IMLebanon

“الطعون” تَمتحن “الدستوري”… بين الإبتزاز والفولكلور!

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

ترافق الاعتكاف المفتوح للقضاة جرّاء عجزهم عن الوصول إلى المحاكم الموحشة للقيام بعملهم وفق ما ورد في بيانهم، مع توارد معلومات عن تدخلات سياسية تُمارس على أعضاء من «المجلس الدستوري» لحثهم على إبطال نيابة عدد من النواب «المعارضين» لقوى «8 آذار» وإعادة تعويم عدد من المرشحين الراسبين المنتمين إلى صفوفهم، على أبواب سلسلة من الإستحقاقات الدستورية التي يراهن «العهد» على الإستئثار بـ «حصة الأسد» منها قبل انقضاء ما تبقى له من أيامٍ في بعبدا.

القضاء الذي يحتجز الرئيس ميشال عون تشكيلاته القضائية في بعبدا، كما فعل وزير المالية يوسف الخليل مع مرسوم تعيين رؤساء غرف محاكم التمييز لمنع هيئتها العامة من الإنعقاد والبتّ في طلبات الرد ومخاصمة الدولة المعرقلة لاستكمال التحقيق في ملف المرفأ وعمل المحقق العدلي طارق البيطار، يطرح العديد من المخاطر حول الجهة المخولة الولوج إليها لرفع الظلامة عن أيٍ كان، بعد تمادي القوى السياسية في تعطيل السلطة القضائية التي رفضت «تجريد القاضي من كل شيء ومطالبته بالقيام بكل شيء وتحميله مسؤولية كل شيء أيضاً» وفق بيانهم.

النائب مسعد: الطعون «فولكلورية»

وفي السياق، توقف النائب شربل مسعد حول ما يثار عن تدخلات سياسية قد تفقده مقعده النيابي لصالح النائب السابق إبراهيم عازار، مشدداً لـ»نداء الوطن» على أنه لا يتابع مسار الطعن ولا يسمح لنفسه بالتدخل في عمل القضاء، تحديداً بعد خوضه الإنتخابات النيابية من أجل التغيير وإبعاد التدخلات السياسية عن القضاء وصولاً إلى المساهمة في إقرار القوانين التي تضمن إستقلالية سلطته، مؤكداً في الموازاة ثقته في القضاء اللبناني تحديداً وأن الطعون «فولكلورية» لا تستند الى دلائل واقعية إنما تنطلق من خلفيات سياسية لأحزاب وسياسيين يرفضون الإعتراف بالخسارة.

ولفت إلى أن نجاح التدخلات السياسية مع «المجلس الدستوري» يؤدي إلى «نعي لبنان»، داعياً القضاة إلى «الثورة» على السياسيين الفاسدين الذين يحاولون بشتى الطرق الضغط عليهم ومصارحة الرأي العام بذلك، كما إصدار القرارات باسم الشعب اللبناني وليس باسم السياسيين الذين يمارسون شتى أنواع الضغوط عليهم. وتوقف مسعد عند تاريخ مقدمي الطعون، جرّاء تسخيرهم الوزارات والمال العام والصناديق في حملاتهم الإنتخابية، قبل تجرّئهم على الطعن به وزملاء له مؤكداً أن مكانهم الطبيعي وراء القضبان وليس عبر إعادتهم إلى المجلس النيابي.

النائب الحاج: لحماية «المجلس» من الإبتزاز

ولم يخفِ النائب رازي الحاج أن السياسة تدخل في كل شيء وهي تلاقي النوايا المبيّتة لدى أطرافٍ سياسية من أجل التأثير في نتائج الطعون المرتبطة بالنواب المعارضين، وصولاً إلى إمكانية تخطي الضغط على القضاء من أجل إضعاف «المعارضة» كما حصل في السابق عبر الإغتيالات التي شهدها لبنان بعد العام 2005، مؤكداً لـ «نداء الوطن» أن معركتهم في التصدي لهذا النهج مستمرة. ومع تأكيده أن موقفه الدائم يترجم عبر مطالبة «المجلس الدستوري» بالمحافظة على استقلاليته بعيداً عن التدخلات السياسية التي رافقت تعيين أعضائه، شدد على أن قيام الدولة ونظام المحاسبة لا يصحان من دون تحقيق إستقلالية السلطة القضائية. ودعا إلى رفع الصوت والمطالبة بعدم ضرب هيبة آخر مؤسسة قضائية ودستورية ذات طابع وطني، مهيباً بقضاة «المجلس» متابعة الطعون بطريقة علمية وتقنية بعيداً عن الإبتزاز السياسي الذي يمارس من قبل الأطراف التي ساهمت في إنتاجه أو تعيين بعض أعضائه.

وشدد الحاج على أن الزمن الإنحداري للدولة اليوم وتحلل مؤسساتها يتطلبان المحافظة على «المجلس الدستوري» كركن تأسيسي في إعادة إنتظام مؤسسات الدولة وتطبيق القوانين والسهر على احترام الدستور.

المحامي جوزيف أبوفاضل: حوّلوا القضاء إلى «قضاءات»

وفي سياق متصل، أوضح المحامي جوزيف أبو فاضل لـ «نداء الوطن» أن اعتكاف القضاة أتى بعد رسالة الرئيس ميشال عون لهم، حيث أظهر أن القرارات المتخذة من قبله تصبّ في مصلحة الوزير جبران باسيل بعيداً عن هموم الشعب والسلطة القضائية التي تحولت إلى «قضاءات» في عهده خلافاً للمواقف السابقة التي كانت تصدر عنه قبل انتقاله إلى بعبدا، مشيراً إلى أن ما يثار عن تدخلات مع أعضاء من المجلس الدستوري مرتبط بتعيين 5 قضاة من قبل رئيس الجمهورية، قاضيين برضى «الثنائي الشيعي» وقاضيين من الطائفة السنية وآخر من الطائفة الدرزية.

