IMLebanon

مكاتب السياحة والسفر تحذّر: لا تقعوا في الفخ!

كتبت زيزي إسطفان في “نداء الوطن”:

مكاتب السياحة والسفر بوابة لبنان الى العالم والوجه الحضاري الذي يمثل بلد الأرز ويتقاطع بين الميدل إيست وشركات الطيران العالمية ووزارة السياحة ومكاتب تنظيم الرحلات. 800 مكتب للسياحة والسفر في بلد لا يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة فيما يكاد يكون العدد ذاته في مصر التي يقارب عدد سكانها 110 ملايين نسمة. وهذا الرقم إن دلّ على شيء فعلى أهمية السفر بالنسبة للبنانيين ولكن ايضاً على الفوضى التي تعم القطاع وتتيح افتتاح مكاتب للسياحة والسفر من دون شروط صارمة. ولأن فوضى الواقع لم تعد تحتمل السكوت عقد أصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان ATTAL مؤتمراً عاماً خرجوا فيه بتوصيات تحمي المسافر وتحفظ العاملين في القطاع وتضعه على السكة الصحيحة.

إحذروا التذاكر الوهمية

النقيب جان عبود الغارق في عجقة الموسم السياحي والمبشر بموسم واعد، لا يخفي قلقه من ممارسات غير شرعية تحدث في قطاع تذاكر السفر وتنظيم الرحلات يمكن أن تهدد الموسم وتسيء الى القادمين والمغادرين على حد سواء. ولهذا جاء المؤتمر الذي عقد على مدى أيام للخروج بطروحات تنظف القطاع من كل الدخلاء الطارئين عليه وتحد من العمليات غير الشرعية وعمليات الغش الموصوفة.

في حديث لـ»نداء الوطن» يقول النقيب إن عدد مكاتب السياحة والسفر المنتمية الى النقابة تقارب 380 مكتباً فيما يبقى 420 خارج النقابة. وبالإجمال هناك 450 مكتباً مرخصاً فيما الباقي غير مرخص، ومن بين المكاتب المرخصة ثمة 213 مكتباً تعتبر وكلاء معتمدين لشركات الطيران العالمية. من هنا يتضح أن المهنة تعاني من وجود طارئين عليها. حتى أن بعض الدخلاء من دول مجاورة يدخلون الى لبنان بعروضات متدنية الأسعار جداً ويبيعون خدمة تجتذب الزبائن اللبنانيين باسعارها المتدنية ويعدون مثلاً بطائرات شارتر وغيرها نحو تركيا دون أن تكون لهم أية مصداقية في السوق وقد يستولون على أموال الحجوزات ويختفون دون أن يتركوا اثراً وقد حصل هذا الأمر سابقاً. وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لعروضات سفر غير منطقية باسعارها لا بل تثير الشك بكونها اسعاراً وهمية ينخدع بها الزبون خاصة أن لا قدرة على مراقبة هذه الإعلانات والتأكد من صدقيتها.

وسائل الغش المعتمدة كثيرة ومن بينها تصدير حجز للسفر بدل التذكرة وغالباً ما لا يعرف المواطن العادي الفرق بينهما. وتتم هذه العملية وفق ما رواه لنا أحد أصحاب المكاتب عن طريق الغش إذ حين تحجز التذكرة ويسدد ثمنها يتم تزويدها برقم إلكتروني لكن قد يقوم السمسار بسحب التذكرة عند الحجز ليزودها برقم إلكتروني مفبرك ويقدمها الى الزبون ويقبض ثمنها وحين يتوجه الأخير الى المطار يفاجأ بأنه لا يحمل تذكرة حقيقية.

طريقة ثانية اتبعها «وسام» أحد سماسرة السفر الذي لا يملك عنواناً معروفاً لكنه يتعامل مع مكاتب سفر غير مرخصة درجة ثالثة ورابعة وقد وقعت عائلة صقر ضحية له. إذ حجز لهم رحلة الى اسبانيا بسعر لا يصدق مع فندق ونقليات. لكن حين وصلوا الى المطار مع كامل عتادهم تبين أن لا مكان لهم على الطائرة، وبعد صراخ ووعيد واتصالات تبين أن السمسار حجز من أكثر من مكتب للرحلة ذاتها دون تنسيق بين المكاتب بحيث صار عدد الركاب أكثر من المطلوب. رفض مكتب السفر الذي تم عبره الحجز التعويض عليهم بحجة انه أصدر التذاكر وان الخطأ ليس صادراً عنه كما غاب وسام عن السمع ولم يعد يجيب عن أي اتصال وطارت رحلة آل صقر كما طارت أموالهم بعد أن تأكدوا أن لا حجوزات في الفنادق لهم كذلك…

