IMLebanon

خوري: قرارات الحكومة بحاجة لتوقيع 24 وزيراً وإلا!

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

يؤكد وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري موقفه الرافض لعقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال، إستناداً الى نصوص الدستور وليس الى أي قرار سياسي. وينفي ما تردد عن تدخل رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل لتغيير موقفه بعدما كان مؤيداً لعقد الجلسة وأبدى مرونة حيال ذلك. وقال «لم أغيّر رأيي لأسباب سياسية ولا بناء لطلب باسيل أو غيره. خبرتي في القضاء ومسيرتي تحتّمان عليّ التمعن بالدستور ونصوصه وهل أنتظر رأياً دستورياً من آخرين؟».

يستعين بنصوص الدستور وأوراقه المتراكمة على الطاولة أمامه. خبرته وتمرسه القضائي الطويل يجعلان من الصعب التأثير على قراراته، كما يقول آسفاً للواقع القضائي الراهن ولعلاقته المقطوعة مع مجلس القضاء الأعلى ورئيسه منذ أشهر خلت. ضمن صلاحياته يراسل المجلس ويقف على رأيه لكن المجلس يقابله باللامبالاة.

من وجهة نظر قانونية، يعتبر أنّ عقد جلسة للحكومة «تجاوز للدستور وهذا كارثة». ويقول «هناك أصول وقواعد دستورية ملزمة تتعلق بانعقاد جلسة مجلس الوزراء لحكومة مستقيلة، وقرارات لمجلس شورى الدولة بهذا الخصوص لا يمكن التغاضي عنها».

ويضيف «كما في اجتماع اللقاء الوزاري التشاوري كذلك في اجتماع اللجنة الوزارية قلت الموقف ذاته والذي سبق وأبلغته لرئيس حكومة تصريف ألأعمال نجيب ميقاتي. حين تستقيل الحكومة أو تعتبر مستقيلة فهي لا تتمتع بمسؤوليات سياسية لا تجاه البرلمان ولا تجاه أي جهة أخرى، وعملها يقتصر على تصريف أعمال يومية عادية لا تستوجب إجتماعاً لمجلس الوزراء». فكيف بالحري ونحن «نحن أمام واقعين، غياب رئيس الجمهورية، وحكومة مستقيلة لا تتمتع بصفة حكومة كاملة الصلاحية».

ويقول خوري في حديث إلى «نداء الوطن»: «إذا أرادت الحكومة القيام بأعمال تتجاوز الأعمال العادية تصبح حكومة مسؤولة في وقت هي حكومة غير مسؤولة. لهذا السبب ينص الدستور على عدم اجتماعها إلا وقت الضرورات القصوى التي تفرضها ظروف إستثنائية كاملة». ويحدد الأعمال العادية على أنها « تلك القرارات اليومية الروتينية والتي يوقعها الوزير ببساطة بعد الإطلاع عليها»، أما الأعمال الملحة «فتخرج عن نطاق الأعمال العادية ولا يمكن اتخاذها إلا في حالات الطوارئ وتبقى خاضعة للرقابة القضائية لمجلس شورى الدولة لأن لا رقابة برلمانية»، على أن «هذه الأعمال المهمة هي تلك التي تتطلب توافقاً بشأنها وإلا تجاوزنا نص الدستور وخالفنا التوزان القائم للتعاون بين السلطات».

يعارض قول ميقاتي بعدم دستورية المراسيم الجوالة ويراها حلاً دستورياً لعمل الحكومة ويصر على أنّ جدول قرارات الحكومة يجب أن يقترن بتوقيع 24 وزيراً وإلا كانت عرضة للطعن أمام مجلس شورى الدولة، ويضيف «بحسب البند السادس من المادة 64 من الدستور الذي يُحدد جدول الأعمال بعد اطلاع رئيس الجمهورية عليه والذي له الحق في التباحث مع رئيس الحكومة ولا يكتفي رئيس الحكومة بتبليغ رئيس الجمهورية في شأنه، ومن يحل مكان رئيس الجمهورية هم الوزراء الـ24 مجتمعين»، محيلاً الخلاف إلى الإجتهاد الصادر عن مجلس شورى الدولة »والذي يتحدث عن أن مسؤولية الحكومة تنتهي حين تستقيل، وحيث أن زوال المسؤولية هو الذي يحدد نطاق الأعمال العادية التي يوكل إلى الوزارة المستقيلة تصريفها. إذاً فإن السماح بتجاوز نطاق هذه الأعمال يؤدي الى قيام حكومة غير مسؤولة بأعمال تخضع للمسؤولية مع ما يترتب على هذا التجاوز من مخالفة أعمال الدستور وقاعدة نظام الحكم الذي يعتمده».

