IMLebanon

بين باريس وواشنطن… أي حظوظ لفرنجية وعون؟

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

أوحى تأخر صدور بيان عن الاجتماع الخماسي الذي انعقد في باريس بين ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وقطر ومصر، بأن هذا الاجتماع شهد تباينات حول الملف اللبناني وتحديداً الرئاسي في ظل صمت رافق المداولات وتعويل على صدور بيان عن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا.

ولم ينف أكثر من مسؤول لبناني عدم علمه حتى الآن بالنقاشات التي دارت في العاصمة الفرنسية وإذا كان التكتم دليلاً على اتخاذ قرارات نوعية أم أنه دليل على فشل. غير أن آخر المعلومات أفادت أن باريس طرحت السير برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بالتزامن مع عودة الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة، وهو أمر يبدو أنه لم يلقَ قبولاً لدى باقي ممثلي الدول. وعلم أن ممثل السعودية شدّد على انتخاب رئيس سيادي للبنان وغير فاسد ويعيد علاقات لبنان بالدول العربية ويتمتع بعلاقات عالمية.

وقبل اجتماع باريس، شهدت واشنطن لقاءات للجنة التنسيق اللبنانية الأمريكية Lebanese American Coordinating Committee مع عدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكية ومجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين وبعثات دبلوماسية من أجل تمتين العلاقات الأمريكية اللبنانية وتعزيز مواكبة القوى السيادية والإصلاحية والتغييرية التي تواجه معطلي الدستور ومعيقي الإصلاح ومستبيحي السيادة، والتأكيد على أن انتِخاب رئيس للجمهورية سيادي إصلاحي يشكل مدخلاً أساسياً لتحقيق سيادة لبنان ووضع الإصلاحات البنيوية والقِطاعية قيد التنفيذ. وقد استهلت هذه اللقاءات في الخارجية الأمريكية مع مدير دائرة المشرق ستيفان باتلر، ومن ثم أعضاء الكونغرس مارك تاكانو، وجيم هايمس، ودافيد سيسيلين، ورئيسي لجنة الصداقة الأمريكية- اللبنانية داريل عيسى ودارين لحود، ومع فريق عمل عضوي مجلس الشيوخ كريس مورفي وجاين شاهين، ولجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، واستكملت أيضاً بلقاء مع قنصل بعثة الاتحاد الأوروبي في واشنطن لوكاس سيبور، والمستشار الأول في السفارة الفرنسية داميان كريستو فاري، والسفير البابوي في واشنطن المطران كريستوف بيار.

ومن المعلوم أن لجنة التنسيق اللبنانية الأمريكية «LACC» التي تعمل مع الإدارة الأمريكية لصون القضية اللبنانية وحماية مصالح لبنان الوطنية وبذل كل ما يمكن مع الجالية اللبنانية لاستعادة لبنان عافيته، كانت زارت بيروت في الصيف الفائت في مهمة استطلاعية للأوضاع السائدة في لبنان من مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية بعد الانتخابات النيابية وسبل مواجهة الصعوبات التي يعانيها اللبنانيون. وجال أعضاء اللجنة على عدد من القيادات والهيئات الدبلوماسية والكتل النيابية وقائد الجيش العماد جوزف عون. وينضوي في اللجنة ثماني منظمات هي: المعهد الأمريكي اللبناني للسياسات «ALPI-PAC» والتجمع من أجل لبنان «AFL» وشراكة النهضة اللبنانية – الأمريكية»LARP» ولبنانيون من أجل لبنان «LFLF» والمركز اللبناني للمعلومات «LIC « ولبناننا الجديد «ONL» ودروع لبنان الموحّد «SOUL» والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم «WLCU» وينضم إليهم ملتقى التأثير المدني «CIH» بصفتِه المنظمة اللبنانية الاستشارية للجنة.

عودة مي الريحاني

وتبرز بين أعضاء هذه اللجنة مديرة مكتب واشنطن في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم مي الريحاني التي ترشّحت إلى رئاسة الجمهورية في لبنان والتي عادت إلى بيروت قبل أيام لتتابع عن كثب مجريات الانتخابات الرئاسية التي توقفت جلساتها بعدما تحوّلت إلى جلسات مملّة تستعيد السيناريو ذاته بين من يصوّتون للمرشح ميشال معوض ومَن يصوّتون بالورقة البيضاء ومَن يصوّتون لـ «لبنان الجديد» وسواه من الشعارات.

