IMLebanon

لقاء رعد والعماد عون يخلط أوراق الرئاسة

كتب منير الربيع في “المدن”:

بالضرب تحت الحزام” يمكن وصف مسار التفاوض والعلاقة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله. إنها المفاوضات التي تجري على حافة الهاوية. فالطرفان يعملان كل على حدة في تعزيز أوراقهما وفتح قنوات تواصلهما مع الآخرين. ففي الوقت الذي يبقي فيه جبران باسيل خطوطه مفتوحة مع قوى المعارضة بالتزامن مع حواره مع حزب الله.. يعمل الأخير على توسيع هامش خياراته، لإحراج باسيل أكثر، من خلال التقدم باتجاه قائد الجيش جوزيف عون. وآخر الضربات من تحت الحزام هو اللقاء الذي عقد الأسبوع الفائت بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وقائد الجيش.

كسر الجليد السياسي

حسب ما تشير مصادر متابعة، فإن اللقاء كان بهدف تقديم واجب العزاء بشهداء المروحية التي سقطت قبل نحو أسبوعين، وتم خلاله البحث في ملفات كثيرة. وتضيف المعلومات، أن اللقاء لم يكن مخصصاً للبحث في ملف رئاسة الجمهورية حصراً، لكنه تناول الملف الرئاسي والخيارات المتاحة والمفتوحة، بالإضافة إلى تعزيز العلاقة بين الجانبين، والتداول في ملفات أمنية وضرورة ضبط الوضع الداخلي والحفاظ على الاستقرار.

تصف مصادر قريبة من الثنائي الشيعي أن اللقاء هو في إطار التواصل والتنسيق المستمر بين قيادة الجيش وقيادة الحزب. وبالتالي، لم يكن لقاءً رئاسياً فقط، وما يحمله أيضاً أنه كسر الجليد السياسي مع قائد الجيش، لأن العلاقة الأمنية والتواصل قائم بين الطرفين وهناك تنسيق كبير، خصوصاً أن حزب الله يبدي تقديراً لمواقف قائد الجيش الأمنية والعسكرية، وخصوصاً خلال حادثة الكحالة وبعدها.

لكن هذه الملفات كلها كان يتابعها رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب، وفيق صفا. أما اللقاء مع رعد فله بعد سياسي، معانيه كثيرة. يرفض حزب الله التعليق بشكل رسمي ومباشر على هذا اللقاء، لكنه يؤكد حصوله. ولدى سؤال الحزب عن خلفيات اللقاء ومعانيه، وإذا كان ذلك يحمل مؤشراً بإمكانية الوصول إلى تسوية حول قائد الجيش، والتفاهم الرئاسي معه، يقول: “فليقرأ اللقاء كما هو لكن الأكيد أنه كان جيداً وودياً”.

أثر هوكشتاين

وتضيف المصادر، إن اللقاء لم يكن عبارة عن توجيه أسئلة مركّزة حول رئاسة الجمهورية، بل هو نقاش عام في مسار الاستحقاق، وضرورة الوصول إلى توافق بين القوى اللبنانية، وهو مؤشر أساسي بأن الحزب لا يضع أي فيتو على قائد الجيش، على الرغم من تمسكه بمرشحه سليمان فرنجية. الأهم، أن اللقاء جاء بعد أيام قليلة على زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين إلى بيروت، والذي زار مناطق عديدة بما فيها مناطق تعتبر خاضعة لسيطرة حزب الله.

هذه الزيارات أراد هوكشتاين أن يقول من خلالها إن أميركا حاضرة في لبنان وشريكة في أي قرار يتعلق به، لا سيما أن الرجل حث المسؤولين على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وجاء اللقاء بعد العشاء الذي جمع هوكشتاين بقائد الجيش جوزيف عون. ما يكرس معادلة أن واشنطن الشريكة الأساسية في لبنان، هي على علاقة قوية بقائد الجيش، الذي هو بدوره على علاقة جيدة بحزب الله. وهذا -وفق الرمزيات- يمكن أن يكرس جوزيف عون كطرف وحيد قادر على التواصل بين الطرفين. وهذا يمثل تكريساً لواقع الشراكة في لبنان بين أميركا وحزب الله. ما قد يدفع الى الاستنتاج مستقبلاً بأن أي تسوية بين الطرفين يمكن ان تنعكس لصالح قائد الجيش، خصوصاً في ظل تأييد أميركي له، إلى جانب التأييد القطري والسعودي. كل ذلك لا ينفصل عن المعلومات التي تتحدث عن استمرار القطريين في مساعيهم دعماً لخيار قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية.

رسالة من العيار الثقيل

جاء اللقاء في لحظة مفصلية أيضاً، تتعلق بالحوار المستمر بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ. وبالتالي، تفسر مصادر قريبة من الثنائي الشيعي بأنه يمثل رسالة من الرسائل الثقيلة لباسيل، بأن الحزب قادر على التفاهم مع كل الأفرقاء في الداخل والخارج، ولديه تنوع في الخيارات، وانسداد الأفق أمام سليمان فرنجية يعني أن هناك خياراً آخر هو قائد الجيش، الذي بدأ معه النقاش السياسي. وحينها، في أي تسوية يمكن أن تحصل، ستكون حصة سليمان فرنجية محفوظة، كذلك بعض قوى المعارضة ولا سيما القوات اللبنانية، التي تعتبر نفسها أنها طرحت قائد الجيش سابقاً. وبالتالي، ستكون شريكة في هذه التسوية، فيما باسيل سيكون خارج هذه المعادلة، بسبب رفضه.

كل ذلك، لا يمكن أن ينفصل عن رهان باسيل على إطالة أمد الحوار مع حزب الله إلى ما بعد انتهاء ولاية جوزيف عون في 10 كانون الثاني 2024. يعلم الثنائي الشيعي أن باسيل يريد التخفف من أعباء وضعه بين خيارين، إما سليمان فرنجية وإما جوزيف عون. وفي معرض رهان باسيل على الوقت، جرت تسريبات في الفترة الأخيرة بأنه في ظل عدم تعيين رئيس للأركان، ليتولى مهام قيادة الجيش بعد تقاعد جوزيف عون، لا بد من العمل على إعداد مرسوم تمديد ولايته، كي لا يتسلل الفراغ إلى موقع قيادة الجيش، فهذا أمر لا يمكن لأحد أن يتحمله. جاء هذا الطرح من عند رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي أراد إحراج باسيل أكثر، والضغط عليه في خلال فترة تفاوضه مع الحزب، بأن الرهان على الوقت لن يكون مجدياً.

إلى جانب تسريب خبر احتمال التمديد لقائد الجيش، تم تسريب خبر آخر، بأنه حتى لو خرج جوزيف عون من قيادة الجيش، فسيكون حينها متحرراً أكثر في حركته، ويمكن أن يذهب إلى تأسيس حركة سياسية أو حزب سياسي، سيأكل من صحن التيار الوطني الحرّ.

كل ذلك يندرج في سياق الضغط على باسيل لدفعه إلى القبول بسليمان فرنجية. هنا تقول مصادر متابعة إن الحزب يريد أن يحسم وجهة الحوار مع باسيل خلال فترة أسبوعين، لعدم الاستمرار في إطالة الوقت.