لهذه الأسباب ينصح النقيب عبود كل من يود حجز بطاقة سفر التوجه الى مكتب ينتمي الى النقابة او معتمد من قبل IATA أي الاتحاد الدولي للنقل الجوي ليتأكد من أنه سينال خدمة قانونية لا تخبئ له اية مفاجآت. فالمكاتب الشرعية مسؤولة تجاه زبائنها وترافقهم في كل ما يمكن أن يطرأ من مشاكل. ففي حال تأخر الطائرة أو إلغاء الرحلة أو تبديل الوجهة يسارع المكتب الى إبلاغ المسافر وتقديم المساعدة اللازمة، الأمر الذي لا يمكن حدوثه في حال كان المسافر قد حجز تذكرته أونلاين أو عبر مكتب غير معتمد.

ويقول النقيب عبود إن فكرة الحجز أونلاين ليست شائعة بعد في لبنان كما هي في بلدان أخرى ونسبة الحجوزات عبرها لا تتعدى %12 ولكنه ينبه الى وجوب الحذر من مواقع وهمية أو مواقع تبيع تذاكر مقيدة بشروط أو تذاكر لا يمكن استبدالها أو استرداد ثمنها، وهكذا إذا ما اضطر المسافر لتأجيل أو إلغاء سفره يجد نفسه قد خسر تذكرته. علماً ان لا فرق كبيراً بين أسعار الحجوزات أونلاين وعبر المكاتب ولا يتعدى 20% لكنه ضمان للثقة. وأخيراً ينصح عبود السياح القادمين الى لبنان ايضاً بحجز رحلاتهم عبر وكلاء تنظيم الرحلات (Tour Operator) حتى لا يتم خداعهم و»نصبهم» في كل مفاصل رحلتهم بدءاً من التاكسي وصولاً الى الفندق والرحلات وغيرها. باختصار وحدها مكاتب السياحة والسفر المرخصة و المنتمية الى النقابة هي ضمانة المسافر سواء كان مغادراً لبنان أو قادماً إليه.

تنظيم القطاع ضرورة ملحة

في إطار سعيها لمنع عمليات الغش وكل الممارسات غير القانونية اصدرت النقابة عدداً من التوصيات تأمل في أن ترقى الى حدود القوانين التي يقرها مجلس النواب لتنظيم المهنة. وزير السياحة وليد نصار الذي تابع فعاليات المؤتمر عن كثب أبدى استعداده للتوقيع على التوصيات التي يمكن إقرارها بتوقيع من الوزير ولا تتطلب إحالة الى مجلس النواب وذلك لدعم وتطوير هذا القطاع الذي يعتبر العمود الفقري للسياحة في لبنان. لكنه في الوقت نفسه أقر بصعوبة ضبط المكاتب غير الشرعية لأن الوزارة لا تملك أجهزة رقابة، لذلك دعا النقابة وكل المهتمين للإبلاغ عن المخالفات بغية ردعها أو التخفيف منها كما دعا النقابة الى القيام بجولة على الأعضاء المنتسبين للتأكد من أوضاعهم وتقديم الحوافز لغير المنتسبين لحثهم على الانتماء الى النقابة التي تشكل مظلة قانونية وتنظيمية للجميع. فالقوانين اللبنانية لا تلزم المكاتب الحاصلة على رخصة بالانتماء الى النقابة وتترك لها حرية الاختيار كما أنها لا تحدد كوتا معينة لكل قطاع أو عدد الرخص السنوية الممنوحة للمكاتب الجديدة. والوزير نصار الذي يسعى لإشراك لبنان في ما يسمى السياحة المستدامة التي تركز عليها الدول العربية حالياً يدرك أن هذا النوع من السياحة يرتكز على أنظمة وقوانين واضحة تجعل العلاقة بين مكتب السياحة والسفر ووزارة السياحة والمؤسسات السياحية واضحة ومنظمة. كما أن المعاهدة السياحية التي وقعها الوزير بين قبرص واليونان ولبنان تقتضي تعاوناً وثيقاً بين وكالات السفر في البلدان الثلاثة مبنياً على ثقة متبادلة. من هنا تكتسي التوصيات الصادرة عن مؤتمر أصحاب مكاتب السياحة والسفر أهمية كبرى لأنها تلقي المزيد من الشفافية المطلوبة على هذا القطاع.

