IMLebanon

مؤازرة عربية لعودة سوريا: النازحون جزء من الحلّ؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

في ظل الإجتماع الذي عقد في الأردن وما صدر عنه بشأن ملف النازحين، بات يمكن المقارنة بين الإجتماع الخماسي الذي عقد في باريس والإجتماع الخماسي الذي عقد في الأردن. في الإجتماعين حضر المجتمعون أمام سرير مريض اسمه لبنان لم يشارك لا في اجتماع عمان ولا في اجتماع باريس فكان الغائب الأكبر عن «الخماسيتين» والسبب غياب دولة تثبت وجودها لتكون حاضرة بدل أن يتحول لبنان إلى ضيف على مأدبة الآخرين. في النموذجين كان لبنان أمام جمعية أطباء تتعاطى مع رجل مريض، مرة تبحث له عن حل لملفه الرئاسي، وأخرى تبحث عن حل ملف النازحين، علماً أنّ لبنان ممثل ديبلوماسياً في دول القرار وهو عضو في جامعة الدول العربية ودولة جارة لسوريا ويتقاسم معها، إلى الحدود، جملة هموم وموضوعات مشتركة ومتشابكة أيضاً.

وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أن التعاطي مع لبنان وكأنه دولة فاشلة لم تستطع أن تثبت نفسها وأهليتها لإدارة شؤونها بدليل أنّ الدول قطعت شوطاً في الإتفاق مع سوريا لتأمين عودة النازحين ونحن لا نزال نصر على رفض عودتهم خوفاً عليهم من النظام.

في اتصال مع نظيره الأردني إستفسر وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب عن سبب عدم دعوة لبنان للحضور خاصة وأنه معني مباشرة بموضوع النازحين السوريين وتوجّه إليه بالقول «استغيبتونا» فكان رده أنّ لبنان ليس عضواً في مجموعة الدول العربية والخليجية التي بدأت إجتماعاتها في السعودية لبحث موضوع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

وقالت مصادر ديبلوماسية عربية لـ»نداء الوطن» إنّ الاجتماع في الأردن جاء استكمالاً للإجتماعات التي سبقت، وأن الهدف لم يكن بحث ملف النازحين على وجه التحديد بقدر ما تركّز حول موضوع حلّ الأزمة في سوريا وعودة النازحين ضمناً وقد تتكرر الإجتماعات بمشاركة دول أخرى كتركيا مثلاً أو غيرها من الدول المعنية بوجود حل للأزمة في سوريا معبّراً عن إمكانية إستفادة لبنان من القرارات التي صدرت ومن الخطوات التي ستنفذ على هذا الصعيد.

في القراءة الأولى للإجتماع، أنّ من أهدافه التعويض عن عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية وحضور إجتماع القمة. سبق وأبلغ الرئيس بشار الأسد موفداً عربياً أنّه يفضل عدم حضور القمة حالياً، وأنّ سوريا تولي أهمية لعودة علاقاتها الثنائية مع الدول العربية أكثر من عودتها كعضو في الجامعة العربية خاصة.

بتفاؤل قاربت الخارجية اللبنانية الإجتماع المشار اليه على اعتبار أنّ أي تقارب عربي باتجاه سوريا سينعكس حكماً على لبنان، لكن في ما يتعلق بعودة النازحين فهي لا ترتبط بوقف قطيعة العرب لسوريا بقدر ما تتعلق بموقف الدول المانحة التي ترفض عودتهم في الوقت الراهن وتربط مساعدتها لهم بوجودهم على أرض لبنان.

لا ينفصل فتح ملف النازحين بالشكل الراهن عن عودة العلاقات السعودية مع سوريا. تقول مصادر موثوقة إنّه منذ إنطلق هذا التفاهم كان ملف النازحين من ضمن القضايا المطروحة على طاولة البحث، ولمس السوريون وجود نوايا سعودية مساعدة لإعادة النازحين والمساهمة في ورشة إعادة الإعمار. وبرز تضارب في الموقفين العربي والأوروبي من موضوع عودة النازحين، ففيما تمنع دول الإتحاد الأوروبي عودتهم كي لا تمنح شرعية للنظام السوري، تبدي الدول العربية من خلال بيان الوزراء الخمسة في عمان إصراراً على مساعدة سوريا في بسط سيادتها على أراضيها وإعادة النازحين كباب من أبواب الحل ومنع أي تغيير ديمغرافي في النسيج الإجتماعي السوري.

تتحدث مصادر متابعة في لبنان عن توافر معطيات دفعت لبنان باتجاه اتخاذ إجراءات تحد من حركة النازحين وتحفز على عودتهم، وتابعت تقول: «على ما يبدو فإنّ المجتمع الدولي لا دور له في المسعى العربي الراغب في حل أزمة النزوح»، وتحدثت عن خطوات مرتقبة وإجراءات ستقوم بها الدول التي تستضيف نازحين على أراضيها لتسريع العودة، وقد باشر الأردن خطوات عملية بعودة نحو الف نازح سوري الى سوريا، وستليه وفق المعلومات تركيا بعد أن تنجح مساعي ترتيب العلاقة السورية – التركية، والتي لم تشهد لغاية اليوم التحسن المطلوب، والسبب الذي تتحدث عنه مصادر ديبلوماسية تركية هو أن «النظام السوري يشترط في كل مرة يحصل فيه التقارب شروطاً جديدة». مصادر سياسية متابعة توقعت أن يكون بيان الوزراء الخمسة في الأردن جزءاً من بيان إجتماع القمة العربية خاصة في الشق المتعلق بالحل السياسي وعودة النازحين بمؤازرة عربية. لكنها شككت في إمكانية توافر ظروف هذه العودة حتى من قبل النظام السوري ذاته في حال لم تتوافر ظروف مساعدة على تأمين عودتهم. وتابعت إنّ سوريا تشكو في ما يتعلق بالنازحين المتواجدين على الأراضي اللبنانية من غياب الأعداد الحقيقة لهم وقد سبق أنّ رفض لبنان توقيع ورقة تفاهم مع سوريا حول معالجة قضيتهم.

عاد العرب إلى سوريا أو عادت هي اليهم، وأنجزت إيران إتفاقها مع السعودية وبقي لبنان يبرر غياباً غير مشروع عن طاولة الحراك الذي تشهده المنطقة ويكتفي ببيانات الإشادة والترحيب.