IMLebanon

فوضى في سوق الدواء: كلّ مواطن صيدلي!

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

أوعى تمرض” لأنّك لن تقوى على شراء الدواء بعدما تضاعف سعره من جهة وفُقد من السوق من ناحية ثانية، وسط حديث عن رفع الدعم نهائياً عنه، ما سيضع اللبنانيين أمام واقع صحي مأسوي، حيث باتت شريحة واسعة منهم غير قادرة على شرائه، وبعضهم يشتريه بالدين، وبين الإثنين ينشط التهريب الذي يحرم لبنان مليارات الدولارات.

تدخل سيدة سبعينية إلى إحدى صيدليات النبطية، تطلب دواء لمعالجة ترقّق العظم، ظنَّت أنَّ سعره لا يتجاوز المئة ألف ليرة، غير أنّ الموظفة أبلغتها أنّ سعره 350 ألف ليرة، ما دفعها للتراجع رغم حاجتها له. كثرٌ مثلها باتوا عاجزين عن شراء دوائهم بسبب أسعاره الباهظة، وكثرٌ أيضاً يلجأون إلى المراكز الصحية والمستوصفات.

المواطن لم يصرخ، ولن يفعلها، لأنه يلجأ الى الدواء الإيراني أو السوري والتركي رغم أن فعاليته ليست بجودة الأوروبي واللبناني، غير أنّه أرخص. ولا تخفي مراجع طبية “أن وصفة الدواء اليوم غير مراقبة وتشهد سوقه فوضى غير مسبوقة نتيجة تهريبه، فكلّ تاجر دواء بات صيدليّاً وهو أمر لم ينعكس فقط على الواقع الإقتصادي بل أيضاً أثّر على حركة بيع الدواء داخل الصيدليات.

لا يخفي الصيدليّ إبراهيم أنّ تجارة الدواء المهرّب ناشطة جداً في لبنان، كثرٌ من اللبنانيين يحجّون الى صيدليات تركيا لشراء الدواء وبيعه في لبنان، هؤلاء يعرفون “بتجّار الشنطة”، الذين يهرّبون الدواء “على عينك يا دولة” عبر المطار، ومن ثمّ يبيعونه في السوق اللبنانية بأسعار متدنية. لا يتوقّف الأمر هنا، بل يعمد كثر من الصيادلة إلى وضعه على رفوف صيدلياتهم، في مخالفة واضحة للقانون اللبناني.

تراجعت سوق الصيادلة هذه الأيام، فلعبة المؤشّر خسَّرتهم معظم رأسمالهم، هذا إضافة الى مضاربة الدواء المهرّب لهم، وهو أمر جعل الصيدليات في وضع اقتصادي محرج على ما يقول الصيدليّ محمد الحاج الذي لا يخفي الخسارة التي مني بها أسوة بغيره من الزملاء. يؤكد الحاج “أنّ سوق تهريب الدواء ناشطة جداً، وأصبح أي مواطن صيدليّاً، رغم عدم درايته في الأمر، ما سينعكس على سوء تخزين الدواء، هذا عدا عن أنّ معظم الأدوية المهرّبة ليست من النوعية الجيدة الأمر الذي سيعرّض صحّة المريض للخطر”، ويشير الى أنّه لا يقوى “على منع المريض من شراء أدوية بديلة رخيصة الثمن”.

إذاً، سوق التهريب نشطة على كافة الصعد، ملايين الدولارات تُصرف على شراء الدواء المهرّب، سواء من سوريا أم تركيا. ياسر م. أحد الناشطين على خطّ شراء الدواء من سوريا وبيعه في لبنان لقاء أرباح مضاعفة، يؤكّد أنّ “الدواء السوري ما زال أرخص بأضعاف من الدواء اللبناني” ويضع عمولة على كل دواء بين الـ60 ألفاً والـ100 ألف وهي عمولة يجدها المواطن رخيصة مقارنة بسعر الدواء اللبناني، مشيراً الى ارتفاع الطلب على الدواء السوري، جرّاء عدم قدرة كثر على تأمين ثمن الدواء الأجنبي. يسافر ياسر أسبوعياً إلى سوريا، يؤمّن ما تيسّر له من أدوية، إذ يمكنه شراء الكمّية التي يريدها، ويحقّق عبرها أرباحاً.

ليس ياسر وحده الذي ينشط على هذا الخط، تجّار الشنطة باتوا كثراً، فهذه التجارة إستقطبت كثيرين نظراً لما تدرّه من أرباح، وهو أمر يؤكّده محمد مسلم إذ كان يشتري عبر أحدهم، دواء لمعالجة مرض السرطان لوالده من تركيا بسعر 1350 دولاراً أميركياً، الى أن قصد صيدليّ صديق له تركيا، فإشتراها له بـ999 دولاراً، معتبراً “أنّ تجار الدواء يستغلّون بحث المريض عن دواء رخيص، لوضع عمولة كبيرة”.

يبدو أنّ عجز الدولة عن إدارة أزماتها فرَّخ تجّاراً قد يطيحون بصحّة الناس، فليس كل دواء جيّداً، هذا فضلاً عن أنّ معظم المستوصفات يصرف أدوية بطريقة خاطئة من دون رقابة. من يتحمّل المسؤولية إذا مات المريض جرّاء الفلتان والفوضى في سوق الدواء؟ وماذا عن دور وزارة الصحة؟