IMLebanon

“عودة الترويكا”… والمكوّن المسيحي “برّا”!

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

وجّهت جلسة مجلس الوزراء التي أصرّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على عقدها بدعم «الثنائي الشيعي» رسالة قاسية إلى المسيحيين، مفادها أنّ البلاد بإمكانها أن تسير حتى في ظلّ غياب المكوّن المسيحي.

في الظاهر، تبدو الجلسة الحكومية بمثابة توجيه رسالة قاسية من «حزب الله» إلى رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل على خلفية رفض الأخير السير بمرشح «الحزب» أي رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، لكن في العمق، فإنّ هذه الجلسة أتت في ظل غياب القوّتيْن اللتين تمثّلان الشارع المسيحي، أي «القوات اللبنانية» وحلفائها المسيحيين و»التيار الوطني الحرّ» وحلفائه، وهذه السابقة ترتكب للمرّة الأولى منذ خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان.

وحتى أنّ بعض الوزراء المسيحيين حضروا بصفتهم الشخصية مثل وزير الصناعة جورج بوشكيان وقد تمّ فصله لاحقاً من كتلة «النواب الأرمن» في حين أنّ تمثيل «تيار المرده» ضعيف جداً ولا يؤمّن الغطاء المسيحي. كما كانت ملفتة للأنظار مشاركة الوزير المحسوب على الحزب «التقدمي الإشتراكي» وزير التربية عباس الحلبي، وبذلك تكون المكوّنات الإسلامية حضرت وغاب المكوّن المسيحي.

وفي السياق، يشنّ مصدر كنسيّ هجوماً على ما حصل ويعتبر أنه «ليس بهذه الطريقة تدار البلاد، فالقضية ليست بعقد جلسة حكومية لتسجيل أهداف بين الأفرقاء المتنازعين، بل إن المسألة كان يجب أن تُحصر بانتخاب رئيس للجمهورية، ولو كانت الأطراف جادة في هذا الشأن لكنّا بغنى عن هذا الجدل العقيم».

ويسأل المصدر: «بعض من حضّروا للجلسة الحكومية تحجّجوا بأن هناك بنوداً مهمة يجب أن تُقرّ وعلى رأسها تأمين الأدوية لأمراض السرطان، وهنا نسأل: عندما كانت الحكومة قائمة ورئيس الجمهورية موجوداً تركتم مرضى السرطان بلا أدوية، فهل يمكننا أن نصدّقكم الآن والناس يموتون على أبواب المستشفيات؟».

ويرى المصدر الكنسي أنّ «ما شهدناه هو استحضار لزمن «الترويكا» واستخدام بعض الأدوات المسيحية التي لا تمثّل الشارع المسيحي، فعلى سبيل المثال، حُكم البلد سابقاً بتكافل وتضامن كلّ من الرئيس رفيق الحريري والرئيس نبيه برّي ووليد جنبلاط، وكان هناك بعض السياسيين المسيحيين مثل فرنجية يستخدمونهم للقول إن الميثاقية حاضرة، وما حصل بالأمس هو أن الإدارة السورية إنتقلت إلى «حزب الله» بينما ظهرت «ترويكا» جديدة هي كناية عن ميقاتي وبري وجنبلاط وبمشاركة فرنجية لكي يقولوا إن هناك بعض المسيحيين حاضرون، وبالتالي فإن كل هذا المسار هو ضرب للمكوّن المسيحي».

ويستحضر المصدر الكنسي تجربة الرئيس تمام سلام، ويعتبر أنّ «سلام كان يحاور الجميع لكنه كان رجل مواقف ولم يكن أسير أيّ فريق، فحكومته كانت حكومة قائمة وليست حكومة تصريف أعمال، وبعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان عام 2014، أصرّ على عدم تخطّي الموقع الأول في الجمهورية وكان كل قرار يُتّخذ يُذيّل بتوقيع جميع الوزراء من دون استثناء، في حين أنّ ميقاتي يتصرّف وكأنّه لا موقع لرئاسة جمهورية والبلاد تستطيع أن تسير بحكومة تصريف أعمال».

لا شكّ أنّ ما حصل يمثّل ضربة قوية للمكوّن المسيحي وليس فقط لـ»التيار الوطني الحرّ»، من هنا فإنّ الفريق الذي أقدم على هذه الخطوة يراجع حساباته جيداً خصوصاً أنّ عقد حكومة تصريف الأعمال الاجتماعات بهذا الشكل أثار حفيظة المسيحيين من دون استثناء، لكنّ الخطورة التي يراها البعض ليست في هذه الجلسات، بل في محاولة المكونات الإسلامية وعلى رأسها «الثنائي الشيعي» فرض رئيس جديد للجمهورية بلا رضى المسيحيين، وهذه الخطوة تكون الضربة الكبرى للميثاقية في بلد يقوم على فدرالية الطوائف وإن كانت هذه الفدرالية غير معلنة وغير مذكورة في الدستور.