IMLebanon

هل كانت الزيارة الخاطفة لهوكشتاين “لزوم ما لا يلزم”؟

كتب حسين زلغوط في “اللواء”:

هل كانت الزيارة الخاطفة للوسيط الأميركي في ترسيم الحدود آموس هوكستين إلى بيروت التي كانت تنتظر منه ان يحمل اليها الرد الاسرائيلي على المطالب اللبنانية بشأن الترسيم لزوم ما لا يلزم، أم أن الرجل حمل في جعبته رداً إسرائيلياً فضَّل أن لا يُعلن عنه، كما أنه طلب من المسؤولين اللبنانيين أن يبقى ما سيقوله طي الكتمان من باب الافساح في المجال لإنضاج حل متكامل يحظى برضى الاطراف كافة؟

لا شك أن الأفكار التي طرحها الوسيط الأميركي خلال جولاته المكوكية بين لبنان واسرائيل شكلت أرضية صالحة لمعاودة المفاوضات غير المباشرة بين البلدين والتي انقطعت منذ مدة، وساهمت الى حدّ كبير في تخفيض منسوب التوتر الذي كاد أن يشكل الحرب بين البلدين بفعل محاولة تل ابيب المباشرة في التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها من دون اعطاء اي اعتبار لما سيكون عليه الموقف اللبناني وهو ما أوجب دخول «حزب الله» على الخط مباشرة من خلال المسيرات التي انطلقت من لبنان بمواكبة مباشرة من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي تابع تفاصيل العملية من ألفها الى يائها، غير ان هذه الجولات المتتالية للوسيط الأميركي ورغم ما يضمنه من مناخات ايجابية بعد كل زيارة له لأي مسؤول لبناني، لم تخرج بعد من المربع الرمادي، حيث ورغم المساحة الضيقة المتبقية من الوقت لم يقدم هوكستين أي مقترحات يمكن صياغتها والخروج باتفاق كامل ونهائي ينهي الازمة الموجودة بين لبنان واسرائيل.

ووفق ما هو ظاهر فإن أجواء التفاؤل لا تخرج إلا على لسان هوكستين فقط دون سواه ممن يلتقيهم من مسؤولين لبنانيين، وهو ما يطرح تساؤلات عما اذا كان هوكستين يملك معطيات ايجابية تجعله متفائلاً بقرب توقيع الاتفاق، أم ان هذا الرجل يبرع في عملية إيهام الرأي العام والتلاعب على الوقت بنية تحقيق هدف ما، جاء في الاصل لتحقيقه.

المعلومات البسيطة التي تسربت عن لقاءات هوكستين تفيد بأن الوسيط الأميركي لم يحمل في جيبه أي معطيات جديدة يمكن ان تضاف على تلك التي ناقشها مع المسؤولين اللبنانيين في زيارته السابقة، لا بل انه اكتفى فقط بتلاوة ما سمعه من المسؤولين الاسرائيليين حول بعض النقاط المتعلقة بعملية التفاوض، من دون أن يأتي على ذكر أي رد اسرائيلي كامل على المقترحات أو المطالب اللبنانية التي عاد وأكد عليها كل من التقاهم هوكستين من مسؤولين لبنانيين، الذين حكماً سيجرون في ما بعد مروحة من الاتصالات واللقاءات في ما بينهم للتشاور في الافكار التي عاد وطرحها هوكستين، وإعداد رأي موحد عليها على غرار ما حصل في المرة السابقة.

وفي هذا السياق، جددت مصادر متابعة التأكيد بأن لبنان ليس في وارد التنازل عن ثروته المائية قيد أنملة وهناك تفاهم وتوافق تام بين الرئاسات الثلاث على رأي واحد في ما خص هذا الملف، مشددة على أن مشكلة التأخير في توقيع الاتفاق تقع على عاتق اسرائيل والمسؤولين فيها الذين ادخلوا هذا الملف في الاشتباك الحاصل داخل الحكومة الاسرائيلية، وبين الحكومة الاسرائيلية والمعارضة وتحديداً اليمين المتطرف، ولا شأن للبنان على الاطلاق من عملية التسويف الحاصل في ما خص العودة الى عملية التفاوض غير المباشر، او توقيع الاتفاق المنتظر.

وتشدد هذه المصادر ان لبنان متفائل في الحصول على حقه في ثروته مهما طال الزمن او قصر، لأنه وخلفه المقاومة مصرون على انتزاع هذا الحق الذي تكفله كل المواثيق والاعراف الدولية، ناهيك عن الاصرار القوي والمتين لدى لبنان في عدم السماح لتل ابيب بسلبه هذا الحق.

وفي رأي المصادر ان اسرائيل ستحاول ربح الوقت في المزيد من المناورة لأغراض سياسية داخلية، غير ان الجانب اللبناني لن يسمح لتل ابيب في الاستمرار الى ما شاء الله في الأخذ والرد مع الوسيط الاميركي بهذا الخصوص.

ولهذا السبب، فإن المصادر لم تُسقط من حساباتها خيار الحرب في حال وصلت الامور الى حائط مسدود، كما إنما لم تسقط من حساباتها في الوقت ذاته امكانية حصول انفراجات على هذا الصعيد، في حال كانت الولايات المتحدة في الدربة الأولى صادقة في ما تقوم به من وساطة، وفي حال اقتنعت اسرائيل بضرورة اعطاء الحق لأصحابه في ما خص الثروة النفطية، مؤكدة بأن لبنان الذي ما زال يرفض التنازل عن أية حبة تراب من أرضه، فإنه اليوم يرفض ايضاً التنازل عن أية قطرة ماء او غاز او نفط هي حق له، مشددة على انه اذا كان هناك من مشكلة داخل الحكومة الاسرائيلية فإن لبنان غير معني بهذا الأمر، وهو غير مستعد أن ينتظر طويلاً ريثما تحل هذه المشكلة.

وتكشف المصادر عن ان الوسيط الأميركي سيستأنف جولاته المكوكية بين لبنان واسرائيل بغية الوصول الى تفاهم، غير انه سمع بالأمس لغة واحدة من قبل المسؤولين كافة، بأن لبنان لن يستطيع ان ينتظر الى ما لا نهاية، وانه على استعداد لاستخدام كافة الوسائل المشروعة للحصول على حقه، موضحة ان لبنان أبلغ هذا الموقف ايضاً للفرنسيين الذين يلعبون دوراً مهما في عملية الاخذ والرد، حيث أن هوكستين تشاور مع المسؤولين في باريس حول بعض النقاط العالقة قبل زيارته بيروت.