IMLebanon

دريفوس – سلامة من جديد!

جاء في “أخبار اليوم”:

تتسارع التطورات المتعلقة بقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام القضاء الفرنسي، حيث صدرت مذكّرة توقيف دولية من الإنتربول بحقه، وتسلّم لبنان النشرة الحمراء ذات الصلة.

ومن جهته، أكد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي تلقي لبنان المذكرة، معلنا أنّه “سيكون للحكومة موقف من بقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في منصبه الإثنين المقبل”. وقال: “سنسلّم سلامة لفرنسا إذا طلب القضاء اللبناني ذلك”، مضيفاً: “رأيي الشخصي أنّه يجب عليه التنحي فوراً”. وتابع: “لا حماية لرياض سلامة وسنحمي مؤسسة مصرف لبنان”.

سياسيا

يأسف مصدر سياسي للاستمرار بمنحى ضرب سمعة لبنان، قائلا في تعليقه على تلك المجريات: تذكرنا قضية رياض سلامة، لا سيما بعد تدخل باريس الفاضح بها من خلال القاضية اود بوريزي بقضية النقيب ألفريد دريفوس، ذاك الضابط الفرنسي اليهودي الذي اتهم ظلما بالخيانة وحوكم وتبين لاحقا انه بريء، بسبب ذلك أصبحت قضية دريفوس رمزاً للظلم في فرنسا وباسم مصلحة الوطن وظلت أكبر الأمثلة التي توضح الأخطاء القضائية (الصعب إصلاحها).

وفي هذا السياق، يتوقف المصدر، عبر وكالة “أخبار اليوم” عند مقابلة سلامة مساء امس التلفزيونية، حيث اهم ما فيها انه طالب بمحاكمة السياسيين، قائلا: “هل بدأوا بالتحقيق بي فقط لأنه ليس لدي “زعران” في الشارع”؟ واضاف: هناك عملية سياسية وليست قضائية وراء ما يجري. أنا مستعد لكل المسار القانوني رغم قناعتي بأنه ظالم”.

ويعتبر المصدر ان كلام سلامة دليل على ان السياسيين هم المسؤولون عن صرف الاموال عبر وزاراتهم وخصوصا وزاة الطاقة، سائلا: هل يعلم المواطن اللبناني ان الاموال التي انفقت هدرا على الكهرباء فقط تتجاوز الـ40 مليار دولار، هل يعلم ان الدين العام تجاوز المليارات نتيجة لسدود لا تجّمع المياه، وهل كان سلامة مسؤولا عن الكهرباء والسدود وعن العديد من المجالس… هل كان يعلم ان المرفأ سينفجر ولم يفعل شيئا؟

قضائيا

اما عن المسار القضائي، فيشير مرجع قضائي، عبر وكالة “أخبار اليوم” انه خلافا لرأي وزير الداخلية، يفترض اولا ان تستدعي النيابة العامة التمييزية الشخص المعني بمذكرة الانتربول وتستجوبه على خلفية التهم المنسوبة اليه، وعندها تقرر توقيفه، اذا تبين ان هناك جرم ما، تمهيدا للادعاء عليه محليا وليس لتسليمه، لافتا الى وجود مبدأ قضائي عالميا مفاده ان الدولة لا تسلم رعاياها بل تتم محاكمتهم في بلدهم الا في حالة استثنائية جدا، والدليل في هذا السياق عدم تسليم كارلوس غصن رغم صدور مذكرة مماثلة بحقه. ويشدد على ان لبنان لديه الصلاحية الشخصية على كل من يحمل الجنسية اللبنانية، وبالتالي حتى ولو كان الجرم مرتكب في الخارج فان السلطات اللبنانية هي التي تحكم.

وفي سياق متصل يتوجه المرجع شالقضائي الى المهللين للتحرك الخارجي في قضية مصرف لبنان والمصارف اللبنانية، قائلا: اذا كان هدفكم استرداد الاموال المهربة – اذا ثبت وجودها- فان اي محاكمة تحصل في الخارج لن تعيد اي قرش للدولة اللبنانية المفلسة.

ماليا

على الصعيد المالي والنقدي، يشرح خبير مالي عبر وكالة “أخبار اليوم” ان ما من مبلغ يصرف في الدولة اللبنانية الا بواسطة الموازنة التي تعتبر مفتاح الانفاق، والجميع يعلم ان الدولة اللبنانية هي التي ادخلت خزينتها في عجز ثم في افلاس، مشيرا الى انه منذ العام 1990 الاحزاب التي تتحاصص الدولة فاضعفتها واضعفت هيكليتها، فاصبحت الخدمات مقدمة من الاحزب وليس من الدولة، وقد عمدت تلك الاحزاب الى تمويل نفسها من ثلاث مصادر اساسية: الكهرباء، المرفأ والاتصالات، الى جانب مصدر رابع اقل ربحية وهي الصفقات العامة.

واذ يعتبر ان مصرف لبنان اصبح حكما ضمن اللعبة ولكن من باب تنفيذ قوانين الموازنة التي تشرع الانفاق وليس بقرار منه، يقول الخبير المالي وخير دليل هو تقرير ديوان المحاسبة عن مبنيي شركة تاتش الذي وثق سرقة 6 مليارات دولار، تقرير لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان الذي حدد 27 مليار دولار كأموال مجهولة المصير ضمن الموازنات منذ العام 1993 لغاية 2017 … وبالتالي من هنا يجب ان تبدأ الملاحقات، لكن كي ترفع الاحزاب “الارتكاب” عنها وجدت ان اسهل امر هو تحميل الخسائر للقطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان، كونهما الحلقة الاضعف امام الرأي العام.

ويختم المصدر: المسؤولية تبدأ عند الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة، لتتفرع على الآخرين.