IMLebanon

فرنجية أو “الانقلاب” على الشيعة: سيناريوهات الرئاسة كلها خطرة

كتب منير الربيع في “المدن”:

تسارعت وتيرة الحركة الرئاسية. أعلنها البطريرك الماروني، بشارة الراعي، بأنه سيكثف من اتصالاته مع كل القوى، بما فيها حزب الله، لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. قوى المعارضة تقترب من ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية في مواجهة سليمان فرنجية.

في المداولات، نقاشات حول كيفية اعلان هذا الترشيح، هناك رأي يشير إلى إعلانه من الصرح البطريركي في بكركي. فيما رأي آخر لا يحبّذ ذلك. حزب الله وحركة أمل يتعاطيان بنوع من التصعيد مع هذه الخطوة، على قاعدة أنه لا يمكن “الانقلاب” على الشيعة في المعادلة، ولا يمكن انتخاب رئيس بتجاوزهم. كما أن القوى المسيحية تقول إنه لا يمكن انتخاب الرئيس من دون موافقتها. موقف جديد يضاف إلى مواقف التحفيز، هو ما أعلنته مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف، حول احتمال فرض عقوبات على من يعرقل الانتخابات الرئاسية.

معيار برّي

ليست المرّة الأولى التي يتم التلويح فيها بفرض العقوبات، ولكنها تأتي هذه المرّة بشكل علني ورسمي من قبل الإدارة الأميركية. وفي التوقيت، لا بد من التوقف عند نقطتين أساسيتين. النقطة الأولى ترتبط بمحاولة تجاوز المهل التي كانت الدول الخمس قد اتفقت عليها، وهي ضرورة انتخاب رئيس قبل نهاية شهر حزيران، وأنه لا يمكن ترك المهل مفتوحة. فيما برز في الأيام القليلة الماضية تسريبات متعددة تتعلق بأن الفرنسيين لم يعودوا يلتزمون بهذه المهلة. وهو الأمر الذي عكسه الرئيس نبيه برّي أيضاً، الذي قال إنه لن يدعو إلى جلسة ما لم يكن هناك “تنافس جدّي” فيها! الموقف الأمر جاء لإعادة ترتيب الأولويات والقول إنه صاحب الكلمة الفصل وفق هذا المعيار. سارع برّي إلى الردّ برفض الخضوع للتهديدات، وأنه لن يغلق باب المجلس في حال كان هناك “مرشحين جديين”. ولكن ترك لنفسه تحديد كيف يكون المرشح “جدياً”.

السيناريو المحتمل

أما النقطة الثانية المرتبطة بتوقيت الموقف الأميركي، فهي أنها جاءت بعيد حصول توافقات بين القوى المعارضة حول ترشيح جهاد أزعور. ولا يمكن فصل ذلك عن لقاء أزعور مع نواب من التغيير، ما يعني تسارع الحركة والعمل على استقطاب المزيد من الأصوات. فهل يأتي الموقف الأميركي ليعطي قوة دفع لذلك؟ هذا السؤال ستجيب عليه الأيام المقبلة، بما ستحمله من تطورات. ولكن السيناريوهات المطروحة كثيرة. فهناك سيناريو يتعلق بتوجيه دعوة لجلسة، لا يحصل أي من المرشحين في دورتها الاولى على 86 صوتاً، فيما في الدورة الثانية يتم تعطيل النصاب، كي لا يحصل أي مرشح على الـ65 صوتاً. وبالتالي، رفع الجلسة والعودة إلى نقطة الصفر. حينها يمكن لبعض القوى أن تتمسك بمواقفها، على قاعدة أن أزعور ليس مرشح مناورة، ولا يمكن تكرار تجربة ميشال معوض. فيما الثنائي سيبقى متسمكاً بخيار سليمان فرنجية.

هنا قد تصدر أصوات ثالثة تطالب بالبحث عن شخصية ثالثة. في هذا السياق، لا يبقى سوى اسم قائد الجيش هو المتقدم. ولكن هذا يحتاج إلى ظروف تتوفر للاتجاه نحو هذا الخيار، من دون إسقاط احتمال إطالة أمد الأزمة والفراغ وحصول توترات.