توصيات أخلاقية وعملية

عديدة هي التوصيات التي خرج بها المؤتمر لكننا نستعرض الأبرز بينها والتي تواكب المتطلبات الحالية للسياحة والسفر والمعايير العالمية. المعيار الأول هو التجارة الأخلاقية أي ان يعتمد قطاع السفر على معايير أخلاقية عادلة ترضي وتحترم جميع الأطراف وترتكز على الشفافية والمصداقية مع الأبقاء على هامش المنافسة الشريفة. والشفافية هي معيار ضروري يتيح للزبون الحصول على المعلومات الحقيقية والكافية حول الخدمة التي يود شراءها حتى يكون على بينة مما يشتريه وذلك دون أي تمييز وضمن أفضل الشروط سواء بالنسبة للزبائن أو للموظفين والشركاء وبالتوافق مع قوانين البلد وقوانين شركات الطيران العالمية ومنظمة IATA. وتتوالى التوصيات الأخلاقية لتشمل التزام مكاتب السياحة والسفر بتمثيل لبنان على أفضل وجه لأنها توازي بأهميتها التمثيل الدبلوماسي والثقافي والاقتصادي واعتماد المنافسة الشريفة وعدم الانجرار الى التعامل مع أفرقاء غير شرعيين أو ينتهكون قوانين مختلفة.

أما على الصعيد العملي فالنقابة طالبت بتطبيق شروط بسيطة تساعد في تنظيم المهنة وإن كان إقرار القانون بشأنها لا يزال بعيداً. ومن الخطوات المطلوبة عدم إعطاء رخص جديدة إلا لمن تتوافر فيه شروط اساسية ومنها أن يكون صاحب خبرة في المجال وأن يمتلك مكتباً ذا مساحة معينة ولا يكون ملحقاً بأي عمل أو تجارة أخرى وأن يكون لدى المكتب موظفون مسجلون في الضمان الاجتماعي. هذا إضافة الى شروط تقنية أخرى وهامش زمني يمتد على مراحل قبل الحصول على رخصة وعدم تعامل شركات الطيران إلا مع المكاتب المرخصة. وحدها هذه الشروط تمنع دكاكين السفر من التفتح والأزدهار كالأعشاب البرية وتضمن الخبرة والمصداقية لأصحابها وتؤمن للزبائن افضل خدمة ضمن أفضل الشروط المهنية والأخلاقية.

الـ “MEA” متهمة

يشكون من أسعار الميدل إيست ويتذمرون من كونها أغلى من سواها من شركات الطيران. لكن الرد يأتي من السيد مروان الهبر رئيس القسم التجاري في شركة طيران الشرق الأوسط الذي شرح على هامش مؤتمر اصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان أن الأسعار في الاقتصاد الحر تخضع لمبدأ العرض والطلب وكون الطلب كبيراً حالياً على تذاكر السفر فلا بد أن تشهد أسعارها بعض الارتفاع. لكن الهبر يؤكد أن اسعار الميدل إيست بالمقارنة مع غيرها تبدو عادلة وقادرة على منافسة شركات الطيران الأخرى التي تسيّر رحلات مباشرة الى بيروت وحتى الشركات التي تسيّر رحلات غير مباشرة. ويمكن التأكد من هذا الأمر عبر الدخول الى ما يعرف بالـ Mega Search او مواقع البحث التي تقارن بين الاسعار للتأكد من فرق الأسعار بين الميدل إيست وسواها.

من جهة أخرى ثمة خيارات كثيرة متاحة أمام المسافرين لاختيار ما يناسبهم من اسعار فالميدل إيست لا تحتكر السوق بل ثمة 17 شركة طيران ذات كلفة منخفضة تحط في مطار بيروت من أوروبا والخليج وأفريقيا. فبين باريس وبيروت مثلاً هناك ثلاث شركات عاملة هي الميدل إيست و Air France وترانسافيا المنخفضة الكلفة وبين تركيا و بيروت حوالى سبع شركات طيران مختلفة. إذاً الخيارات واسعة أمام اللبنانيين وزوار لبنان لكن ما يمكن التأكيد عليه أن شركة طيران الشرق الأوسط تعتبر بخدماتها خمس نجوم نسبة الى سواها باسعار تنافسية رغم الكلفة التشغيلية العالية التي تتكبدها. فهل يقتنع اللبنانيون بكلام المسؤول ام أنهم على رأي وزير السياحة يحبون « الجخ» في شركتهم الوطنية ولو على حساب جيبهم؟