IMLebanon

ميشال معوض يجمع الـ “ج ج”… فهل يبلغ الستّين؟

كتب داني حداد في موقع mtv:

تشبه معركة ميشال معوض الانتخابيّة من يحفر الصخرة بالإبرة. وما أشبه رؤوس بعض النوّاب بالصخر. هو يدرك أنّ الرئاسة حاليّاً ليست باليد. ويدرك أيضاً أنّه في موقع الخصومة مع حزب الله، وفي موقع الطلاق مع جبران باسيل، ولن يقبل به الإثنان رئيساً، مهما كان الثمن.

لكنّ الأهمّ في ترشيح معوض أنّه لا يأتي من رغبةٍ شخصيّة لديه، بل من طرحٍ مشترك بين أكثر من فريقٍ معارض. اختير لأنّه الأكثر قدرةً على الجمع بين مكوّنات المعارضة وفق موازين القوى التي أنتجتها الانتخابات النيابيّة. وهو يمثّل الوجه السيادي والاستقلالي الذي تحرص المعارضة على إبرازه، في وجه مرشّحَي 8 آذار الطبيعيّين، جبران باسيل وسليمان فرنجيّة.

ومن المؤكّد أنّ الجلسة الانتخابيّة الأولى، التي كانت أقرب الى “بروفا”، شكّلت نقطة انطلاق جيّدة للفريق المعارض، وأظهرت أنّ طرح اسم معوض لا يهدف لـ “الحرق”، بل هو مرشّح جدّي يلقى دعم ثلاث شخصيّات بارزة في المعارضة هي وليد جنبلاط، سمير جعجع وسامي الجميّل، بالإضافة الى عددٍ آخر من النوّاب. وما المواقف التي صدرت عن جنبلاط وجعجع، بعد الجلسة، إلا الدليل على أنّها سيسيران بترشيح معوض حتى النهاية، أو، أقلّه، حتى الوصول الى لحظة التسوية التي تبدو بعيدة اليوم. ويكفيه قوّةً أنّه جمع الإثنين، أي الـ “ج ج” المتباعدَين، حول مرشّحٍ واحد.

ولكن، ماذا بعد الخطوة الأولى من ترشيح معوض؟

تستمرّ حركة اللقاءات والاتصالات بين أركان المعارضة، ويتولّى قسمٌ منها معوض نفسه، حيث زار النائب وليد البعريني، من كتلة الاعتدال الوطني، في منزله في عكار، بعد يومٍ واحد من جلسة الانتخاب، كما التقى بعض النوّاب التغييريّين، ويُفترض أن يلتقي أيضاً نوّاباً من كتلة النوّاب السنّة الذين صوّتوا بأوراقٍ كُتب عليها “لبنان”.

وتتحدّث المعلومات عن تقدّمٍ كبير سُجّل على خطّ إقناع كتلة النوّاب التغييريّين بالتصويت لصالح معوض، خصوصاً أنّ هؤلاء لن يكرّروا تجربة التصويت لصالح سليم اده التي أثارت ردود فعلٍ سلبيّة بسبب عدم نيّة اده خوض السباق الرئاسي.

أما على خطّ كتلة النوّابٍ السنّة، فتبدو المهمّة أسهل خصوصاً أنّ تواصل الكتلة قائم مع كتل المعارضة كلّها، كما التنسيق في بعض الملفات.

ويبدو واضحاً أنّ معوض يسعى الى تأمين أكبر مروحة تأييد نيابيّة لترشيحه، وهو ما قد يظهر في الجلسة الانتخابيّة المقبلة التي قد يتجاوز فيها معوض عتبة الستّين صوتاً، إذا سلكت الاتصالات التي ستنشط في اليومين المقبلين مساراً إيجابيّاً.

من هنا، ستكون المواجهة واضحة في الجلسة المقبلة بين ميشال معوض والورقة البيضاء التي سيستخدمها نوّاب حزب الله وحلفائه، وستُرمى كرة تعطيل النصاب في ملعب هذا الفريق غير الموحّد حول مرشّح واحد، في ظلّ رفض جبران باسيل دعم سليمان فرنجيّة، في مقابل وحدة الفريق الآخر، إن تحقّقت، حول اسم معوض.

يعني ما سبق كلّه أنّ ميشال معوض ارتقى من مستوى مرشّح “تضييع وقت”، بانتظار التسوية، الى مرشّح جدّي يرفض جنبلاط منحه صفة التحدّي. هو اليوم مرشّح قسمٍ كبير من المعارضة، وقد يصبح، قبل الجلسة المقبلة، مرشّح المعارضة كلّها. وهو يجيد، حتى الآن، تأدية دور الموحِّد، ولو أنّه لم يكن حليف القوات اللبنانيّة في الانتخابات النيابيّة، ولكنّه أحسن بناء جسر التواصل مع معراب، تماماً كما حصّن تحالفه الانتخابي مع حزب الكتائب، بالإضافة الى تموضعه في كتلة “تجدّد”.

مسارٌ سياسي يستحقّ علامةً كاملة، وهو، وإن لم يوصله الى بعبدا، فإنّه يحمل أكثر من انتصارٍ شخصي وسياسي، بعد ٣٣ عاماً على استشهاد رينيه معوض.