برأيه «كان يمكن تلافي عقد الجلسة الحكومية من خلال المراسيم الجوالة، لأنّ الإنعقاد مرهون بالحالات الإستثنائية كالحرب والزلزال وما شابه».

ولكن أليس البتّ بأموال المستشفيات من الأمور الإستثنائية؟

يجيب «لقد بقيت الحكومة بلا اجتماع لفترة ستة أشهر من قبل، فما السبب؟ وكيف لم تكن تلك الملفات ملحة في حينه؟ وكيف صارت كذلك في فترة الفراغ في سدة الرئاسة، سؤال أطرحه ولم أجد جوابه بعد»، متابعاً القول «حتى أكون صريحاً فإن الأجواء السياسية التي سادت في السابق لم تكن سليمة ولا تزال تداعياتها مستمرة بدليل الدعوة الى الجلسة من دون توافق مسبق».

وتأكيداً للمؤكد يقول «في كل الحالات ومع وجود رئيس الجمهورية وحتى في ظل حكومة مكتملة الصلاحية، فإنّ المراسيم العادية التي تستوجب توقيع الوزراء المعنيين ورئيسي الجمهورية والحكومة لا تتخذ في مجلس الوزراء بل توقع من كل وزير على حدة، إلى جانب توقيع الرئيسين وتسمى مراسيم جوالة وإذا ما اتخذت عن طريق التصويت عليها في مجلس الوزراء تعتبر باطلة».

وعما إذا كان البلد يحتمل غياب جلسات الحكومة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، يقول خوري «رئيس الحكومة لا يقبل بتوقيع الـ24 وزيراً. خلافا للمادة 65 من الدستور التي تتحدث عن إناطة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة بمجلس الوزراء أي الوزراء الـ 24 والمادة 781 موجبات وعقود تنص على انّه إذا عيّن عدة وكلاء بوكالة واحدة ولأجل مسألة واحدة، فلا يجوز أن يعملوا منفردين إلّا بترخيص صريح بهذا الشأن ولا يمكن لممثل واحد منهم أن يقوم بعمل إداري في غياب الآخر وإن كان من المستحيل على الغائب أن يعاونه في هذا العمل. لكن مثل هذا الواقع سبق واعتمدته حكومة تمام سلام وصدر تعميم عنه في العام 2016 رقم 20 يكرر ضرورة إتباع الأصول والقواعد الدستورية المتعلقة بالحالات الطارئة المبررة لإنعقاد مجلس الوزراء في حالة الحكومة المستقيلة».

يستغرب خوري تغيير ميقاتي مواقفه «قالها في مجلس النواب أمام الجميع وكررها في الإعلام أنه سيتشاور مع كل مكونات الحكومة قبيل الدعوة للجلسة لكنه لم يتشاور معنا وسمعت بالجلسة خلال إجتماع وزاري حين قال سأدعو الى جلسة من غير أن يحدد الآلية أو جدول الأعمال»، لكن «الدعوة يجب أن تخضع لأصول وظروف معينة ولضرورات معينة وتوافق الجميع».

ولدى سؤاله ماذا لو دعا ميقاتي مجدداً الى جلسة حكومية، يقول خوري «لا أعتقد أن هناك جلسة قريبة»، متابعاً «هناك أصول على مستوى العمل الحكومي سأتقيّد بها وحين يحصل توافق على كل شيء فالامر يختلف»، متمنياً «أن لا تسير الأوضاع على هذا النحو، نحن نحتاج الى المسار الدستوري. إنتخاب الرئيس شق والتعاطي مع الحكومة ومكوناتها شق آخر، لنرَ في أي ظرف يمكن دعوة المجلس للإجتماع. التعاطي في الوقت الحاضر مع جلسات الحكومة له أصول حددها الدستور».

