IMLebanon

“الإعتدال” يُدوزن “صوته الرئاسي”: لخيار ثالث جامع

كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:

بين قطار الرئاسة المعطوب ومطار القليعات المشلول، ينشط تكتل «الإعتدال الوطني» على خطّين يعكسان صورة دولةٍ قد شاخَت بعد مئة عام من عمرها. فالفراغ يشغل رأسها، والهريان ينهش بنيتها التحتيّة. ليس أكثر من المبادرات الرئاسية، إذ لا يوجد في عالمنا اليوم (ربّما)، بلد يستقطب كلّ هذه المحاولات الإقليميّة والدولية في سبيل إقناع النوّاب أو المعرقلين باحترام أبجدية الدستور. يُطفئ الشغور الرئاسي شمعته الأولى بفالجٍ يضرب كلّ المؤسّسات، ولا من يُعالج. تُغادر طائرات الموفدين كما تغطّ. الحركة كثيفة أمّا البركة فهي في «مطرقة» البرلمان. وحدها القوى السياسيّة ثابتة على مرشّحيها أكانوا «أسماء علم» أم «نكرة». أمّا بعض الكتل فتريّث في حسم خياراته، كـ»الإعتدال الوطني»، الذي أعلن في الدورات السابقة تصويته لـ»لبنان الجديد»، رافضاً الإصطفافات الرئاسية إنطلاقاً من رؤيته الواقعية للأزمة.

ومع دخول الوفد القطري على خطّ المبادرات، معتمداً «دبلوماسية الخفاء»، ومعها «قبعة الإخفاء»، أي الإبتعاد عن الإعلام واللقاءات العلنية، على عكس صولات وجولات الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، برز موقف في الأيام الماضية لـ»الإعتدال» بأنّه سيصوّت باسم في الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية. ما يطرح تساؤلات حول التوقيت وهويّة المرشّح الرئاسي. في السياق تلفت أوساط مطّلعة في «التكتلّ» على الوساطة القطرية، إلى أنّ ما يميّزها عن الفرنسية، أنها طرحت أسماء من خارج الإصطفافات الحاليّة كقائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري. فيما تضيف مصادر أخرى إسم النائب نعمة افرام على اللائحة القطرية. مع الإشارة إلى أنّ مبادرة الدوحة لا تزال بعيدة عن «التقريش» الرئاسي، نظراً لتمسّك القوى السياسية الرئيسيّة بمرشّحيها، لا سيّما «الثنائي الشيعي»، وما جاء على لسان معاون الأمين العام لـ»حزب الله» حسين الخليل أمام الموفد القطري أبو فهد بن جاسم آل ثاني «أنّ مرشّح الحزب أولاً وثانياً وثالثاً هو سليمان فرنجية».

من ناحيته، لا يُعوّل «الإعتدال» كثيراً على المحاولة القطرية، رغم ترحيبه بكلّ محاولة قد تحقّق خرقاً في جدار بعبدا الصلب. في نظره، تشكّل امتداداً للمبادرة الفرنسية، التي تدور في فلك «اللجنة الخماسية لأجل لبنان» التي أثبتت فشلها حتّى الآن. يتمسّك «التكتلّ» بموقفه الإعتدالي، ويعمل على «دوزنة» تصويته القادم في أول جلسة إنتخابية مقبلة، قاطعاً الطريق أمام التأويلات أو وضعه في هذه الخانة وتلك. لم يحسم «الإعتداليون» خيارهم بعد لناحية الإسم. لكنّهم يميلون إلى من يتماهى مع تموضع التكتل الوسطي البعيد عن المحاور والمعسكرات الحادّة. كون نجاح أي رئيس في مهامه، والخروج من المحنة وانتظام العمل المؤسساتي، ومواجهة الخطر الوجودي الذي يشكله النزوح السوري، كلها أمور تتطلّب إجماعاً لبنانيّاً يمتدّ أيضاً إلى تشكيل الحكومات العتيدة. من الواضح، أنّ خيار التكتلّ يتّجه نحو «مرشح ثالث» كمخرج سليم وواقعي للأزمة، يتماهى مع تسوية عربيّة – إقليميّة – دوليّة، وإلّا سيبقى التخبّط الرئاسي سيّد الموقف. كما لا تُخفي مصادر التكتلّ، ربط موقفها الرئاسي بمطلبها الحيوي والوطني، أي مطار القليعات. هذه «المقايضة الشريفة»، لا تعني منطقة الشمال وحدها بل كلّ لبنان، وفق ما يقول أحد نواب «التكتل».