IMLebanon

هل اقتربت ولادة سلطة قضائية مستقلّة؟

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

أعلنت لجنة الإدارة والعدل النيابية أمس الأول أنّها أنهت درس ملاحظات وزارة العدل المتعلّقة باقتراح قانون إستقلالية القضاء العدلي، وعليه بات السؤال البديهي والمشروع: هل حان الوقت لإقرار هذا القانون الإصلاحي؟ وهل يُمكن أن يتمّ ذلك قبل أو بعد حلّ أزمة الشغورالرئاسي؟ وما هي مواقف القوى السياسية والكتل النيابية المختلفة من هذا القانون؟ وهل تمّ التوافق على بنوده كافة أم أنّ هناك ما بقي معلّقاً بانتظار اتصالات الكواليس والساعات الأخيرة التي تسبق إنعقاد الجلسة التشريعية التي قد يكون على جدولها هذا الإقتراح؟

كثيرة هي الأسئلة التي يُمكن أن تُطرح حول مصير هذا الإقتراح ومضمونه، لكنّ الثابت والمؤكّد هو أنّه قد انتهى مشواره في أروقة اللجان، ويُفترض أن يُرفع إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، بعد أن يعدّ رئيس اللجنة تقريراً يشرح فيه ما توصّلت إليه المناقشات. ولأنّ الحديث عن السلطة القضائية المستقّلة التي أتى على ذكرها إتفاق الطائف كإحدى الركائز الإصلاحية، فلا بدّ من التذكير بمسيرة ومسار هذا الإقتراح الذي بدأ في العام 1997ولم ينته بعد.

وكان هذا الإقتراح قد دُرس في مرحلة سابقة ووصل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب في جلسة عُقدت في شهر شباط من العام 2022 وأعيد إلى لجنة الإدارة والعدل بناء على طلب وزيرالعدل الذي قال حينها إنّ هناك ملاحظات لدى الوزارة ولدى مجلس القضاء الأعلى. وبمعزل عن المشوار الطويل الذي استغرق أكثر من سنة لإعادة درس ملاحظات وزارة العدل، فإنّ لجنة الإدارة والعدل أوضحت في بيانها أمس الأول بأنّها ناقشت مجموعة من المواد الأساسية، لا سيّما تلك التي تتعلّق بقضاة المهمّة والإنتدابات، كما العطلة القضائية وتأمين المناوبات، ومسألة المداورة في المراكزالقضائية، وعدم جواز نقل القاضي حفاظاً على إستقلاليته في تنفيذ مهامه، ومعهد الدروس القضائية، إلى جانب بعض المواد الأخرى.

وعلمت «نداء الوطن» أنّ هناك بعض النقاط التي بقيت معلّقة بانتظار بتّها في الهيئة العامة لمجلس النواب، ولا سيّما مسألة آلية انتخاب مجلس القضاء الأعلى التي تُعتبر جوهر وأساس الإقتراح. ووفق مصادر في اللجنة، فإنّ المقاربات المقترحة لهذه المادة تتوزّع على الشكل التالي:

1 – إنتخاب الأعضاء العشرة بشكل كامل.

2 – إنتخاب سبعة أعضاء مع الأعضاء الثلاثة الحكميين.

3 – إنتخاب أربعة أعضاء مع الأعضاء الثلاثة الحكميين،على أن يقوم السبعة بانتخاب الثلاثة المتبقّين.

وتشير المصادر إلى أنّ الخيار الثالث هو ما ورد في ملاحظات وزارة العدل، ولكنّه غير مشجّع لأنه يُبقى على منطق المحاصصة والتدخّل من قبل السلطة السياسية قائماً.

أمّا الخياران الأول والثاني فهما الأقرب إلى النقاش الجدّي والعملي لتحقيق الغاية المتوخّاة من القانون وهي الإستقلالية.

ولأنّ الجميع يختبئ وراء التوزيع الطائفي من دون الحديث المباشر، فهناك من يرى أنّ الخيارالأول، أي إنتخاب الأعضاء العشرة هو الأنسب كخطوة ربّما تُشكل مدخلاً لإلغاء الطائفية طالما أنّ العملية ستتمّ بالإنتخاب من دون تحديد الهوية الطائفية للمرشح.

ووفق المعطيات التي حصلت عليها «نداء الوطن»، فإنّ ما تمّ إنجازه في هذا الإقتراح كرّس إستقلالية القاضي وضماناته في المادة 53، كما عزّز دور معهد الدروس القضائية، إعتباراَ من المادة 108، من خلال فصل كامل، تناول تفاصيل إجراء الإمتحانات وكلّ ما يتعلّق بالمعهد. كذلك تمّ تعزيز دور التفتيش القضائي، من خلال تحويل هيئة التفتيش هيئة مستقلّة، تتألف من رئيس وثمانية مفتشين عامين قضائيين، ستة منهم من القضاء العدلي، وواحد من مجلس الشورى وواحد من ديوان المحاسبة.

وتتولّى هذه الهيئة المستقلّة مراقبة عمل حسن سير المرفق القضائي، ويتمّ تعيينها بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.

ما تقدّم هو أبرز مفاصل هذا القانون المنتظر والموعود الذي يتضمّن نحو 164مادة.

فهل اقتربنا فعلاً من بداية إنطلاق الخطوات الإصلاحية؟ أم أنّ النكد السياسي والنكد الطائفي والمذهبي سيُعطّلان هذا المسار، لا سيّما وأنّ توزيعة المواقع الحكمية الثلاثة لأعضاء مجلس القضاء الأعلى (رئيس مجلس القضاء – ماروني)، (النائب العام التمييزي- سنّي) و(رئيس هيئة التفتيش القضائي- سنّي)، قد تفتح الباب أمام مطالبة البعض بتكريس مواقع معيّنة لها، وبالتالي تنسف الغاية الإصلاحية من هذا القانون؟