IMLebanon

هل تصل المعارضة إلى قواسم مشتركة مع “الوسطيّين”؟

كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

يأتي اللقاء الذي جمع قوى المعارضة في البرلمان اللبناني ومعها عدد من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» بممثلين لكتلتي «الاعتدال» و«لبنان الجديد» في سياق تحرك المعارضة باتجاه الكتل النيابية الوسطية غير المنتمية إلى محور الممانعة في محاولة للوصول معها إلى قواسم مشتركة تتعلق بالموقف المطلوب اتخاذه إذا أدى الحوار المتجدّد بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى تأييد الأخير ترشيح رئيس «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ومدى الاستعداد لمقاطعة جلسة الانتخاب لقطع الطريق على احتمال انتخابه بتطيير النصاب المطلوب لتأمين انعقادها، إضافة إلى الجدوى من حضور جلسات تشريع الضرورة وكيفية التعامل مع زيارة موفد الرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان إلى بيروت.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية، أن اللقاء الذي يعقبه لقاء آخر للمعارضة بـ«اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، خُصّص لتبادل وجهات النظر حيال النقاط التي أُدرجت على جدول أعماله إنما من موقع الاختلاف؛ على أمل مواصلة اللقاءات بتشكيل لجنة ثلاثية لمواكبة ما سيؤول إليه الحوار بين «حزب الله» وباسيل.

وكشفت المصادر النيابية أن وفد المعارضة توقف أمام الأسباب التي تملي على القوى المعارِضة لمحور الممانعة توحيد الموقف لقطع الطريق على إيصال مرشحها لرئاسة الجمهورية، وقالت: إن كتلة «الاعتدال» لا تحبّذ مقاطعة جلسة الانتخاب، من دون أن تتبنى ترشيح فرنجية؛ لأنها تريد إخراج الاستحقاق الرئاسي من الحلقة المفرغة التي يدور فيها.

ونقلت عن نائب في كتلة «الاعتدال» قوله إنه ورفاقه يدعون إلى التفاهم على رئيس توافقي لا يشكل تحدياً لأي فريق، وقالت إن المنتمين إلى كتلة «لبنان الجديد» (نعمت أفرام، عماد الحوت، نبيل بدر، جميل عبود) يميلون إلى مقاطعة الجلسة، لكن لا شيء نهائياً حتى الساعة؛ رغبة منهم في القيام بمروحة من الاتصالات تمهيداً لاتخاذ قرارهم النهائي.

وبالنسبة إلى حضور جلسات تشريع الضرورة، فإن المعارضة تتمسك بموقفها بعدم المشاركة فيها، بذريعة أن انعقادها يعزّز الاعتقاد بأنها تدفع باتجاه تمديد الشغور في رئاسة الجمهورية بدلاً من الضغط لانتخاب الرئيس.

وفي المقابل، كما تقول المصادر النيابية، فإن الغالبية النيابية المنتمية إلى كتلتي «الاعتدال» و«لبنان الجديد» تؤيد انعقاد جلسات تشريع الضرورة، خصوصاً إذا كان يراد منها تأمين الاحتياجات الضرورية للمؤسسة العسكرية والقوى الأمنية الأخرى، في ظل الشكوى من نقصان ما لديها من مخزون احتياطي.

أما بخصوص الموقف من الزيارة المرتقبة للودريان إلى بيروت والإجابة عن السؤالين اللذين طرحهما حول المواصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الجمهورية العتيد وأولويات مرحلة ما بعد انتخابه، أكدت المصادر النيابية بأن المعارضة تتمسك بموقفها بعدم الإجابة عن هذين السؤالين؛ لأنه سبق للجنة الخماسية من أجل لبنان أن حددت المواصفات وبادرت الكتل النيابية للإجابة عما طرحته في هذا الخصوص، ولم يعد من مبرر لتكرارها؛ لأن الأولوية يجب أن تكون محصورة بانتخاب الرئيس.

وفي هذا السياق، نقلت المصادر عن نواب في المعارضة قولهم إن باريس لم تتصرف بحيادية، وإن مهمة لودريان لا تحظى بغطاء سياسي من اللجنة الخماسية، وبالتالي لا بد من إشراكها لتحقيق التوازن المطلوب، بدلاً من أن تتفرد فرنسا في مبادرتها التي اصطدمت بحائط مسدود.

كما نقلت عن النواب أن باريس راهنت على تليين الموقف الإيراني، لكنها فوجئت بعدم تعاون طهران، وهذا ما أشار إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتهامها بالتدخّل لتأخير انتخابه.

وعدّ النواب، بحسب المصادر نفسها، بأن ماكرون يهدف من خلال تحميل طهران مسؤولية التأخير في انتخاب الرئيس إلى النأي بباريس عن تهمة انحيازها إلى محور الممانعة بدعمها ترشيح فرنجية، من دون أن يستبعد أحدهم، في تفسيره الموقف الفرنسي المستجد حيال طهران، بأنه يعود إلى شعور الفريق الفرنسي بأن إيران لا «تبيع» موقفها إلا لواشنطن لأنها الأقدر على أن تسدد لها الثمن السياسي في مقابل تسهيلها انتخاب الرئيس.

لكن كتلتي «الاعتدال» و«لبنان الجديد» لا تتفقان مع المعارضة على عدم تجاوبها مع مهمة لودريان على خلفية أنهما تؤيدان كل مسعى لوقف تعطيل انتخاب الرئيس شرط ألاّ يتخطاه للبحث في المهام التي تلي انتخابه؛ كون أنها يجب أن تكون خاضعة للحوار برعاية الرئيس العتيد، وتحت سقف الالتزام باتفاق الطائف واستكمال تطبيقه لقطع الطريق على طروحات يراد منها الالتفاف عليه، بالتلازم مع لجوء البعض للمطالبة بتطبيق اللامركزية المالية الموسعة التي يعدّها مؤيدو الطائف بأنها الوجه الآخر للفيديرالية السياسية.

لذلك؛ فإن لا خيار أمام طهران، كما تقول مصادر عربية ديبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، سوى التشدُّد في موقفها من الملف الرئاسي؛ كونها تربطه بالتطورات في سورية، ولا تريد التفريط به، وستضطر إلى الاحتفاظ بالورقة اللبنانية في حال أن النظام السوري واجه مشكلة في إعادة الأمور إلى طبيعتها بوقف الاحتجاجات المتنقلة في أكثر من منطقة في سورية.