IMLebanon

“الحزب” يعيد تموضعه بسوريا… لتكثيف الاستنفار بجنوب لبنان

كتب منير الربيع في “المدن”:

تجمّد مسار التطبيع العربي مع دمشق. حسب المعلومات المتوفرة، فإن الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت على الخطّ بقوة، للجم هذا التحرك الانفتاحي على النظام السوري، وتحفّظت على تقديم أي مساعدات مالية له. هذه النتيجة تجلّت أيضاً في زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى سوريا، ولقائه برئيس النظام بشار الأسد، خصوصاً أن موقف الأخير كان واضحاً بعدم إمكانية إعادة اللاجئين من دون الحصول على التمويل اللازم. وهذا يستدعي رفعاً للعقوبات. وهو أمر قد رفضته واشنطن بشكل كامل. لا يمكن فصل هذا الواقع عن مسألة التراجع في مسار التفاوض الإيراني الأميركي، والذي كان يجري في سلطنة عمان.

هذه المفاوضات والتي كانت قد حققت تقدماً، عادت وتجمّدت -حسب المعلومات- نظراً لوجود تضارب في الآراء داخل الإدارة الأميركية حيال هذا الملف، بالإضافة إلى معارضة أطراف واسعة من الكونغرس لأي اتفاق.

الوقائع الإقليمية

هذه الوقائع الأميركية انعكست على تجميد عمل المبعوث الأميركي إلى طهران روبرت مالي، والذي يتم التحقيق في تجاوزات قد اقترفها الرجل تمس سرية المعلومات. فيما برز مجدداً نجم اليوت أبرامز، والذي يعتبر من الصقور في المواقف الاعتراضية على إيران وسلوكها. ولا بد مع هذا التعقيد في مسار العلاقات الدولية والإقليمية، وخصوصاً بين واشنطن وطهران، أن يكون له انعكاساته على الساحة اللبنانية.

إذ لطالما ربط مسؤولون لبنانيون كل ما يجري على الساحة اللبنانية تصعيداً أم تسهيلاً، تعقيداً أم بحثاً عن الحلول، بمسار التفاوض الإيراني الأميركي. وعلى الرغم من نفي حزب الله القطعي لأي علاقة بين الملف اللبناني والملفات الأخرى وخصوصاً ملفات إيران، إلا أن بعض التصورات أو بعض الوقائع لدى مسؤولين لبنانيين تأخذ مثل هذه الحسابات في الاعتبار، وتصبح في حالة انتظار لما ستفرضه من وقائع.

الوقائع “الجنوبية”

بناء على هذا الأمر، هناك في لبنان من يدرج مسار التصعيد في الجنوب اللبناني بهذا الواقع المعقد في العلاقات الإيرانية الأميركية. علماً أن هؤلاء كانوا قد اعتبروا سابقاً أن تسوية ترسيم الحدود البحرية حصلت في لحظة تقاطع إيراني أميركي في العراق، وانسحب الحال على لبنان. وقد تزامن مع تجدد النشاط لدى قنوات تعمل بين الطرفين. وعليه، فلا بد حالياً من انتظار مثل هذه التقاطعات التي قد تنتج تهدئة في لبنان أو تسوية لكل التطورات الحاصلة على الحدود البرية الجنوبية، في ضوء تمسك حزب الله بإنشاء الخيمتين، والتهديد بالتصعيد في حال لم تتراجع إسرائيل عن ضم الجزء الشمالي من قرية الغجر.

وقائع سورية

لا ينفصل لبنان عن واقع سوريا في هذا المجال، وذلك من خلال ربط اللبنانيين للمسار السوري بالمسار اللبناني وفق نقطتين أساسيتين. النقطة الأولى، هي التطورات الميدانية بعد الاتفاق السعودي الإيراني، وما يحكى عن عملية إعادة تموضع للقوات الإيرانية والقوات المتحالفة معها على الأراضي السورية، من خلال انسحابات تجريها القوات الإيرانية وقوات حزب الله، في سياق عملية إعادة التموضع من خلال الانسحاب من حلب، وطريق حمص حلب، بالإضافة إلى الانسحاب من الجنوب السوري، والحفاظ على الوجود عبر مكاتب تمثيلية. بالإضافة إلى عملية إعادة تموضع شهدتها منطقة القلمون على الحدود اللبنانية السورية.

جزء من عملية إعادة التموضع هذه يهدف إلى تحسين موقف النظام السوري مع الدول العربية. فيما الجزء الآخر يرتبط بتحشيد المزيد من القوات العسكرية لحزب الله في لبنان، وذلك في إطار رفع مستوى الاستنفار مع العدو الإسرائيلي تحسباً لأي تطورات قد تحصل.

حلفاء دمشق

أما النقطة الثانية فذات أبعاد سياسية، في ظل الاستعصاء اللبناني القائم في لبنان، وانعدام القدرة على البحث عن حلول أو تسويات رئاسية. وهذا ما يدفع دمشق إلى محاولة تقديم نفسها كطرف قادر على مساعدة السعودية في إيجاد تسوية أو مخرج للأزمة اللبنانية. علماً أن هناك معلومات متضاربة حيال حقيقة الموقف السوري. فمن يراجع رئيس النظام بشار الأسد يسمع جواباً واضحاً بأنه لا يريد التدخل بالملف اللبناني، وأنه ينهمك في البحث عن معالجات للأزمات داخل سوريا، وأن هذا الملف هو بيد حزب الله.

بينما هناك معطيات أخرى تفيد بأن العديد من حلفاء دمشق، والذين زاروها مؤخراً، يعتبرون أنها قادرة على لعب دور مع حلفائها لتسهيل الوصول إلى اتفاق، وأن هناك مساراً تسعى من خلاله سوريا إلى إعادة ربط علاقتها مع حلفائها التقليديين من مختلف الطوائف. وهو ما قد يكون مقدمة للتأثير على قرارهم في إطار تحرك بقناعة لدى مسؤولين سوريين أن سوريا وحدها القادرة على القيام به لتسليف ورقة سياسية لصالح السعودية.

بعض من زاروا دمشق أخيرا يعبرون عن اعتقادهم أو استنتاجهم بأن سوريا قادرة على لعب دور أساسي مع حزب الله لدفعه إلى الذهاب نحو تسوية.