IMLebanon

جنبلاط: قد نُستدرج لحرب أقسى من 2006… وأخشى على المطار

تحدّث رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في حديث الى جريدة “الأنباء” الالكترونية، عن أبرز المستجدات الراهنة بعد عملية “طوفان الأقصى” وتداعياتها على لبنان والمنطقة، وعن رؤيته لكيفية العمل على تجنيب لبنان اتساع الحرب الدائرة.

ولفت، إلى لقاءاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وكذلك مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقال: “من أجواء هذه اللقاءات، تبيّن لي أننا قد نُستدرج إلى حرب، وقد تكون أقسى من حرب العام 2006، إذ آنذاك كان للبنان نوع من الحماية الخارجية والعربية، فرنسا أيام الرئيس جاك شيراك، الملك عبدالله، حسني مبارك. اليوم يبدو أنَّ هذه الحملة الغربية ضد الفلسطينيين وحماس تحت شعار محاربة الإرهاب لا توفّر أحداً، لذلك لا بد من الحدّ الأدنى للتلاقي، وتلاقينا حول كيفية اتخاذ بعض الإجراءات الداخلية، ترميم الحكومة وبعض التعيينات طرحتها شخصياً، الهيئة العليا للإغاثة، الصليب الأحمر وغيرها من الأمور الإجرائية الأساسية من أجل دعم المواطن، ومن أجل مواجهة الأسوأ، وأنا في كل حياتي السياسية كنت أنطلق بأنَّ الأسوأ قادم”.

وأضاف جنبلاط “رأيت عند باسيل الحرص والخوف نفسه من الآتي جراء هذه العاصفة الهوجاء والحرب المدمرة على فلسطين والعرب، ولنا قلق كبير على لبنان”. وعن الفراغ المتوقع في قيادة الجيش، قال جنبلاط: “طرحت وجهة نظري، وأفضّل أن يكون التمديد لقائد الجيش، حتى لو كان بقي له 3 أشهر، إذ ليس باستطاعة أحد أن يعي كم ستطول هذه الأزمة، وبذلك له الأولوية من ناحية الخبرة وله مقام معيّن، وطبعًا معه تعيين المجلس العسكري”.

وعلى مستوى التطورات في الجنوب وعما اذا كان حزب الله لا يزال يمسك بزمام المبادرة في ظل وجود قوى أخرى تتحرك على الأرض، قال جنبلاط: “أعتقد أن حزب الله لا يزال يمسك بزمام الأمور، لكن أفضّل دائماً التذكير بالطرق الخاصة والاتصالات مع الحزب، أن لا تكثر تلك الجماعات التي تعمل في الجنوب تحت شعار المقاومة”.

وعن رسالته الى حزب الله، لفت إلى أن “الرسالة دائماً هي نفسها، محاولة عدم الاستدراج إلى الحرب، والتقيّد بالدفاع عن النفس، وعن الجنوب ولبنان، لكن أن لا تجتاز تلك المرحلة خطوطاً معينة، لكن ليس الحزب مَن يقرر بمفرده، إنما إسرائيل قد تستدرج الجميع”.

ورداً على سؤال عمّا اذا كان قلق من اي استهداف للمطار، أجاب جنبلاط: “طبعاً، أخشى على المطار وعلى طيران الشرق الأوسط، وكنت من الأشخاص الذين نصحوا محمد الحوت باتخاذ الإجراءات المناسبة لأن الطائرات اليوم ليست مغطاة بالتأمين، وإذا ما بقيت هذه المطارات على الأرض في لبنان فإننا سنخسر كلّ شيء، الأفضل أن نحافظ على التأمين في مطارات الأردن، قبرص او غيرها”.

وعن قلقه من اي توتر أمني أو طابور خامس، قال جنبلاط: “شهدنا بعض التظاهرات، خاصة ما حصل قرب عوكر، إذ كان من الأفضل أن تبقى التظاهرات في الإطار السلمي، لكن بعضهم خرج وأحرق المحال التي لا علاقة لها بالسياسات الأميركية، كما التظاهرات على باب الجامعة الأميركية، ليست بهذه الطريقة نستطيع أن نحتج، وشهدنا بعض الكلام المسيء والمشمئز – كن دون ذكر من قاله – أفضّل أن لا نسمع مجدداً هذا النوع من الكلام”.

