IMLebanon

انتخابات المفتين شمالًا: إمام “التوافق” يطوي حقبة صراع سياسي؟

كتبت جنى الدهيبي في “المدن”:

تمكن الشيخ محمد إمام أن يصبح مفتياً أصيلًا في طرابلس والشمال، بعدما اعتلى المنصب بالوكالة مرتين. الأولى في 2005 بعدما انتهت ولاية الشيخ طه صابونجي، والثانية في حزيران 2020، بعدما طوى حقبة طويلة من الصراع السياسي-الديني، قادها تيار المستقبل بهدف مواصلة التمديد للمفتي السابق مالك الشعار منذ العام 2018.

وفاز إمام حاصدًا 66.40% من أصوات الهيئة الناخبة بمنصب مفتي طرابلس والشمال من بين سبعة مرشحين، فيما المنافسة الفعلية كانت محصورة بينه وبين الشيخ بلال البارودي الذي نال نحو 30% من الأصوات.

أما في عكار، فقد فاز الشيخ زيد بكار زكريا بمنصب مفتي عكار، والتي جرت في دائرة اوقاف عكار، حاصدًا نحو 45% من أصوات الهيئة الناخبة، بعد المنافسة الشديدة التي خاضها مع الشيخ أسامة الرفاعي.

إعلان دريان
وأجريت انتخابات المفتي المحلي في مناطق طرابلس وعكار وزحلة وراشيا وبعلبك الهرمل، وحاصبيا مرجعيون، بناء على قرار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. وصادق دريان على النتائج بإعلان فوز كل من: الشيخ محمد طارق إمام مفتي طرابلس بنسبة 66،40%، الشيخ زيد محمد بكار زكريا مفتي عكار بنسبة 45،56%، الشيخ علي الغزاوي مفتي زحلة بنسبة 56،60%، الشيخ وفيق حجازي مفتي راشيا بنسبة 85،70%، الشيخ أيمن الرفاعي مفتي بعلبك الهرمل بنسبة 65%، الشيخ حسن دلي مفتي حاصبيا مرجعيون بنسبة 80،95%.

وقال دريان: “إن هذا الاستحقاق الانتخابي هو واجب إسلامي ووطني تحقق بعد سنوات طوال من غياب مثل هذه الانتخابات”، وأكد أن “ملء مراكز الإفتاء في المناطق يساعد على تنشيط الدعوة الإسلامية وتنمية العقارات الوقفية والاهتمام المباشر بشؤون أئمة وخطباء المساجد والعناية بهم ورعايتهم في كافة المناطق اللبنانية”.

طرابلس والشمال
عمليًا، وعلى مستوى لبنان، تحل هذه الانتخابات لأول مرة بعد تصاعد الأصوات التي تعبر عن تشتت وضياع كبير في الساحة السياسية لدى الطائفة السنية، وتراجع دورها التأثيري بالمشهد العام، عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، كنتيجة لغياب تيار المستقبل.

وفي متابعة ميدانية لـ”المدن”، بدا جليًا أن انتخابات الإفتاء في طرابلس والشمال حظيت بأهمية استثنائية، لأنها تأتي بعد حقبة طويلة من الصراع السياسي شمالًا عبر منصب الإفتاء. كما يحل هذا الاستحقاق بغياب تيار المستقبل الذي كان يخوض معارك ضارية مع خصومه السياسيين عبر منصب الإفتاء. وجاء انتخاب الشيخ إمام خلفًا رسميًا للشيخ مالك الشعار، الذي كان يحظى بدعم غير مسبوق من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، بعدما لعب دور المفتاح الانتخابي له في العام 2018.

ويصف كثيرون الشيخ إمام بالرجل التوافقي والمخلص، وأن وصوله سيطوي مرحلة من التحيز السياسي. في حين، تعتقد فئة واسعة في طرابلس والشمال، أن هذا المنصب الديني المسيس، أصبح شبه مفروغ من دوره، خصوصًا لجهة إدارة أملاك الأوقاف الإسلامية.

وكان الرئيس نجيب ميقاتي أول من أدلى بصوته في دار إفتاء طرابلس والشمال، وسعى (كعادته) أن يلعب دوره الوسطي، بتوسطه الشيخين إمام وبارودي، وغمرهما بذراعيه مصرحًا: “اليوم مناسبة لتجديد ثقتنا بالقيمين على هذه الدار، وقد مارست حقي بالتصويت واتمنى كل الخير للمرشحين، وستبقى هذه الدار هي الدار الجامعة، ونحن نلتقي من أجل جمع الكلمة، والتنافس هو من أجل الخير حتمًا”.

كذلك أدلى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي بصوته في طرابلس، وصرح قائلًا: “نحن هنا لننتخب مفتي طرابلس والشمال مفتي الاعتدال، مفتي القيمة الوطنية المضافة، مفتي الاهتمامات الإسلامية التي لا تقل عن اهتماماته الوطنية، مفتي الجمع..”

وشارك النائب فيصل كرامي، في انتخابات الإفتاء، وقال: “نتمنى التوفيق للمفتي العتيد وندعوه ان يكون اماماً للمسلمين في طرابلس والشمال وان يوّحد الصف ويجمع الكلمة وأن يكون لكل المسلمين”.

وعقب إعلان فوز، قال الشيخ محمد إمام لـ”المدن”: “هذه المنافسة التي كانت في غاية الرقي والمحبة ووحدة الحال ووحدة الهدف والمنطلق، والجميع على رضى ومحبة وتعاون وإعلان صريح بمتابعة المسيرة في رعاية شؤون طائفتنا وبلدنا بشكل عام، وأن نقوم بما يتوجب علينا المركز”.