IMLebanon

الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك: أي حكومة انتقالية يقدم عليها الرئيس عون ستعتبر انقلاباً على الطائف والنظم الدستورية

 

رأى الخبير الدستوري والقانوني د. سعيد مالك، أن بقاء عدد من الموقوفين في ملف انفجار مرفأ بيروت داخل السجون، يشكل مظلومية بحقهم، ويقتضي إيجاد حل لهم لاسيما ان الأفعال المنسوبة اليهم لا تعدو كونها جنحا، ما يعني ان توقيفهم الاحتياطي قد تجاوز المهل المعقولة، وأصبح اخلاء سبيلهم امرا واجبا اكان على الصعيد القضائي او القانوني او الإنساني، ومن منطلق مفهوم العدالة، الا ان الإخراج الذي اعتمده وزير العدل هنري خوري، اتى سيئا لناحية انتداب قاض رديف لقاض اصيل معين بمرسوم صادر عن المراجع المعنية عملا بأحكام المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، اذ انه لا يجوز امام صراحة النص ان ينتدب وزير العدل محققا عدليا في ظل وجود محقق اصيل صاحب صفة ومصلحة وقدرة على التحرك والعمل لاستكمال التحقيق، بحيث يصبح التحقيق برأسين، وهو ما لا يجوز لا دستورا ولا قانونا.

وعليه لفت مالك في تصريح لـ «الأنباء»، الى ان قرار تعيين قاض رديف للقاضي الأصيل طارق البيطار، لا يمكن الاستناد اليه وفقا للمادتين 20 و28 من قانون القضاء العدلي اللتين لا تنطبقان على واقع الحال، كما لا يمكن الاعتداد بالقرار رقم 921/2006 تاريخ 6/9/2006 والذي قضى بانتداب القاضي جهاد الوادي رئيس محكمة استئناف بيروت مكان القاضي الياس عيد في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، أولا لعلة اختلاف الظروف بين العامين 2006 و2022، وثانيا لكون انتداب القاضي الوادي اتى نتيجة طلب من المحقق العدلي الياس عيد نفسه، لكن ما يحصل اليوم ان انتداب قاض رديف اتى على اثر تكبيل التحقيق وتقييد المحقق العدلي طارق البيطار لمنعه من ممارسة عمله، ما يعني من وجهة نظر مالك، ان ما أقدم عليه وزير العدل بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى، مخالفة قانونية ان لم نقل هرطقة كاملة الاوصاف، تشي بوجود صفقة.

واستطرادا لفت مالك الى ان الامر الأساسي الذي لا بد من التوقف عنده، هو تزامن صدور قرار تعيين قاض رديف للقاضي بيطار، مع قرار صدر أيضا عن مجلس القضاء الأعلى وبنفس التاريخ، يتكلم عن إصرار الاخير على مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية دون تعليله، بناء لطلب وزير المال، مما يفيد ان قرار تعيين قاض رديف للبيطار هو بمنزلة اعلان وفاة التحقيق العدلي المحلي، بحيث سيصار لاحقا الى اخلاء سبيل الموقوفين مقابل وضع ملف التحقيق العدلي في انفجار المرفأ في الثلاجة، وهكذا يكون القضاء الجزائي في لبنان قد اثبت عجزه عن استكمال التحقيقات.

على صعيد مختلف، وعن المعلومات التي تؤكد ان الرئيس ميشال عون يتحضر لتعيين حكومة انتقالية قبل ساعات من انتهاء ولايته ليل 31 أكتوبر المقبل، والتي قد تكون برئاسة النائب جبران باسيل، لفت مالك الى انه سندا لأحكام المادة 62 من الدستور، تناط وكالة، صلاحيات رئيس الجمهورية حال الشغور في الموقع الرئاسي او خلوه لاي سبب، بمجلس الوزراء مجتمعا، وبالتالي فان أي خطوة من الممكن ان يقدم عليها الرئيس عون في الساعات الأخيرة من عهده، لن تعتبر دستورية كونها لا تستند الى أي نص دستوري، مشيرا الى ان التهويل بتشكيل حكومة على غرار الحكومة الانتقالية نهاية عهد الرئيس امين الجميل في العام 1988، امر غير ممكن دستوريا، لأن في العام 1988 كان رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية سندا لأحكام المادة 17 من الدستور، وكان هو من يعين الوزراء ويختار من بينهم رئيسا للحكومة عملا بأحكام المادة 53 من الدستور، اما بعد اتفاق الطائف، انتقلت السلطة التنفيذية الى مجلس الوزراء مجتمعا، إضافة الى ان تشكيل الحكومات بات بموجب نص الطائف يخضع لآليات ملزمة، بدءا باستشارات نيابية ملزمة، مرورا بتكليف رئيس الحكومة، ثم بالتأليف، ثم بصدور مراسيم التشكيل، وصولا الى نيل ثقة مجلس النواب، ما يعني من وجهة نظر مالك انه وفقا لدستور الطائف لا يمكن للرئيس عون ان يذهب الى ما ذهب اليه الرئيس امين الجميل عام 1988، والا تكون الحكومة، في حال الاعتبار جدلا، ان الرئيس عون عمد الى تعيين رئيس حكومة انتقالية، واصدر مرسوم تشكيل حكومة كهذه، ستكون الحكومة غير شرعية وغير ميثاقية، ومخالفة بشكل صارخ وفاضح للدستور، وتعتبر انقلابا على اتفاق الطائف وعلى النظم الدستورية التي يقوم عليها لبنان، مؤكدا بالتالي انه على الرئيس عون ان يحزم امتعته ليل 31/10/2022 في تمام الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، ويترك القصر الرئاسي على ان تنتقل صلاحياته الى مجلس الوزراء مجتمعا، سواء اكانت حكومة تصريف اعمال او حكومة كاملة المواصفات، والا فسيعتبر عند مخالفته للنص الدستوري، مغتصبا للسلطة وتطبق بحقه احكام المادة 106 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على ان أي شغل لأي موقع قيادي او رئاسي بعد انتهاء الولاية الرئاسية يعتبر اغتصابا للسلطة وانتهاكا فاضحا للدستور والقانون.