ورأى أن التخوف من التأثير على قرارات «المجلس» قائمة تحديداً لجهة أن اتخاذ قراراته يتطلب موافقة 7 أعضاء من أصل 8 أو أكثر يؤمّنون النصاب، مشيراً إلى أن «المجلس الدستوري» هو جزء من السلطة القضائية التي يساق حولها الكثير من التساؤلات، تحديداً بعد البدعة التي سبق واعتمدها في السابق بالتنسيق مع الوزير السابق سليم جريصاتي عبر إبطال نيابة غبريال المرّ لصالح إعلان فوز المرشح الخاسر غسان مخيبر الذي نال حينها ما يقارب 1300 صوت.

وإعتبر أبو فاضل أن شبكة العلاقات التي تربطه بغالبية القوى السياسية، دفعته إلى الإعلان عن توجه «المجلس الدستوري» إلى قبول الطعن المقدم من النواب السابقين فيصل كرامي في طرابلس وإبراهيم عازار في جزين، إلى جانب الطعن المقدم من رئيس مجلس إدارة بنك الموارد مروان خير الدين بوجه النائب فراس حمدان عن المقعد الدرزي في حاصبيا، في حين يسعى الوزير جبران باسيل إلى فرض قبول الطعن المقدم من المرشح الخاسر على لائحة التيار الوطني الحر في عكار عن المقعد العلوي حيدر عيسى وإبطال نيابة النائب أحمد رستم المنتمي إلى تكتل «الإعتدال الوطني»، رغم أن الذرائع التي يستند اليها عيسى في طعنه لا يمكن البناء عليها خلافاً للطعون الأخرى المقدمة من كرامي وعازار وخير الدين.

ولفت إلى أن قبول هذه الطعون لا يفضي إلى تبدل الأكثرية النيابية داخل البرلمان، رغم أنها تصبّ في خانة قوى «8 آذار»، التي ينتمي إليها الوزير باسيل رغم محاولاته المتكررة «للكذب على نفسه والناس» ومحاولة التمايز عنهم، مشيراً إلى أن التموضع الجديد لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط خوّل كتلة اللقاء الديمقراطي أن تكون «بيضة القبان» إلى جانب الأكثرية الحالية في المجلس بعيداً عن «القوى السيادية» وهذا ما يظهر من خلال تنسيقه العلني والمتقدم مع «حزب الله» عبر الحاج حسين خليل والحاج وفيق صفا، بهدف إفهام الجميع أنه لن يكون إلى جانب القوى التي تعتبر نفسها سيادية فيما هم في الأساس خلاف ذلك.

وفي هذا السياق يشير أبو فاضل إلى إمكانية إتجاه المجلس الدستوري إلى اعتماد خيارات متنوعة عبر إعلان إعادة إجراء الإنتخابات في دوائر محددة كما التصديق على إعادة تصحيح النتائج في دوائر أخرى وإعلان نتائج مغايرة لتلك القائمة اليوم.

ولا يزال «المجلس الدستوري» في طور التحقيق في الطعون الـ 15 المقدمة أمامه، على أن يتم إعداد التقرير بشأنها في مهلة أقصاها 30 أيلول، على أن يصدر القرار النهائي خلال مهلة شهر على الأكثر تلي ورود التقرير للمذاكرة في الطعن وفق ما أوضح في بيانٍ له أول من أمس.

الطعون المقدمة

– بول الحامض ضد النائب الياس الخوري عن المقعد الماروني في طرابلس.

– محمد حمود ضد النائب بلال الحشيمي عن المقعد السني في زحلة.

– جوزيفين زغيب ضد النائب فريد الخازن عن المقعد الماروني في كسروان.

– حيدر عيسى ضد النائب أحمد رستم عن الموقع العلوي في عكار.

– ايلي شربشي ضد النائب سينتيا زرازير عن مقعد الاقليات في بيروت الأولى.

– النائب السابق فيصل كرامي ضد كل من النواب رامي فنج، ايهاب مطر، فراس السلوم.

– امل ابو زيد ضد النائب عن مقعد جزين سعيد الاسمر.

– زينة منذر ضد النائب فيصل الصايغ عن المقعد الدرزي في بيروت الثانية والنائب وضاح الصادق عن المقعد السني في بيروت الثانية.

– إبراهيم عازار ضد النائبين الفائزين عن مقعد جزين الماروني شربل مسعد وسعيد الاسمر.

– مروان خير الدين الى جانب لائحة الأمل والوفاء ضد النائب فراس حمدان الفائز عن المقعد الدرزي في حاصبيا.

– جاد غصن ضد النائب رازي الحاج الفائز عن المقعد الماروني في المتن والنائب اغوب بقرادونيان الفائز عن المقعد الارمني في المتن.

– حيدر ناصر المرشح عن المقعد العلوي في طرابلس ضد ايهاب مطر الفائز بالمقعد السني في طرابلس وفراس السلوم الفائز بالمقعد العلوي في طرابلس.

– سيمون صفير ضد النائبين نعمة أفرام وفريد هيكل الخازن في كسروان.

– واصف الحركة ضد النائب فادي علامة عن المقعد الشيعي في دائرة بعبدا.

– طانيوس محفوظ ضد النائب جميل عبود عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس.