IMLebanon

هل تفضح مخالفات عقد حمية لتوسعة المطار؟

كتبت باسمة عطوي في “نداء الوطن”:

مرة أخرى، تثبت الطريقة التي اعتمدها وزير الاشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال علي حمية لتلزيم توسعة المطار، من دون المرور بهيئة الشراء العام، بأنه لا يمكن الرهان على المنظومة السياسية الحاكمة (او المتحكمة) التي تدير البلاد والعباد لتنفيذ الاصلاحات ومبادئ الحوكمة التي يطلبها صندوق النقد تمهيداً لتوقيع اتفاق انقاذي نهائي بينه وبين لبنان، لاخراج البلاد من دوامة الازمة الاقتصادية الخانقة التي يغرق فيها منذ اكثر من ثلاث سنوات.

مخالفة قانون الشراء العام

سبب هذه الخيبة هو أن “الآلية القانونية” التي اعتمدها حمية، (أحكام المادة 25 من قانون رسوم المطارات الصادر في العام 1947 وتعديلاته، بشأن إشغال الأراضي المكشوفة من شركات النقل الجوي وإقامة إنشاءات ومبانٍ على نفقتها الخاصة)، مخالفة لقانون الشراء العام الذي تنص المادة 114 منه (البند الخامس)،على الغاء كل نص مخالف لأحكامه ولا يتفق مع مضمونه، بما في ذلك بعض الأحكام المتذرَّع بها من قانون الرسوم والمطارات لتبرير التجاوزات الحاصلة. وهذا ما يوافق عليه المختصون ومنهم 12 جمعية حقوقية، اصدرت الاسبوع الماضي بياناً حول عدم خضوع الآلية التي اعتمدها حمية للتلزيم لمبادئ الحوكمة الرشيدة والشفافية. في الوقت الذي اعلن رئيس هيئة الشراء العام جان العليّة انه لم يطّلع من وزارة الاشغال على كيفيّة تلزيم إنشاء مبنى جديد في المطار من دون مناقصة، وهو يدرس حالياً الملف. ويفترض من حيث المبدأ أن تصدر هيئة الشراء العام تقريراً لاظهار مدى تطابق التلزيم الذي حصل مع القوانين المرعية. كما ان على ديوان المحاسبة ان يصدر تقريراً ايضاً في هذا الشأن.

في التفصيل القانوني لمخالفات حمية، فقد صدر قانون الشراء العام في لبنان رقم 244 تاريخ 29/7/2021، ونصت المادة 3 فقرة 1 منه على اخضاع الصفقات العامة كافة، من لوازم وأشغال وخدمات، وأياّ كان مصدر التمويل، للقانون المذكور أعلاه، كما والفقرة 5 التي أوجبت أن تطّبق أحكام القانون المذكور على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في كل ما لا يتعارض مع القانون رقم 48 تاريخ 7/9/2017 وتعديلاته.

ماذا يقول ضاهر؟

يشرح الأستاذ المُحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة الدكتور كريم ضاهر لـ”نداء الوطن” أن “تلزيم توسعة المطار من المفروض أن يكون خاضعاً لأحد قانونين، إما قانون الشراء العام اي القانون 244، والذي يضع القواعد لكل التلزيمات التي تحصل وبشتى اشكالها، ويمكن ان يكون هناك استثناء واضح ومستند الى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي صدر في العام 2017، وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون(الشراء العام)، خصوصاً أن تلزيم المطار يربط الدولة اللبنانية بمدة زمنية طويلة هي 25 عاماً”.

يضيف: “إذا كان الوزير حمية يستند الى قانون رسوم المطارات، فان قانون الشراء العام في المادة 114 منه، نصّ على أنه يلغي كل قانون او قرار لا يتفق مع مضمونه. ولذلك فان المبدأ العام هو القانون 244 اي قانون الشراء العام، والذي يجب ان يطبق في كل التلزيمات التي تخص الدولة اللبنانية، اي المؤسسات العامة والادارات، أما في الاستثناء الذي اورده فهو القانون 48 اي قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولذلك فان تلزيم المطار إما سيدخل ضمن قانون الشراكة أو الشراء العام، وهذا ما سيجيب عليه ديوان المحاسبة والدكتور جان العليّة”.

