IMLebanon

الجلسة الرئاسية: برّي يمسك لعبة البرلمان و”مناورات” الشارع

كتب منير الربيع في “المدن”:

لم تكن رمية نبيه برّي الرئاسية من دون رام. فيها أكثر من مرام. أبرز العبر فيها بالتوقيت. وفي سياق الردّ على ما تلقاه الرجل من تقييمات وهجمات في الأشهر السابقة. أراد نبيه برّي استهداف كل خصومه أو من يعتبرهم مستهدفينه. اختار التوقيت ووجه ضربته. لعلّ السبب الأساسي وراء توجيه دعوته المفاجئة إلى جلسة انتخاب الرئيس هو الردّ على كل من قال إنه انتهى أو أصيب بضعف ووهن. فإذ به يمسك بأكثر من ورقة، منذ إعلانه عن “سيادة المجلس لنفسه”، وأنه المسؤول عن تفسير الدستور، إلى المعادلة التي تتحكم به باعتباره باق في موقعه فيما رئيس الجمهورية ميشال عون سيغادر.

الإرباك والحرج

بموقفه هذا، أربك برّي نواب التغيير، النواب المستقلين، والقوى المسيحية، لكنه أيضاً أربك نفسه وحزب الله، إذ أنه سيكون ملزماً إما بالتصويت لمرشح مع الحزب، وإما بعدم التصويت. وهذا بحدّ ذاته يعني خروج الحزب من السيناريو السابق الذي التزم فيه بميشال عون ولم يصوت له إلا عندما توفرت الظروف السياسية. حالياً الوضع مختلف، يعرف الحزب أنه لن يتمكن من تكرار السيناريو نفسه، فيما تصويته لسليمان فرنجية سيكون بمثابة إحراج أو إحراق للرجل.

جاءت خطوة برّي بعد كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي، حول تقويض دور المسيحيين السياسي وتقويض موقع رئاسة الجمهورية. وبعد اتهامه بتأخير الاستحقاق. فيما رمى رميته التي أربكت الجميع. إذ تسارعت اللقاءات والاتصالات للبحث في أسماء المرشحين والتوافق حولهم. يعلم رئيس المجلس أن لا مرشح سيحظى بالأصوات اللازمة للفوز، وبذلك سيثبت صوابية خياره حول وجوب توفر ظروف التوافق. لكن الأهم في ذلك، هو في التوقيت ربطاً بجملة من الأحداث.

لعبة الشارع

من بين هذه الأحداث، مواقف البطريرك الماروني سياسياً، وثانياً خروج أهالي موقوفي الطيونة في تظاهرات بعد ساعات على توجيه الدعوة. وهذه تتضمن رسالة مزدوجة لمن يعنيهم الأمر من قبل الثنائي الشيعي، كرد على تحركات أهالي ضحايا المرفأ المستمرة، وعلى تحركات أهالي موقوفي تفجير المرفأ. هنا أراد الثنائي أن يقول إن لعبة الشارع جاهزة للاستخدام من أي طرف، ولدى كل الأطراف أسباب وموجبات، ولدى الجميع موقوفين. لا تنفصل الخطوة عن حملة شهدتها وسائل التواصل والإعلام وضجت فيها الأوساط السياسية قبل فترة، حول دخول خبز الهادي إلى المناطق المسيحية، فكان الردّ واضحاً أيضاً بنشر أكبر قدر ممكن من الصور للأمين العام لحزب الله في مناطق جبيل وكسروان. والتوقيت أيضاً يرتبط بإصرار برّي على التوافق حول الاستحقاق، فيما تخرج أصوات تطالب إما باللامركزية الموسعة أو الفيدرالية أو الدعوة إلى إقامة مناطق حرّة، فيما يستخدم الثنائي الشيعي عبارة التحرير لكل المناطق والثروات، انطلاقاً من معادلة البحر والوصول إلى اتفاق ترسيم الحدود.

الصراع السياسي يتوسع

في الدعوة أيضاً رسائل خارجية، خصوصاً أنها تأتي على إيقاع حركة مكثفة للسفير السعودي وليد البخاري باتجاه الكتل النيابية والقوى السياسية، لتوفير الحدّ الأدنى من التوافق على انتخاب رئيس من قبل المعارضة، أو امتلاك قدرة تعطيلية لمنع مرشح حزب الله من الوصول إلى الرئاسة. وهذا أحرج الكتل الأخرى التي لم تكن قادرة على الذهاب إلى الجلسة باسم موحد. الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس لن تكون مؤشراً للتهدئة في الداخل، ولا مؤشراً دافعاً للوصول إلى تسوية قريبة. المسألة تبدو أعقد من ذلك، إنها خطوة يتمثل فيها اختبار برّي لمواقف كل القوى والكتل، فيما يبدو الصراع السياسي يتوسع أكثر ويتمدد. صراع على المشروع والعنوان، فيما هناك من يرفع سقفاً أبعد من مجرد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على ثلاثة مليارات دولار، ويعتبر أن تسوية الوضع السياسي مع دول الخليج والسعودية بالتحديد يمكنه أن يوفر للبنان استثمارات واتفاقيات تتجاوز العشرة مليارات دولار، على حد تعبير السفير السعودي في جلسات متعددة.

جزء من هذا الصراع سيتجلى في التفاوت بتسمية المرشحين للرئاسة في جلسة اليوم.