطلعون أن مجموعة عوامل تكوّنت لتجعل ميقاتي يعاود تحريك التشاور. لا شك ان طلب بري هو الأساس، لكن أيضا لا يفوت الضغط الفرنسي عليه. وسبق لمنسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان أن حذّره، كما المسؤولين، من مغبّة تأثر البرنامج مع صندوق النقد بأي تعقيدات سياسية إضافية من مثل عدم قدرة حكومة مستقيلة على توقيع هذا الإتفاق، فكيف الحال متى دخل لبنان في فراغ رئاسي، حينها تتقلص فرص الإنقاذ لا بل تنعدم.ويرى هؤلاء المطّلعون ان عاملا إضافيا دفع ميقاتي الى التحرك الحكومي، ويتمثّل بكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعاه الى «تشكيل حكومة قوية وبصلاحيات مكتملة». وهذه رسالة مكتملة المواصفات والعناصر لا يمكن لرئيس الحكومة المكلّف غض الطرف عنها.