IMLebanon

“أوكسيجين” في “اللبنانية”: هل يُفكّ الإضراب؟

كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:

ربما تكون المرة الأولى التي تلتفت فيها الدولة إلى جامعتها الوطنية فتزيد مساهمتها في موازنتها، وتضخّ فيها بعض «أوكسيجين» يعيد إليها شيئاً من الحياة. لكن الطريق نفسه إلى الـ 500 مليار ليرة التي أضيفت في الصياغة النهائية للمادة 115 المتعلقة بإعطاء مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع العام والمتقاعدين، لم يكن معبّداً تماماً. وجرى التنبّه من خلال النقاش داخل جلسات مناقشة الموازنة العامة أن النص الوارد من وزارة المال «حمّال أوجه» ويمكن أن يفهم منه أن مساهمة الـ 500 مليار ليرة هي لتغطية المراسيم السابقة المقرّة أخيراً، وهي 104 مليارات (نصف راتب لـ 6 أشهر من كانون الثاني 2022 حتى حزيران منه)، 50 ملياراً (راتب تحفيزي عن شهرَيْ أيلول وتشرين الأول 2022 كبدل حضور وإنتاجية)، 128 ملياراً (راتب كامل من شهر تموز إلى شهر كانون الأول ضمناً)، و120 ملياراً (مضاعفة أجر الساعة للمتعاقدين، لم يقرّ بعد).

هذا الالتباس استدعى، بحسب مصادر نيابية، تدخلاً من عدد من النواب لإعادة صياغة النص، ولا سيما لجهة التأكيد أن الـ«500 مليار» هي مخصصة للنفقات التشغيلية، وتضاف إلى باقي المساهمات، ما يرفع مساهمة الدولة في موازنة الجامعة من 366 مليار ليرة (المساهمة اليوم) إلى 1268 ملياراً.
وقد أضيف إلى النص الأساسي للمادة 115 النص الآتي: «يضاف إلى المساهمات السابقة التي حصلت عليها الجامعة اللبنانية مبلغ خمسمئة مليار ليرة لبنانية، على أن تحتسب الزيادات على رواتب الأساتذة والعمال منها». والمقصود بالجملة الأخيرة هو أن الراتب الثالث الإضافي عن أشهر تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول، ومجموع قيمته 63 مليار ليرة سيحسم من الـ 500 مليار، بما أن المساهمات السابقة تغطي راتبين.

إلى ذلك، سيجري تحويل 49 مليار ليرة إلى موازنة صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة، لترتفع الموازنة إلى 150 ملياراً ويصبح قادراً على زيادة تعرفة الأعمال الطبية المعتمدة 4 أضعاف، أسوة بتعرفة تعاونية موظفي الدولة.

مصير الإضراب؟
هذا في ما يخصّ الجامعة وصندوقها، أما الأساتذة فقد نالوا أسوة بزملائهم في القطاع العام ضعفَي راتبهم، أي أساس الراتب مضروباً بثلاثة شرط أن لا تقلّ الزيادة عن 5 ملايين ليرة وأن لا تزيد عن 12 مليوناً. وبالنسبة إلى أجرة ساعة الأساتذة المتعاقدين، فقد ضربت أيضاً بثلاثة.
وسط هذا التطوّر، هل تعود الهيئة العامة لأساتذة الجامعة عن إضرابها المفتوح؟
الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين دعت الهيئة العامة إلى جلسة تعقد، صباح السبت المقبل، في قاعة المؤتمرات الكبرى في مجمع الحدث الجامعي، لعرض المعطيات ومناقشة المستجدات واتخاذ التوصيات الملزمة المناسبة بشأن مصير الإضراب. كما دعت الهيئة التنفيذية وزير التربية، عباس الحلبي، إلى تحمّل مسؤوليته بعدم السماح بالمساس بخصوصية الأستاذ الجامعي في كل المراسيم التي تصدر عن مجلس الوزراء، والقوانين التي تصدر عن مجلس النواب، والحرص على وضعه في الدرجة المعروفة له تاريخياً في سلّم الرواتب العام.
ووفق بيان الرابطة، خصوصية الأساتذة الجامعيين تكمن في أنهم ليسوا موظفين بدوام إداري زمني محدد، فهم لا يقومون بأعمالهم الأكاديمية والبحثية فقط ضمن الدوام الإداري للموظفين وإنما في جميع الأوقات داخل المجمّعات الجامعية وخارجها، وعقودهم لا تنصّ على دوام زمني وإنما على نصاب أكاديمي واضح.

وأشارت الرابطة أيضاً إلى أنه ليست هناك مواعيد محددة لدفع المتأخرات من بدلات النقل عن الحضور منذ العام الماضي والرواتب الإضافية عن أشهر تموز وآب وأيلول ومساعدات الـ PCR المتفق عليها مع إدارة الجامعة منذ أشهر عدة والمستحقات السابقة للزملاء المتعاقدين وللموظفين والمدربين.

رضى غير تامّ
في غضون ذلك، لم تعكس نقاشات الأساتذة على مجموعاتهم على مواقع التواصل رضى تاماً حيال مقررات المجلس النيابي، فهي «لزوم ما لا يلزم لأننا لم ننل شيئاً جديداً غير المراسيم السابقة»، وساد التخبّط صفوف البعض وسألوا عن إمكان الدفع: هل هي عبر سلف خزينة أم نقل اعتمادات، وهل الأموال مؤمنة فعلاً وهل تكفي الـ 500 مليار لتشغيل الجامعة؟ وهل سيحسم من المبلغ للرواتب؟ وماذا حلّ برواتب القضاة، هل ستصرف وفق سعر الـ 8 آلاف، ما سيزيد الهوة مع رواتب أساتذة الجامعة أم سيعاملون مثل باقي موظفي القطاع العام؟ مع ذلك، تشير الأجواء العامة إلى أن الأساتذة ميّالون إلى تسيير الامتحانات والأعمال الأكاديمية للعام الدراسي الماضي، بما أن الإضراب قد خرق عملياً، على أن يجري البحث عن خيارات أخرى للضغط باتجاه نيل الحقوق، في المرحلة المقبلة. بعض الأساتذة يقترحون أن لا يقتصر النقاش في جلسة الهيئة العامة على المطالب المادية للأساتذة فحسب، وأن تطرح مسائل أخرى مثل إمكانية العودة إلى التعليم الحضوري، وحقوق الجامعة في أموال الـ PCR، وموازنة الجامعة واستقلاليتها، وانعكاس الأزمة على أعداد الطلاب والأساتذة وغيرها من القضايا المصيرية للمؤسسة.