IMLebanon

هل تتفق الممانعة على اسم مرشح كما اتفقت على الورقة البيضاء؟

كتب ناصر زيدان في صحيفة الأنباء:

هربت الكتل النيابية لقوى «الممانعة» من المأزق الكبير الذي كان يواجهها بسبب عدم اتفاقها على اسم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وذلك عن طريق اتفاق شكلي وبسيط قضى بوضع ورقة بيضاء في صندوقة الاقتراع التي فتحت في قاعة مجلس النواب الخميس الماضي. وهذا الاتفاق يخفي خلافا كبيرا بين النائب جبران باسيل والمرشح سليمان فرنجية من جهة، كما يخفي نوايا تعطيلية من جهة ثانية، لأن وضع الورقة البيضاء كان بمنزلة الإشارة الواضحة إلى أن عملية انتخاب الرئيس لم تحن بعد، وأن قوى الممانعة استدرجت عروضا لملاقاتها على التوافق على اسم غير معلن، وهي استعرضت قوة التصويت لديها، على اعتبارها تمثل ما يقارب نصف عدد مجلس النواب.

تشير المعلومات المتوافرة إلى أن حزب الله يمكن أن يجمع حلفاءه على الوقوف صفا واحدا في مواجهة القوى السيادية والتغييرية، ولكنه عاجز عن توحيد صفوف هؤلاء على اسم واحد لرئاسة الجمهورية، ذلك أن التعارضات القائمة بين مجموعات هذا المحور كبيرة، لأن شروط النائب جبران باسيل للموافقة على ترشيح سليمان فرنجية متعددة، ولا يمكن لفرنجية أن يوافق عليها، بينما ورقة باسيل الرئاسية محروقة، ومن الصعوبة بمكان إعادة إحيائها، حتى ولو تم الاتفاق على عملية ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل» كما يأمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ولا يبدو أن قوى الممانعة تخفي أسماء تحت الطاولة لترشيحها لهذا الموقع، لأنها لا تقبل برئيس تكنوقراط لإدارة عملية الخروج من الأزمة المالية الخانقة، ولكونها تحمل مشروعا له خلفيات استراتيجية واضحة، ولا تقبل برئيس قد يتعرض لهذا المشروع.

من المؤكد أن أولوية حزب الله هي في تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء ولاية ميشال عون نهاية الشهر الجاري، والحزب يضغط بمساعدة الرئيس نبيه بري على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لإخراج التوليفة الوزارية بأي ثمن، حتى ولو كان هذا الثمن تقديم تنازلات جوهرية لصالح فريق رئيس الجمهورية، وأهمها وعده بتوظيف موالين له في مواقع مالية وقضائية وأمنية حساسة، وتوقيع مرسوم التجنيس الذي أعده فريق عون لما يقارب 4000 شخص من السوريين والعراقيين والإيرانيين المشمولين بعقوبات دولية. وتنفيذ هذه الشروط ستكون بمنزلة الانتحار السياسي للرئيس نجيب ميقاتي فيما لو وافق عليها، كونها تحمل مخاطر كبيرة، وتوسع له مروحة العداء في الداخل وفي الخارج.

ضغط الرئيس نبيه بري وحزب الله لتأليف حكومة جديدة، يعني بوضوح أنهما يتوقعان شغورا رئاسيا طويلا، وقد يكون بري مستعجلا على تغيير اسم وزير المالية يوسف خليل، لأسباب متعددة، ومنها ما يتعلق بملف تعيين الشواغر في محكمة التمييز التي ستبث بالاعتراضات على المحقق العدلي بملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ويريد بري مهارة مختلفة عن خبرة الوزير خليل للتعاطي في هذا الملف الحساس، لأن لوزير المالية توقيعا على مرسوم التعيينات القضائية، وهو لو كان شكليا من حيث الفقه الدستوري، لكونه يتعلق بنفقات إضافية لهؤلاء القضاة، ولكن التوقيع يستخدم لأسباب جوهرية ولها أبعاد استراتيجية.

الرئيس نبيه بري قال بدماثته المعهودة: لن أدعو إلى جلسة انتخاب جديدة قبل التوافق على اسم الرئيس. وهذا التوافق بعيد المنال حاليا، على اعتبار أن الفريق السيادي، وفي مقدمته القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، جاهروا بتأييد المرشح ميشال معوض، وهو ابن شهيد اتفاق الطائف الرئيس رينية معوض، ومساحة تأييد معوض ستتوسع، وترشيحه لم يكن للمناورة، أو بهدف تقوية شروط التفاوض، وترشيحه لا يخفي تحدي حزب الله، بل سيتعاطى – إذا ما فاز – مع الملفات الحساسة ببراغماتية ترعاها تفاهمات دولية غير معلنة.