ورداً على سؤال عمّا اذا كان سيجمعه اي لقاء قريب مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أجاب جنبلاط: “ليس هناك أي لقاءات في الوقت الحاضر، ولا أعتقد أن هذا الوقت المناسب خاصة في ظلّ الظرف الأمني والأخطار المحيطة بالجميع”.

وعن الاستعدادات تحسّباً لأي نزوح لأهالي الجنوب في حال توسّع العدوان، قال جنبلاط: “حتى هذه اللحظة، هناك أفراد وعائلات فردية تأتي من الجنوب، وتستأجر شققاً في الجبل، وندائي هنا لأهل الجبل بألا يكون التفكير بالاستفادة مالية وأن تكون الإيجارات مقبولة”، مضيفاً “الجهوزية يجب أن تكون على مستوى الدولة، كما كانت من خلال الهيئة العليا للإغاثة في العام 2006، وتحدثنا بهذا الموضوع مع ميقاتي”.

وفي ظل تهديدات وزير الدفاع الأميركي بتدخّل بلاده في حال توسّعت رقعة النزاع، ورداً على سؤال عمّا اذا تواصل مع الاميركيين، أجاب “لم أتواصل مع الأميركيين، إستقبلت السفيرة الأميركية وبحثنا شؤونا خاصّة بلبنان. أمّا وزير الدفاع فلا أعتقد أنّه يستشير وليد جنبلاط أو غيره، نرى كل هذه البوارج في عرض البحر، بارجة واحدة لم تأتِ بعد وهي بارجة شارل ديغول الفرنسيّة، وأعتقد أنّها لن تأتي، وأتمنّى ألّا تأتي. اليوم الرئيس الفرنسي في إسرائيل وعلى أمل أن يزور معبر رفح ومستشفى المعمداني الذي ضُرب، أفضل هناك، فهناك فلسطين”. وعلّق على تصريحات ماكرون بالقول: “نتمنّى أن تعود فرنسا حيث كانت أيّام جاك شيراك”، مضيفاً “لم يبقَ هناك عقلاء، الدعاية الصهيونيّة تسيطر، والدعاية المعادية للإسلام تسيطر، لذلك جوابنا يجب ألّا يكون هناك نداءات ضد اليهود وضد الغرب وأن نتفادى أيّ عمل يؤذينا.. مثلًا خرجت إشاعة وانطلقت كالنار في الهشيم أن أفراداً من حماس قطعوا رؤوس أطفال يهود، وتبيّن أن هذا كذب، وقدّمت المذيعة اعتذارًا وأعتقد أنها من ال CNN، ولكن بما أن الإعلام مسيطَر عليه صدّق البعض هذا الأمر”.

وتعليقاً على بعض الأصوات التي نجحت في كسر الدعاية الإعلاميّة الغربية أمثال باسم يوسف والسفير الفلسطيني في لندن حسام زملط، أشار الى أن السفير زملط هاتَفه و”كان اتصال جيد جدًا وهنّأته على كل مواقفه وعلى هذه قدرته في مواجهة هذه الحرب الاعلامية ودحض الإتهام بالحجة”.

وعمّا اذا حصل أي تواصل مع الاشتراكية الدولية، قال: “الإشتراكية الدولية ماتت، رجالات الإشتراكيّة الدوليّة الكبار ماتوا”.

ولكن كيف يستطيع أهل غزّة الصمود في وجه كل هذا الدعم اللامتناهي لإسرائيل وفتات المساعدات التي تدخل إلى غزّة؟ أجاب جنبلاط: “سمعنا اليوم أن وقف إطلاق النار لم يسرِ، ما يعني أن تدمير غزّة مستمرّ، لم نسمع عن كميّات كبيرة من الإغاثة تدخل إلى غزّة، وكأن المطلوب أن يُقتل أكبر عدد من أهالي غزّة، ثم لاحقًا يُحتضنوا في مخيّم في مكان ما، لست أدري إمّا في سيناء إما بين المعبرين.. يا لها من مأساة. لكن هنا يتبيّن حجم التآمر على أهل غزّة، وفي فلسطين أيضًا في الضفة الغربيّة القتل جار كلّ يوم والإغتيالات لم تتوقف”.

وتعليقاً على الرفض المصري لمشروع “الترانسفير” ونزوح أهالي غزة إلى الجنوب والموقف السعودي، وعما اذا كان هذا الأمر يكفي لوقف مشروع تهجير الفلسطينيين، أجاب جنبلاط: “بالوقت الحاضر هذا لا يكفي، على العرب أن يتحدوا وأن يطالبوا بوقف إطلاق النار أوّلًا، ثم العودة إلى الأساس أي الدولة الفلسطينيّة، التي يبدو أنهم، لن نقول تناسوها، لكنهم يرددونها من حين إلى آخر تحت شعارات لم تعد تكفي، شعار الدولة الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة، لكن الضفة الغربيّة مجتاحة من قبل المستوطنين ولا بدّ من خطة جديدة”.

وتعليقاً على الخريطة الشهيرة التي قام بنشرها حول واقع الأراضي المحتلة، قال جنبلاط: “هذه الخريطة أخذتها بالتحديد من صحيفة Le MONDE DIPLOMATIQUE والتي نُشرت عام 2009، ولا زلنا بالـ2023 نحلم بالمبادرة العربيّة، الأرض مقابل السلام، شعارات جميلة، لكن على الأرض هناك أرخبيل مطوّق من قبل المستوطنات اليهودية”.

وتعليقاً على طرح الدولة الواحدة بقوميتين، قال جنبلاط: “مشروع جميل جدًا، مثالي، من قبل مفكرين كبار منهم وفي طليعتهم إدوارد سعيد المفكّر الكبير، لكن اليوم في هذه الحملة الكبيرة الصهيونيّة في مواجهة العرب والمسلمين وكل من يقيم في فلسطين، لا أعتقد أنه يمكن تحقيق هذا المشروع”.

وعن سبب غياب الصوت الروسي والصيني عما يجري، قال “وُرِّط الروس، أو ورّطوا الروس أنفسهم في هذه الحرب، ماذا تريد أن تكون لهم الحجة، هم أيضًا في حالة حرب، قلت وُرِّطوا أو تورَّطوا لأن البعض منهم في مكان ما لا يعترفون بالشعب الأوكراني، هم قالوا عمليّة خاصة في قسم من أوكرانيا، سنجاريهم في هذا الأمر، لكن هناك شعب أوكراني”.

جنبلاط وجّه رسالة الى السلطة الفلسطينية، قائلاً “الأفضل على أبو مازن أن يخرج من رام الله، وأن يجدد منظمة التحرير وأن يسمح بالانتخابات، ويختار أين تكون إقامته، ولكن أفضل أن يخرجوا من دائرة رام الله المحتلة”.

وبعدما كان وجّه نداء الى دروز فلسطين في ظل استغلال الرموز الدينية الدرزية في حرب غزة، قال جنبلاط: “بعض من دروز فلسطين تورطوا مع الصهيونية واستخدمتهم منذ عقود في مواجهة الداخل. لكن مع المعروفيين الأحرار، بالتحديد مع سعيد نفاع، قمنا بجولات من اللقاءات، وكان لقاء في قبرص، هذا الجهد الأساس لمنع التورط مع الدائرة الصهيونية لأنها لا توفر أحداً من الفلسطينيين، اليوم غزة، غداً الضفة، وثالثاً فلسطينيو الداخل، والدروز منهم أيضاً”.

وعمّا اذا كانت قد انتهت انتفاضة السويداء على وقع طوفان الأقصى، قال جنبلاط: “لم تنته، بل إنَّ ما يحصل في غزة مخيف، وهناك شعب سوري في السويداء، وغير السويداء، يريد الخلاص والوصول إلى العيش الكريم والحرية، وهذ الشعارات معقولة جداً ولا بد من أن التاريخ يزيح هذا النظام”.

وتعليقاً على وصفه ما يجري بأقسى مرحلة مصيرية في حياته السياسية، عقّب بالقول: “لا أخشى على نفسي، بل على الشعبين اللبناني والفلسطيني، ولكن كفانا حروباً منذ 50 عاماً”.

وفي الختام، قال جنبلاط: “علينا أن نقوم بالجهد الأقصى للوصول إلى الحدّ الأدنى من الوحدة الوطنية، نحترم الآراء المتنوعة، وننبذ آراء العنصرية، ونتحسب للأخطار”.