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري بالاتفاق مع حزب الله لن يدعو إلى جلسة جديدة للانتخاب قبل ضمان تغيّر المشهد وخصوصاً لجهة وجود مرشح منافس لمعوض مثل رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية يستطيع الحصول على 65 صوتاً في الدورة الثانية، فإن المبادرة التي قادها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لإسقاط ترشيح كل من معوض وفرنجية لصالح أحد الأسماء من لائحة ثلاثية تضم قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين لم تلق قبولاً لا لدى الرئيس بري ولا لدى حزب الله، وأثارت امتعاض معوّض بسبب عدم التنسيق المسبق معه ومع القوات اللبنانية لضمان عدم التخلّي عن أوراق قوة في مواجهة فريق 8 آذار ما يعني أن الحوار الذي ينادي به الثنائي الشيعي وشعار التوافق الذي يرفعه يعني صراحة التوافق على مرشحه هو ورفض أي ترشيح آخر حتى لو كان قائد الجيش غير المحسوب على أي طرف.

غير أن جنبلاط لم يسقط من ذهنه إسم المرشحة مي الريحاني، فإسمها ما زال يتم التداول به في الكواليس نظراً لما تتمتع به من خبرات ومن علاقات مع الإدارة الأمريكية ومع الدول العربية وفي طليعتها المملكة العربية السعودية إضافة إلى علاقاتها مع البنك الدولي ومنظمات دولية بحيث توحي الريحاني لهذه الجهات المانحة بالثقة وتكون قادرة في حال انتخابها على إطلاق مسار إصلاحي تغييري وتوظيف هذه العلاقات لمصلحة لبنان واستقطاب الدعم والاستثمارات وتشجيع لبنانيين مغتربين على العودة إلى بلدهم. وسبق عودة الريحاني إلى بيروت لقاءات أجرتها مع مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر وكذلك مع وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق دايفيد هيل ورئيس معهد الشرق الأوسط بول سالم والدبلوماسي الأمريكي إليوت أبرامز.

تمييز بين الجيش وقائده

وقد وُضعت بعض القيادات اللبنانية في أجواء المحادثات التي جرت في واشنطن حول موضوع رئاسة الجمهورية واستمرار الدعم للجيش اللبناني مع مفاجأتهم بالتمييز بين الجيش وقائده. فقد عُلم أن بعض المسؤولين الأمريكيين وبينهم داريل عيسى أكدوا استمرار دعم واشنطن للجيش اللبناني من دون أن يعني هذا الدعم بالضرورة دعماً لقائد الجيش ولانتخابه رئيساً. وقال أحد المسؤولين «سنبقى ندعم الجيش ولكن…» مسجلاً بعض التحفظات على أداء العماد عون الذي لا ينتبه كفاية على موضوع ضبط الحدود وعلى وجود أنفاق وعلى منع التهريب والكبتاغون، سائلاً «هل يُعقل أن يقتل أحد جنود اليونيفيل ولا يقوم الجيش اللبناني بشيء؟!».

ولفت مسؤولون أمريكيون إلى أن بلادهم تولّت تدريب الجيش وتسليحه وليس من مصلحتها سقوط هذه المؤسسة لا أمام حزب الله ولا أمام داعش، و«قمنا أخيراً بضغط كحزبين جمهوري وديمقراطي لدعم الجيش، وكسرنا التقاليد من خلال قبولنا دفع رواتب للجيش بموجب آلية مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي UNDP ولم نقم بأي مساعدة مشروطة ربما لأن الجيش غير قادر على الالتزام بما نطلب، إنما ما نطلبه هو الشفافية والنتائج».

وفي انتظار جلاء الأمور أكثر فأكثر، يبدو أن طريق قصر بعبدا غير معبّدة كلياً أمام مرشحين كفرنجية ومعوّض ولا معبّدة حتى أمام قائد الجيش، فهل يوجد مرشح قادر على إنقاذ الكيان واستعادة الدولة، وهل من فرصة لمرشح أو لمرشحة يعرف أو تعرف كيف تخاطب المجتمع الدولي والدول الخليجية وصندوق النقد ويقدّم أو تقدّم صورة بهيّة عن لبنان؟