IMLebanon

“أدوية الزرع” مخفاة: كلّ مدعوم مفقود!

كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:

لا تُكتب النهايات السعيدة، غالباً، مع إتمام عمليات زرع الأعضاء. فعلى الرغم من أهمية هذه العمليات بالنسبة إلى طالبيها، إلا أنها ليست الحدّ الفاصل ما بين الموت والحياة، انطلاقاً من أنها ليست «المحطة الأخيرة» في درب المعاناة الطويلة التي خبرها المرضى، إذ لا تنتفي صفة المرض عمن يزرعون أعضاء في أجسامهم، لأنّهم يبقون بحاجة إلى المتابعة الطبية الدائمة، من خلال تناول أدوية تُستخدم مدى الحياة في معظم الحالات. وإذا كانت الأمور في السابق تسير بأريحية وطبيعية، إلا أنها اليوم ليست كذلك مع دخول هذه الأدوية في دوامة الأزمة.

يعيش زارعو الأعضاء اليوم حياة منقوصة لا تخلو من الخطر أبداً، مع فقدان الأدوية الملزمين بتناولها، إذ تعمل هذه الأدوية على إضعاف الجهاز المناعي في جسم المريض، في محاولة لثنيه عن محاربة الأعضاء المزروعة. والفقدان هنا لا يطاول عدداً من الأدوية أو معظمها، وإنما كلّ الأدوية والبالغ عددها سبعة… والتي لا بدائل عنها.

7 أدوية من أصل 7 يستخدمها المرضى الذين أجروا عمليات زرع أعضاء، مفقودة كلياً في مركز توزيع الأدوية في الكرنتينا. لا تنوّع في الأسباب التي تؤدي إلى هذا الغياب، فالسبب واحد وأساسي هو أنها أدوية مشمولة بالدعم. وقد باتت هذه الكلمة أخيراً بمثابة اللعنة التي حلّت على المرضى، بعدما أصبحت المعادلة اليوم تفضي إلى التالي: كلّ دواءٍ مدعوم مفقود. وهذا ما يحصل في حالة المرضى الذين نجحوا في اجتياز اختبار الزرع ويقفون اليوم عاجزين أمام استكمال حياتهم الطبيعية، بعدما مرّ على فقدان الأدوية من المركز ما يقارب الـ3 أشهر. وتغطي أدوية المركز ما بين 700 إلى 1000 مريض. يضاف إليها أعداد أخرى بالمئات لدى الصناديق الضامنة الأخرى.

في التفاصيل، تضم لائحة أدوية الزرع (بالاسم التجاري): «Cellsept» و«rapamune» و«myfortic» و«certican» و«neoral» و«advagraf» و«prograf»، وكلّها أدوية تعمل على إضعاف الجهاز المناعي لتأمين تعايش الأعضاء المزروعة مع جسم المريض. ويمكن استثناء الدواء الأول من هذه اللائحة، بعدما خرج أخيراً من لائحة الدعم لوجود بديل لبناني له. غير أن هذا الامتياز لم يمنع فقدان الدواء، إذ ينطبق على البديل اللبناني ما ينطبق على المدعوم، مع عدم قدرة المصانع المحلية على تلبية الحاجات المتزايدة من الأدوية للسوق.
وفي العودة إلى سبب الانقطاع، تجدر الإشارة إلى أن المبلغ المرصود لدعم الأدوية لا يكفي لسدّ الحاجة، وهو ما أعلنه وزير الصحة العامة فراس أبيض، مراراً، لا لدعم الأدوية السرطانية ولا باقي الأدوية التي يرصد لها ثلث المبلغ، منها أدوية الزرع.

تصفية في «المركزي»
وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أن آلية الاستيراد تفترض من الوكلاء ومستوردي الأدوية إرسال ملفاتهم إلى وزارة الصحة، ومنها إلى المصرف المركزي للموافقة عليها، ومن ثم رصد المبالغ لها. غير أن ما يجري أن «اللوائح المرسلَة تُنقّح في المركزي لكي تتلاءم مع المبلغ المالي المرصود، وفي الغالب تُشطب بعض الأدوية ومنها أدوية الزرع»، ما يؤدي إلى عدم استيراد الأدوية التي لا تُدعم. أضف إلى ذلك «أن أسعار بعض هذه الأدوية، المرتفعة، تدفع المستوردين إلى التوقف عن استيرادها انطلاقاً من مبدأ الربح والخسارة». والخلاصة في الحالتين أن «الدواء مفقود».

الأزمة بالنسبة إلى المرضى لا تقتصر على فقدان الدواء، وإنما أيضاً في أسعار هذه الأدوية التي لا يمكن الحصول عليها بسهولة، إن كان من السوق السوداء إن توافرت، أو في حال شرائها من الخارج. وبحسب لائحة الأسعار المدعومة، فإن الدواء الأقلّ سعراً ضمن هذه الأدوية هو ثمانون ألفاً (أي ما يعادل 55 دولاراً) وأعلاها سعراً هو مليونان و800 ألف ليرة (أي ما يعادل ألفاً و850 دولاراً أميركياً) في حال احتُسب الدولار على السعر الرسمي. لكنّ هذه الأرقام تختلف تماماً لدى الحديث بلغة السوق السوداء، وعلى أساس سعر دولار يلامس اليوم 39 ألف ليرة، لتُراوح الأسعار ما بين مليوني ليرة للسعر الأدنى، و70 مليوناً للسعر الأعلى، فمن هو القادر اليوم على مجاراة هذه البورصة؟