IMLebanon

باسيل يقصي فرنجية

كتب أسعد بشارة في “نداء الوطن”:

نجح النائب جبران باسيل في تأكيد حضوره كابن مدلل لـ»حزب الله»، وقد انتج هذا النجاح إقصاء رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عن السباق الرئاسي، بعدما لعب الابن المدلل بكل طاقته على وتر الدلال، فجمّد «حزب الله» ترشيح فرنجية الى حين وربما الى الابد، وتعطلت بالتالي خطة الثنائي نبيه بري ونجيب ميقاتي لإيصاله الى قصر بعبدا بطريقة سلسة تشبه إعادة التجديد للرئيس نبيه بري بـ 65 صوتاً.

كان فرنجية محظوظاً في العام 2016، فاللقمة وصلت الى الفم، لكنه لم يتجاوز «حزب الله»، فلم يشارك في جلسة نيابية كان يفترض أن تنتخبه رئيساً، وهكذا انتخب العماد ميشال عون رئيساً، وحصل فرنجية على شيك مؤجل لست سنوات، ليتبين اليوم أن الرصيد ما زال محجوزاً للاكثر تمثيلاً وللأكثر فائدة للحزب، وليس للأكثر وفاء وانضباطاً.

كان فرنجية قد حاز قبل العام 2016 على شبه إجماع عربي ودولي، ولم يكن اتصال الرئيس الفرنسي به الاشارة الدولية الوحيدة التي اعطيت لانتخابه، بل حاز على موافقة وغطاء اميركي وروسي وعلى مباركة سعودية. تروي شخصية لبنانية أنه طلب منها المجيء الى سفارة غربية في باريس، والاتصال بخط آمن الى بيروت لتبليغ وجود موافقة على انتخاب فرنجية. ويروى ايضاً ان السعوديين باركوا مسعى الرئيس سعد الحريري وغطوه، وكاد فرنجية أن يصبح فخامة الرئيس، لكنه امتنع واصطف خلف «حزب الله»، فوصل العماد عون الى القصر، هو والصهر، وخطتهما ان لا يخرج الاثنان منه، بل ان يبقيا معاً، على طريقة التسلم والتسليم.

كمَنَ الصهر لفرنجية طوال السنوات الست الماضية وانتظره على الكوع. كان إفطار السيد حسن نصرالله بداية البوح الرئاسي، فبعده انطلق فرنجية ليقوم بجولة اتصالات باعتباره المرشح الطبيعي الذي ضحّى بست سنوات رئاسية، كي تصل هذه اللحظة، التي بدأ فيها باسيل إجهاض رئاسة فرنجية، وذلك على الرغم من تبادل الكلام المعسول بين الرجلين كنتيجة للإفطار.

فرمل باسيل توجّه «حزب الله» لإعلان تأييد فرنجية رئيساً، فطارت المواعيد المستعجلة لدى رئيس مجلس النواب لتحديد جلسة سريعة لانتخاب الرئيس، وبات بري يربط بين تحديد الجلسة والاصلاحات، وهي بدعة دستورية لا يبررها الا إحراج كبير بين حليفين، بين وعد صادق لفرنجية لن يتحقق، والتزام صادق بباسيل، باعتباره صاحب التمثيل الأكبر، وباعتباره الاكثر قدرة على لعب دور كاسحة الألغام امام الحزب.

بات باسيل بعد إقصاء فرنجية في موقع المطمئن الى أنه يملك كلمة من «حزب الله» بعدم دعم اي ترشيح من دون أن ينال رضاه، وهذا بحد ذاته فيتو قابل للاستعمال الى ما شاء الله. يحاول باسيل اليوم ان يغازل رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وان يطوق بري وميقاتي، وأن يفرض تشكيل حكومة له فيها الثلث المقرر، والا فإن الفوضى الدستورية التي ستحدث ستكون عاملاً مانعاً لاستمرار حكومة تصريف الأعمال.

عاد باسيل الى لغة الرئيس الاكثر تمثيلاً لدى المسيحيين، ومنها انطلق ليقضي على فرص فرنجية، واليها يعود، مرة عبر استدراج غطاء من بكركي لاعتمادها قاعدة ومعادلة ثابتة، ومرة عبر ترجمة المعادلة الى تصنيف اي مرشح وفق معادلة حصرية هي الآتية: إما يكون الاكثر تمثيلاً وإما يرشحه الاكثر تمثيلاً.

وفق هذه القاعدة يرمي باسيل في السوق اسم ندى بستاني على سبيل الاختبار أو التسلية، لكنه يبقى متمسكاً بسلاحه الأقوى، فهو الابن المدلل لـ»حزب الله»، الذي لا يخشى المنافسة.