IMLebanon

لا توافق خارجيّ رئاسياً… وموقف “قويّ” لبرّي

كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:

لا يظهر في الأفق المنظور أي مبادرات خارجية أو داخلية حاسمة رئاسياً، فالحراك الدافع في هذا الاتجاه يتطلّب وقتاً لكي يتبلور. لكن يبقى الواقع على الأرض في لبنان هو المعطى الأساس على هذا المستوى، إذ إنّ أحداً في الداخل أو الخارج، لا يريد أن يكرّر «غلطة» الفراغ الرئاسي لسنتين ونصف السنة، كما حصل قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، بحسب مصادر دبلوماسية عدة، لأنّ انعكاسات هذا الفراغ على البلد كارثية، فضلاً عن أنّ تبعات هذه التجربة أنتجت «صفقة غير موفقة». وانطلاقاً من أنّ جميع الأفرقاء يعلمون أنّ لبنان تخطّى «الخط الأحمر»، خصوصاً إقتصادياً، وكلّ الدول لا مصلحة لها في هزّ الإستقرار الأمني في لبنان، وتعلم أنّ الانهيار الاقتصادي سيؤدّي «عاجلاً أم آجلاً» الى أحداث أمنية، هناك مجموعة معطيات ومساعٍ ترجّح إنجاز الإستحقاق الرئاسي خلال أقل من 6 أشهر، بحسب المصادر نفسها.

وعلى رغم عدم وجود معلومات رسمية أو إعلان عن عقد اجتماع رباعي في باريس بين الفرنسيين والأميركيين والسعوديين والقطريين لبحث الوضع في لبنان والملف الرئاسي، ولم يتبلّغ سفراء معنيون بعقد إجتماع كهذا قريباً، إلّا أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والخارجية الفرنسية يضعان الملف اللبناني ضمن الأولويات جدياً، وهناك إيعاز للسفراء الفرنسيين بطرح الملف مع المسؤولين في الدول التي يمثلون بلادهم فيها، للتعاون معها لتثبيت الإستقرار السياسي في لبنان، ومن ضمنها روسيا، قبل تزعزع العلاقات بين البلدين إثر الحرب في أوكرانيا.

وإذ هناك محاولات على قدم وساق لكسر الجمود في الساحة اللبنانية، عبر تسوية شاملة بين واشنطن وفرنسا والرياض وربما مع إيران مع دورٍ قطري، إلّا أنّ الدول المؤثرة في لبنان لا تبدي اهتماماً جدياً بذلك، باستثناء فرنسا، وتقول مصادر دبلوماسية إنّ التأثير الفرنسي أو القطري سيكون محدوداً جداً أو منعدماً بلا الولايات المتحدة والسعودية وإيران، انطلاقاً من تجربة ماكرون بعد انفجار 4 آب 2020، فلا لقاء قصر الصنوبر ولا المبادرة التي طرحها أثمر أيّ منهما، ووصلت آنذاك تقارير دبلوماسية الى الخارجية اللبنانية تفيد بأنّ مبادرة ماكرون «فقاعة صابون» لأنّها تفتقد الى الدفع الأميركي الجدّي. كذلك الآن في الملف الرئاسي، لا يُمكن لفرنسا بمفردها أن تحقّق أي خرق، خصوصاً أنّ واشنطن تعمل وفق سياسة «التسوية الشاملة» وليس «على القطعة». لذلك، إنّ اجتماع باريس الرباعي الذي يُحكى عنه، لن يكون العامل الحاسم رئاسياً، هذا إذا عُقد، خصوصاً أنّ السعودية لم تبدِ بعد أي رغبة في أي تسوية وطهران لن تكون مشاركة فيه ولن «تسلّف» الفرنسيين هذه الورقة مع توتُّر العلاقات بين البلدين إثر الاحتجاجات في إيران وتعامل النظام الإيراني معها.

خارجياً أيضاً، هناك منبر لطرح الملف اللبناني، في المنتدى الروسي – العربي الذي سيُعقد في مراكش في المغرب، حيث ستكون مناسبة لتأكيد أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان، إذ سيشارك في هذا المنتدى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف والمبعوث الخاص للرئيس الروسي الى ​الشرق الأوسط​ وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ​ميخائيل بوغدانوف، إضافةً الى معظم وزراء خارجية الدول العربية، حيث سيكون البند الأساس للمنتدى العلاقات العربية – الروسية، فضلاً عن أنّ لافروف سيعقد اجتماعات ثنائية مع أي وزير عربي يطلب ذلك، وإذا حضر وزير خارجية لبنان عبدالله بو حبيب يمكنه أن يلتقي لافروف ويبحث معه في الملف اللبناني ومن ضمنه الرئاسي. وفي هذا الشأن، تعتبر مصادر دبلوماسية، أنّه على رغم أن لا دور أساسياً لروسيا في الملف الرئاسي، إلّا أنّ أي منتدى أو لقاء من هذا النوع يفيد لبنان أقلّه لجهة التعاون مع الدول لتثبيت الاستقرار في البلد.

من جهتها، تؤكد مصادر سياسية متابعة للملف الرئاسي، أن لا جديد على هذا الخط، ولن تشهد جلسة الخميس أي تغيير جذري يفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية. وتشير الى أنّ السعودي والقطري غير متفقين، كذلك الأميركي والفرنسي لم يتوافقا على الملف الرئاسي، لذلك فإنّ التوافق الداخلي أسهل من انتظار التوافق الدولي للوصول الى انتخاب رئيس، خصوصاً أنّ جميع ممثّلي الدول العربية والغربية يكرّرون على مسامع المسؤولين في لبنان العبارة نفسها «إصلاحياً» و»رئاسياً»: «ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم».

إزاء هذا الواقع أو «الجمود» الرئاسي، تفيد معلومات، بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يستمرّ في هذه العملية على هذا المنوال ولن يبقى «مكتوف اليدين»، بل سيكون له موقف «قوي» في غضون أسابيع، وهو يعطي فترة «سماح» للأفرقاء المعنيين والكتل النيابية للتوافق عبر الحوار الذي يصرّ عليه، وبعدها سيتحرّك. وإذ لم تتبلور بعد الوسائل التي يملكها برّي بين يديه، إلّا أنّه سيستمرّ في الدعوة إلى جلسات انتخابية لكن قد يتغيّر مسار هذه الدعوات.