ويرفض وزير العدل التدخّل في عمل القضاء ويحصر تعاطيه مع مجلس القضاء الأعلى في نطاق صلاحياته المحدودة كوزير للعدل ولكن هذه العلاقة يعتريها الفتور منذ قضية القاضي الرديف، ويقول «منذ ستة أشهر طرحت مسألة الموقوفين في قضية المرفأ على القاضي سهيل عبود ولعلمي بتدهور الوضع الصحي لأربعة موقوفين، وقلت له هل تتحمل العدلية نتائج تدهور الوضع الصحي لأحدهم؟ فأجابني لا بالطبع، فقلت له تصرف إذاً، وبعد فترة قال لي تباحثنا بالقضية وانا أؤيد إنتداب قاض وأرسلت فوراً كتاباً الى مجلس القضاء لسؤاله حول إمكانية الموافقة على مبدأ تعيين قاض منتدب للبتّ بملف إخلاءات السبيل والدفوع الشكلية إلى حين عودة القاضي طارق البيطار الى العمل مجدداً. إعترضوا على الدفوع الشكلية فقلت لهم ألغوها وإذا اردتم حصر اختصاصه بإخلاء السبيل فليكن».

ويتابع «إنتقلنا الى المرحلة الثانية وهي تسمية القاضي الرديف. زارني القاضي عبود ووضع لائحة بالأسماء التي يريدها ورغم كونها تدخل في نطاق صلاحياتي كوزير عدل إلّا أنني طلبت اقتراحه على سبيل التسهيل. إتصلت بالأسماء السبعة التي أوردها القاضي عبود في اللائحة ولم يوافق أي منها، فانتقلت الى الإسم الثامن في اللائحة أي القاضية سمرندا نصار فوافقت وأرسلتُ كتاباً إلى مجلس القضاء واستفسرت منه حول سلوكياتها فقالوا إنها تتمتع بمناقبية ورغم ذلك لم يأتني جواب بالقبول من عدمه، عاودت إرسال الكتاب مجدداً منذ أيام وعيّنت جلسة لاجتماع وحددت جدول الأعمال في سبيل استكمال تعيين الهيئة العامة أي رؤساء غرف التمييز ولم أتبلغ بالإجابة سلباً أو إيجاباً».

حول علاقته برئيس مجلس القضاء يقول وزير العدل «لا أعرف بماذا يفكر الرئيس عبود. رغم علاقتنا الشخصية الجيدة لكن مقاربتنا للملفات مختلفة كلياً في ما بيننا يجب على مجلس القضاء أن يجد حلاً والرد على كتابي وإذا كانوا يرفضون الإسم المقترح فيمكن أن أقترح اسماً آخر».

وعما إذا كان ممكناً الإجتماع للتباحث بالموضوع مجدداً قال «لا مجال للإجتماع مجدداً قبل أن أحصل على جواب في شأن الأسم الذي اقترحته». ويكشف عن إرساله كتاباً الى وزارتي الخارجية والدفاع «لإفادتي بتقرير طبي عن صحة كل موقوف سجين في ملف المرفأ ولكني حصلت منذ أيام على تقارير طبية لأربعة أسماء فقط. علمت بدخول سجينين الى المستشفى بصورة طارئة وهذه مسؤولية قضائية وتلقيت مراجعات من السفارتين الكندية والأميركية بخصوص موقوفين أحدهما وضعه الصحي دقيق. وطلبت من مجلس القضاء الردّ ولم أتلق جواباً بعد. ووردتني كتب من منظمة حقوق الإنسان تسألني عن مسجونين موقوفين».

لا ينكر خوري أنّ مجلس القضاء له أن يجتمع حين يقرر «لكنه يرفض الإجتماع من أجل البتّ بقضايا المرفأ ولا أعرف الخلفيات لذلك»، ويضيف «تفاصيل كثيرة صدرت عن المجلس من بينها بيان لم يكن في مكانه حول وجود خلفيات سياسية لتعيين القاضي الرديف. كل همي تعيين قاضٍ يبتّ في إخلاء السبيل لأنه لا يجوز توقيف سجين من دون البتّ بقضيته بينما القاضي الوكيل عمله مجمد».

وحول الجهة التي يمكنها المونة على مجلس القضاء للبت بالملفات العالقة يكتفي بالقول «كل جهة تتحمل مسؤولية عملها. والشعب يحاكم والرأي العام له دوره».

لا يعرف خوري ما الذي يريده القضاة لوقف اعتكافهم «الصندوق يؤمن لهم مبلغاً بالدولار يبدأ بـ600 دولار ويرتفع حسب الدرجات بالإضافة الى راتب مضروب بثلاثة أضعاف. وجدت حلولاً ولكن القضاة يطالبون بالأكثر ولكن يفترض أن يعود الجميع للعمل لا ان يعود جزء منهم وأتصور أن الأوضاع تعود الى طبيعتها من اليوم وحتى نهاية العام لا سيما لناحية قضاة القضاء العدلي»، متمنياً لو يتمكن مجلس القضاء من المساهمة في إنهاء إعتكاف القضاة تسييراً لأمور الناس.