السيناريو المستبعد

سيناريو ثان يمكن أن يحصل وهو أن تعقد دورتان انتخابيتان في الجلسة نفسها، بحال لم يكن أي من المرشحين قادراً على تحصيل الـ65 صوتاً. وبالتالي، يصبح رفع الجلسة مبرراً. أما السيناريو الثالث وهو مستبعد، أن يتم استكمال الدورتين الانتخابيتين، وبالتالي يتمكن أحد المرشحين من الحصول على الأكثرية اللازمة للفوز. وهذه ستعني ان فريقاً قد انتصر وفريقاً آخر قد هزم، ما سيكون لها تداعيات خطيرة سياسياً، وحتى طوال مسيرة ولاية الرئيس المنتخب. في حال حصل السيناريوهين الأولين، لا بد حينها من طرح السؤال المتعلق بمسألة العقوبات وإذا ما كانت ستفرض.

رد برّي

أما في مدار التحليلات التي تكاثرت حول إحتمال لجوء الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على الرئيس نبيه برّي، فإن مصادر متابعة تنفي ذلك، معتبرة أنه لا بد من النظر إلى برّي من خلال موقعه. فهو رئيس السلطة التشريعية، ولا يمكن فرض عقوبات عليه. كما أنه الشيعي الوحيد والأساسي الذي يتفاوض مع الأميركيين ويتحاور معهم.

برّي أيضاً، اختار الردّ على طريقته حول كل هذه التحليلات أو التسريبات. غداة موقف باربارا ليف، استقبل قائد الجيش جوزف عون، وتم إنجاز الاتفاق الذي كان يتم العمل عليه منذ فترة طويلة، والمتعلق بتوقيع ترقيات الضباط، بما فيهم ضباط دورة العام 1994، المعروفين بإسم “ضباط دورة عون”. وهؤلاء كان هناك خلاف حولهم بسبب عدم التوازن الطائفي، باعتبار أن غالبيتهم الساحقة من المسيحيين. في هذا الردّ أكثر من إشارة. إذ يقول برّي إن العلاقة مع قائد الجيش جيدة، وهي إشارة للأميركيين. وثانياً، والأهم، يقول للمسيحيين إن المشكلة ليست إسلامية مسيحية بل وطنية. في هذا السياق، سارع كثر إلى الاستعجال بالإستنتاج بأن خطوة برّي قد تتمثل بقبول ضمني بقائد الجيش لرئاسة الجمهورية، فيما مصادر متابعة تنفي ذلك وتقول هذا الأمر لا يزال بعيداً، وبرّي يتمسك بفرنجية. وبالتالي، لم يدخل في أي بازار حالياً.

الاحتمالات الثلاثة

بحال عادت الأمور إلى نقطة الصفر، بإصرار الثنائي الشيعي على دعم فرنجية، مقابل تمسك المعارضة بترشيح أزعور، سيكون هناك ثلاثة احتمالات. الأول، أن ينجح حزب الله باستمالة أحد الأفرقاء إلى جانبه، وتأمين فوز فرنجية.

والثاني، أن تنجح المعارضة بتأمين الأصوات اللازمة وتراهن على تدخل إقليمي دولي، يسهم في تسهيل إنجاز الاستحقاق. وهذا سيكون بحاجة إلى جهد كبير في الخارج أكثر منه في الداخل، يقود إلى إرساء تسوية مع الثنائي الشيعي على جهاد أزعور كمرشح وسطي وتوافقي، ولا يتم التعاطي معه كميشال معوض الذي صنّف كمرشح مواجهة.

أما الإحتمال الثالث فهو أن تستمر الأزمة طويلاً، انطلاقاً من تصعيد حزب الله، والذي يرفض بموجبه ما يسميه فرض مرشح عليه، وتجاوز الثنائي الشيعي الذي يمتلك ورقة الميثاقية الكاملة مع النائب جميل السيد (أي التصويت الشيعي بكامله). وحينها سيعلن أنه يعمل على مواجهة محاولة الانقلاب عليه. وهذا ستنجم عنه مخاطر كبيرة في المستقبل.