IMLebanon

غادة عون OUT: القاضية التي كالت بعدالتيْن

كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:

يكمن جوهر العلاقة بين «زوج السلطة» (السياسة والقضاء) وسرّ نجاحهما، في الفصل بينهما، فيما يُفقد رباطهما عذريتهما، وتطال «الفضيحة» القضاة أكثر من غيرهم. سُمعتهم وسيرتهم الحسنة وحياديتهم من أبرز شروط وصفات جلوسهم تحت نبراس العدالة وفوق «براثن» الساسة. زيّهم الأسود عرضة للتلطّخ أكثر من كفوف السياسيين «البيضاء». في بلاد «الفايكنغ» الاسكندنافية التي تحوّلت إلى قائمة الدول الأكثر شفافيةً واحتراماً للقانون والعدالة، يُمكن الحكم على الحكّام والقضاة والمسؤولين أجمعين. يَسهل الفصل بين القمح والزؤان. بين القاضي النزيه «زلمة نفسه» والمتلوّن بألوان السياسة والتواءاتها. أمّا لدى أمّ الشرائع بيروت، فلكلّ قضية أو شخصيّة عامّة مناصرون ومعادون. تجد من يشيطنها ومن يقدّسها. حتى في المسلّمات الدستورية والقانونية، يبرز الجدل والدجل.

لم تشذّ ظاهرة القاضية غادة عون عن هذه القاعدة. شطر اسمها اللبنانيين والمسؤولين والرأي العام، بين مؤيّد لمسيرتها القضائية وأسلوبها التشويقي و»البوليسيّ»، ومعارض لاستنسابيّتها في اختيار ملفّات قضاياها وعناوين مطارداتها. أمّا سيل «التنمّر» والإنتقادات الشخصية والنمطية بحقّها، فليس سوى حقد رخيص ونقص في انهيار سلّم القيم والأخلاقيات الإنسانية وبديهيات الكرامة الشخصيّة.

وحده المجلس التأديبي للقضاة أجمع على فصلها من الخدمة، بناء على دعاوى قدّمها متضرّرون من إجراءات اتّخذتها، ولمخالفتها تعليمات رؤسائها. وعلّقت القاضية عون على خلاصة القرار، قائلةً: «يا عيب الشوم، شو بلا ضمير. أؤمن أن الحقّ لا يضيع، ولم أقم بأيّ خطأ، بل قمت بعملي فقط»، مؤكّدة أنّ «هذه ملاحقات كيديّة، والاتهامات مجرّد أقاويل، واتُّهمتُ أنّني أؤثّر على زميل لي تواصلت معه بالقانون». وذكرت وكيلتها من أمام قصر العدل أنها ستستأنف القرار الصادر أمام الهيئة العليا للتأديب، قائلةً: «أمام القاضية عون مهلة 15 يوماً لاستئناف القرار أمام الهيئة العليا للتأديب. وبمجرّد تقديم الإستئناف، يتوقّف تنفيذ القرار الصادر عن هيئة الدرجة الأولى للتأديب». وقد التقت القاضية عون الوفد الأوروبي لبعض الوقت في قاعة التحقيق في طبقة مجلس الشورى حيث يتردّد أنّها استنجدت بهم وطلبت مساعدتهم. هذا، ونفّذ عدد من مناصري القاضية المصروفة وقفة تضامنية أمام مدخل قصر العدل بالتزامن مع صدور القرار.

«طنّ» اسمها مع انفجار الأزمات المعيشية والإقتصادية والسياسيّة. نعمة «العهد العوني» شرّعت أمامها أبواب النيابة العامّة الإستئنافية في جبل لبنان عام 2017، وخاض «التيّار» معركة تثبيتها في موقعها عام 2020، حتّى نالت وسام «قاضية العهد». قبله لم يسمع بها أحد. لا سمعة قضائية عريضة أسوة ببعض زملائها اللامعين والضالعين في الشؤون القضائية. ميولها السياسية واسم عائلتها تحوّلا إلى نقمة. في المقابل، استطاع غيرها من القادة والمسؤولين الذين تبوّأوا المناصب والمسؤوليات، أن يفصلوا بين دعم «العهد» في وصولهم، وممارسة مهامهم من دون أن ينجرفوا إلى هذا الطرف أو ذاك، ولم يصبغوا شهرتهم أو كنيتهم العائلية بالحسابات والمحسوبيات السياسية، وأبرز مثال على ذلك هو قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي حافظ على مناقبيته ورصانته العسكرية والمؤسساتية.

يُسجّل للقاضية عون أنها فتحت ملفات الفساد وقارعت كبار المسؤولين السياسيين والماليين في لبنان. شكّلت «غاراتها المنسّقة» على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سلسلة مشوّقة في يوميات اللبنانيين. انتظروا نهاية مسلسل «عون «آند» سلامة» من دون نتيجة. لم تتمكّن من القبض عليه، رغم تسطيرها بحقه قرار منع السفر برّاً وبحراً وجوّاً. لكن ما عجزت عنه «قاضية العهد»، تمكّنت منه رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر مع دخول الوفد القضائي الأوروبي على خطّ القضية.

كما خاضت مواجهات مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وادّعت عليه عام 2009 بتهم الفساد، و2022 بإعاقة سير العدالة وتنفيذ المذكّرات القضائية. أما الإدارات والأجهزة الأمنية الأخرى فظلّت خارج مرمى النيران. كذلك «القرض الحسن» بقي في «الحفظ والصّون»، لم تطله استهدافات القاضية التي لا تهدأ، مصيره مصير الإدارات والوزارات المحسوبة على «الرجل الذي لا ينام» رئيس «التياّر الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل.

وُسم «عهدها»، بالخلع والتكسير واقتحام الشركات، مستعينة بعناصر من جهاز أمن الدولة، معزّزة بمناصري «التيّار»، في اقتحامات سياسية، كما حصل مع شركة مكتّف، والإستعانة بالراهبات (الأم أغنيس)، في استغلال حرمة الدير لإخفاء «الداتا» المزعومة بعدما لم يتسنّ لها إثبات أي شيء من ادّعاءاتها، لتفتح الشركة أبوابها بحكم البراءة بعدما لوّث «الختم الأحمر» عباءة القاضية.