اللجوء الى القضاء

يشدّد ضاهر على أن “قانون الشراء العام أصبح نافذاً منذ تموز 2022، وفي حال كانت شروطه اقرب الى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب تطبيقه ايضاً. وهناك عدة آليات وشروط في هذا القانون يجب التقيد فيها، وسيكون هناك دور للامين العام لمجلس الخصخصة ودور ايضاً لمجلس الوزراء الذي عليه ان يتخذ القرار، وليس ان يتفرد به الوزير وحده”، مؤكداً أن “هناك آليات يقتضي اتباعها والتقيد بها، وهذا ما لم يفعله الوزير حمية الذي اشار الى انه استند الى قانون رسوم المطارات، ولذلك نقول ان العملية مخالفة للقانون. لذلك، سنعلي الصوت وننبه الناس بأن هناك مخالفات، وسنلجأ الى القضاء وسنفضحهم امام المجتمع الدولي وصندوق النقد، من خلال طريقة الحوكمة التي يتبعونها والتي تؤكد ان لا شيء تغير، واتمنى من الشعب اللبناني ان يتحرك كما فعل في 17 تشرين لرفض هذه المنظومة ولتحقيق التغيير الفعلي”.

أمور تثير الريبة

ويضيف: “ما نطلبه هو ان تتحقق الشفافية وادارة المال العام بصورة واضحة، وهذا ما لم تتقيد به وزارة الاشغال. فعند الدخول الى الموقع الالكتروني الخاص بها، نجد انها لم تنشر القانون الذي استندت اليه في تلزيماتها، وليس في الموقع معلومات عن الشركة التي أوكل اليها هذا العقد، ولا كيفية تطبيق شروط ذلك العقد”، لافتاً الى أن “هناك الكثير من العناصر والتفاصيل المبهمة، ومنها ان كلفة المشروع في البداية كانت 48 مليون دولار، وبسحر ساحر ارتفعت الى 130 مليوناً. وهذا ما يثير الريبة، خصوصاً أننا نمر في ظروف صعبة، وصندوق النقد يطالبنا بتنفيذ اصلاحات ومن ضمنها تطبيق قانون الشراء العام، في حين ان خطوة حمية هي ضرب بعرض الحائط لكل الخطوات الاصلاحية التي يطالبنا صندوق النقد بتنفيذها، اي الشفافية والحوكمة”.

لن نسمح بمرور التجاوزات

أمام هذا الواقع، هل هناك اجراء يساهم بوقف تنفيذ “آلية حمية”؟ يجيب ضاهر: “دورنا كنقابة محامين ومجتمع مدني، هو أننا نلعب دور المرصد ولن نسمح بمرور اي تجاوزات، وسنرفع الصوت. لكننا لسنا قوى منظمة او لدينا كتلة نيابية (ما عدا بعض النواب المستقلين الذين يتبنون رؤيتنا ويحاولون ايصالها عبر مشاريع قوانين)، ولذلك ليس امامنا سوى اللجوء الى القضاء في حال لم يعمد الدكتور العليّة الى الطعن بهذه التلزيمات كونه صاحب صفة”، مشدداً على أنهم “سيدرسون الامكانيات التي تتيح لهم الطعن بهذه التلزيمات، بعد ان يعطي ديوان المحاسبة تفاصيل اضافية عن عدم قانونية التلزيم. وبعد دراستها، وفي حال وجدوا أنها مخالفة للقانون، سيطعنون بها امام مجلس شورى الدولة، كما حصل وقمنا بذلك كنقابة محامين ضد التعميم الذي صدر عن مصرف لبنان رقم 159”.