IMLebanon

اشتباكات عين الحلوة لإظهار قدرة طهران على التحكم بالساحة اللبنانية

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

مرة جديدة، تدل الاشتباكات التي اندلعت بين حركة فتح وعناصر اسلامية تدين بالولاء لايران، في مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع المساعي المبذولة، لاتمام المصالحة بين السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وممثلين عن سائر القوى والتنظيمات الفلسطينية، باستثناء حركة الجهاد الاسلامي، برعاية مصرية وبتمهيد من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على اصرار النظام الايراني توظيف الساحة اللبنانية، لعرقلة مساعي المصالحة الفلسطينية، ونسف

كل المحاولات الجارية لانهاء الانقسام الحاصل، لابقاء مصادرته للقضية الفلسطينية قائمة في المقايضات التي يعقدها تحقيقا لمصالحه مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما وإسرائيل في النهاية، على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته المحقة.

هذه ليست المرة الاولى التي يتدخل فيها النظام الايراني، لتعطيل المصالحة بين السلطة الفلسطينية وسائر الفصائل، بل كانت له اليد الطولى لتخريب المصالحات التي جرت سابقا برعاية عربية، ان كان بالمملكة العربية السعودية او مصر وغيرهما، ومارس كل اساليب التفرقة، من خلال تمويل وتغذية ودعم الفصائل الموالية له، لتحريضها وبث الفرقة مع السلطة الفلسطينية وباقي الفصائل الاخرى، لابقاء سيطرته ومصادرة القضية الفلسطينية لحسابه ومصالحه، تحت شعار دعم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي ظاهريا، في حين يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع مأساة، وحرب إبادة متواصلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم يلاحظ اي تحرك للنظام للتخفيف عن كاهل الفلسطينيين او الدفاع عنهم، وبقيت كل تهديدات ومواقف القادة والمسؤولين الإيرانيين بضرب وتدمير إسرائيل بمثابة فقاعات صوتية، لا تقدم اوتؤخر في مسار القضية الفلسطينية، وانما تمعن في تفرقة الصف الفلسطيني واضعاف المواجهة مع العدو الاسرائيلي.

ولكن يبدو الاستياء الايراني هذه المرة ان تدخل تركيا ومصر بملف المصالحة الفلسطينية على هذا المستوى الرئاسي وباهتمام استثنائي، ازعج النظام في طهران، لانه لم يلحظ اي مشاركة ايرانية بالجهود المبذولة، بالرغم من النفوذ الايراني والدور الفعال لايران بالمنطقة وبالساحة الفلسطينية من خلال بعض الفصائل الموالية لها.

لذلك، اتخذ منحى اشعال الاشتباكات في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان من قبل اسلاميين موالين لايران، ضد حركة فتح باعتبارها كبرى الفصائل الفلسطينية التي تتواجد بالمخيم، وصلتها المباشرة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالتزامن مع الانشغال بملف المصالحة المهم للشعب الفلسطيني وقضيته، اكثر من توجيه رسالة دموية لفرط واجهاض لقاءات المصالحة بين السلطة والفصائل الفلسطينية، وانما لاظهار سيطرة ايران على الساحة اللبنانية، ومحاولة التأثير بمسار القضية الفلسطينية، بالرغم من محاولات تغييبها المتعمدة عن لقاءات المصالحة وتهميش دورها بالمنطقة في المرحلة المقبلة، وهو ما يحدث في المؤتمرات الاقليمية والدولية التي ستعقد لانهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا.

تعطي اشتباكات مخيم عين الحلوة، بالاطراف المشاركة فيها دليلا اضافيا على محاولة ايران، باذرعها المتعددة، بتكريس سيطرتها على لبنان، واصرارها على ابقائه ساحة لتحقيق مصالحها الاقليمية والدولية على حساب مصلحة اللبنانيين كلهم.

وانطلاقا من هذه الاحداث والوقائع، لم يكن مستغربا الدور التعطيلي الذي يمارسه حزب الله وحلفائه، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، تحت شعارات مزيفة ومختلقة منذ اشهر، بالرغم من التدهور الاقتصادي والمعيشي والفوضى المستشرية، لان قرار انتخاب رئيس الجمهورية، ليس بيد الحزب، وضمن القرارات التي يتخذها، بل بيد النظام الايراني الذي يمارس سياسة تكريس نفوذه في لبنان، لمصلحته ومصالح ايران، وكل الادعاءات التمويه والهروب الى الامام، لا تقدم او تؤخر.