IMLebanon

مهمة لودريان في مهبّ تعثُّر الاتفاق السعودي الإيراني

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

بينما كان اللبنانيون في انتظار حلول موعد عودة الموفد الرئاسي الفرنسي ايف لودريان في شهر ايلول المقبل، لترقب مسار المهمة التي كلف بها من قبل اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر، لمساعدة لبنان ليتمكن من حل ازمة الانتخابات الرئاسية، تصدر التطورات في المنطقة حدثان مهمان، الاول يؤشر الى تعثر تنفيذ الاتفاق السعودي الايراني، والثاني إلى تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران في منطقة الخليج العربي ومناطق تواجد القواعد العسكرية الأمريكية والمليشيات المذهبية الايرانية على الحدود العراقية السورية.
هل تؤدي هذه التطورات المستجدة الى عرقلة وتعطيل مهمة الموفد الفرنسي، ام انه بالامكان تحييدها، أو تقليص تأثيرها السلبي قدر الامكان، والاستمرار بالجهود اللازمة حتى النهاية لحل ازمة الانتخابات الرئاسية ومتفرعاتها من ألازمات الاخرى؟

ليس خافيا على أحد، مدى تأثر حل ازمة الانتخابات الرئاسية في لبنان سلبا، بالتدخل الايراني في الشؤون الداخلية اللبنانية من خلال حزب الله، واستفحال الخلاف بين العرب عموما ودول الخليج العربي خصوصا حول هذا التدخل المرفوض، كما التدخل الايراني بالمنطقة عموما، الا ان التوقيع على الاتفاق السعودي الايراني في شهر اذار الماضي برعاية الصين، اعطى انطباعا بانفراج مرحلي بالعلاقات بين البلدين، وأحيا الآمال بامكانية اخراج ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية من هيمنة النظام الايراني ومقايضاته بالملفات الخلافية مع الولايات المتحدةالأمريكية.

الا انه بعد انقضاء بضعة أشهر على التوقيع على الاتفاق المذكور، لم يسجل اي تأثير ايجابي لهذا الاتفاق على منحى الوساطة الفرنسية المبذولة لحل أزمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، بل لوحظ تمسك حلفاء النظام الايراني وتحديدا حزب الله، بالمبادرة الفرنسية السابقة المنحازة لتوجهات الحزب بتزكية ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة والقاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة المقبلة، برغم رفضها من اكثرية الاطراف المسيحيين واللبنانيين، ما اضطر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى كف يد الفريق الرئاسي الفرنسي السابق المكلف بمهمة حل الأزمة اللبنانية، وتكليف لودريان من قبله بمهمة الوساطة الفرنسية انطلاقا من الوقائع والاعتراضات التي حصلت على المبادرة الفرنسية من قبل اطراف المعارضة اللبنانية، والدول المشاركة في اللجنة الخماسية أيضا.

وضعت اللجنة الخماسية التي اجتمعت في قطر مؤخرا، في البيان الختامي الصادر عنها وبعبارات واضحة ومحددة، خارطة طريق لإجراء الانتخابات الرئاسية استنادا للدستور واكدت التمسك باتفاق الطائف، وتجاهلت كليا مضمون المبادرة الفرنسية السابقة، وعلى هذه الاسس انطلق الموفد الرئاسي الفرنسي في مهمته المعدلة لحل ازمة الانتخابات الرئاسية ومتفرعاتها.
الا انه، وخلال زيارته الاولى والثانية للبنان، لم تسجل اي اشارات ايجاببة للاتفاق السعودي الايراني على مهمة لودريان للبنان. حلفاء ايران اعطوا انطباعا بأن مفاعيل هذا الاتفاق تصب في خانة دعم وتنفيذ المبادرة الفرنسية السابقة التي تزكي ترشيح فرنجية للرئاسة، والمعارضة اعتبرت مضمون البيان الصادر عن اجتماع ممثلي اللجنة الخماسية، بأنه يتضمن اسسا متوازنة جديدة لحل الازمة، تاخذ بعين الاعتبار لمطالبهم وتشمل بديلا للمبادرة الفرنسية السابقة.

وهكذا، ظهر جليا عدم تأثير اي ايجابية للاتفاق السعودي الايراني على مهمة الموفد الفرنسي ايف لودريان لحل الازمة، قبل تردد الاخبار عن تعثر تنفيذ الاتفاق المذكور في قضايا وملفات اخرى حساسة ومعقدة بالمنطقة، ما استدعى إلى تأجيل جديد لموعد إتمام هذه المهمة في شهر ايلول المقبل.

التطورات المقلقة التي تتابعت فصولا، بعد الموقف الصيني اللافت مؤخرا، بتأييد الصين لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث التي تحتلها ايران، وردود الفعل الايرانية السلبية على موقف الصين التي رعت التوقيع على الاتفاق السعودي، ومؤشرات وتداعيات هذا الموقف على تنفيذ الاتفاق، لاسيما بعد المناورات العسكرية التي استتبعتها طهران ردا على الموقف الصيني ضد احتلالها غير المشروع للجزر الامارتية الثلاث.

لم تقتصر الامور عند هذه المستجدات، بل يؤشر التصعيد العسكري الملحوظ بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران في مياه الخليج العربي والمنطقة عموما، الى تداعيات غير محمودة، يخشى ان تضيف تعقيدات جديدة، على مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي، تؤدي إلى تجميد مهمته حاليا، وترحيل حل ازمة الانتخابات الرئاسية الى أجل غير مسمى.