IMLebanon

الغواصة بدأت البحث والأمواج منعتها

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

أما وقد استكملت كل الإجراءات اللوجستية والعملية لكي تنطلق غواصة البحث عن «زورق الموت» بعملها، بعد يومين من وصولها، فإن كل الأنظار في طرابلس مشدودة إلى مرفأ طرابلس الذي يحتلّ المشهد في الأيام الأخيرة، وإلى ما يمكن أن يسفر عنه عمل هذه الغواصة من نتائج.

رحلة البحث عن «زورق الموت» ورفاة الغرقى فيه إنطلقت عند الساعة العاشرة من صباح أمس من مرفأ طرابلس، بمشاركة النائب أشرف ريفي وأهالي الضحايا والجيش اللبناني حيث قدّمت قيادته التسهيلات اللازمة لهذه الغاية، وطاقم عمل الغواصة وفريق كبير من الإعلاميين والصحافيين المحليين والدوليين. واستغرقت رحلة البحث تلك أكثر من أربع ساعات بينما كان الأهالي يحبسون أنفاسهم بانتظار لحظة الحقيقة. مشوارٌ طويل قضته الغواصة في عرض البحر من أجل تحديد مكان غرق المركب، لكنّ الأحوال الجوية بالطبع لم تكن لتساعد في استكمال مهمة البحث.

بُعيد الساعة الثانية من بعد الظهر أعلن الجيش اللبناني عبر «تويتر»، «تأجيل مهمة البحث عن المركب الغارق قبالة مدينة طرابلس بسبب ارتفاع موج البحر ما قد يهدد سلامة الغواصة وطاقمها»، وهذا إعلان كان متوقّعاً بسبب اشتداد الموج والرياح الأمر الذي أعاق تقدّم الغواصة ومنع نزولها إلى عمق البحر، بعدما وصلت تقريباً إلى تحديد النقطة التي قد يكون زورق الموت قد غرق عندها.

عادت الغواصة وطاقمها وكل من واكب عملها في يومه الأول أدراجهم باتجاه مرفأ طرابلس، على أن يتم تحديد وقت لاحق لإنزالها مجدداً تكون فيه الأحوال الجوية أكثر هدوءاً، والعودة تلك أجّلت الموعد مع الحقيقة التي لطالما انتظرها الأهالي وانتظرتها طرابلس.

وقد شرح قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني العقيد الركن هيثم ضناوي في مؤتمر صحافي من مرفأ طرابلس تفاصيل عمل الغواصة وتوقعّ أن «يستمر العمل لعدة أيام وذلك بحسب ما يتم العثور عليه من نتائج»، مشيراً إلى أن «الغواصة يبلغ طولها 5.68 أمتار وعرضها 2.24 وتصل الى عمق 2180 متراً وطاقمها مؤلف من 3 أشخاص هم من يديرونها. والغواصة كل فترة الغوص تبقى على اتصال دائم مع مدير الغواصة، هي غير موصولة بأسلاك الى السطح وبالتالي تذهب لتنفذ كامل مهمتها وتعود مع التسجيلات والملاحظات. العمل دقيق ونحن بحاجة أن تكون مختلف النتائج متوقعة». وأضاف: «لمواكبة مهمة الغواصة أنشأت القوات البحرية غرفة عمليات خاصة لهذه المهمة تسمح بمتابعتها بدقة».

وتمنى النائب اللواء أشرف ريفي، أن تحقق الغواصة النتائج وأن نتمكن من العثور على المركب وانتشال شهدائنا وأن نقوم بما يليق بهم وبوطننا وبأهلنا في طرابلس المدينة التي عانت الأمرّين ولا زالت متمسكة بوطنيتها».

هل ستسمح الأحوال الجوية والأمواج للغواصة أن تتابع مسار عملها؟ من المؤكد أن مسألة تأجيل البحث عن الزورق ستترك قلوب الناس معلّقة على أمواج البحر إلى حين أن يهدأ الجو وتتمكّن الغواصة من متابعة المهمة الإنسانية التي حضرت لأجلها.

فتجربة اليوم الأول لم تحقق النتيجة المطلوبة. ولكنها ليست النهاية طبعاً. فالرحلة البحرية الطويلة تلك والتي حصل على متنها حالات إغماء لبعض الإعلاميين بفعل التغيرات الجوية، خرجت على نية تحقيق نتائج وعادت بخيبة الأهالي من عدم تمكّنها من النزول تحت الماء، في الوقت الذي لم يجد فيه البعض تفسيرًا لتوقيف العمل والبحث لأن الأمواج لم تكن بهذا القدر الذي يعيق عمل الغواصة بالكامل. وهذا الأمر أحدث مساء أمس موجة من ردود الفعل والتعليقات، وانقسم الشارع الطرابلسي إزاءها، بين من اعتبر أن هذه الغواصة ليست إلا لأهداف التصوير وتحديد حالة المركب من قاع البحر لا أن تنتشل المركب الغارق، وبين من يعتبر أن الغواصة قادرة على انتشال المركب وهي أتت لهذه الغاية. كذلك انقسم الشارع الطرابلسي بين من يعتبر ما حصل بوصول الغواصة بمثابة إنجاز للواء ريفي وعمل كان على الدولة أن تقوم به، وبين من اعتبر أن ما يحصل فيه قطبة مخفية وليس فيه أي إنجاز. إذ كيف لغواصة معدّة لغايات الغوص تحت المياه أن تعود من رحلتها بسبب الموج!.

ومن المؤكد أن الغواصة ستكون مادة جدل سياسي طرابلسي واسع، وانقسام أيضاً في الأيام المقبلة، إلى أن تتمكّن من تحقيق الأهداف التي جاءت لأجلها. فهل ستحمل هذه الغواصة الجواب الشافي لأهالي ضحايا زورق الموت أم ستكون مادة انقسام جديدة؟.