IMLebanon

لبنان عالق بين “شكليْن” جديديْن لسوريا وإسرائيل

كتبت هيام القصيفي في “الاخبار”: 

فتحت حرب غزة الواقع اللبناني على مشهدية جديدة. بعد المتغيّرات السورية، إسرائيل في طريقها لأن تصبح إسرائيل أخرى نتيجة انعكاس حرب غزة عليها، وعلى مقاربتها لكل وجودها والعلاقة مع محيطها

بدأ الكلام الأميركي يتناول مرحلة ما بعد غزة رغم أن الحرب لا تزال مستعرة فيها. وهذا يعكس حقيقة أن التفاوض بدأ منذ الطلقة الأولى، في 7 تشرين الأول. وإذا كانت حوارات عُمان تستغرق وقتاً للتوصل إلى قاعدة توافق ما، إلا أن الواضح أن مرحلة جديدة، إسرائيلية وفلسطينية، بدأت في التعامل مع مجريات الوضع السياسي وليس الميداني. باعتبار أن ثمّة تسليماً بأن التطورات الميدانية لن تنحصر بوقف إطلاق نار في وقت قريب. والتعامل مع التطورات العسكرية على أنها في طريقها لأن تصبح روتينية، على مثال اشتباكات الحرب اللبنانية سابقاً أو السورية حديثاً، استسهال في غير محلّه، ولا يعكس حقيقة الواقع العسكري.

لبنانياً، أصبح السؤال المركزي، كذلك، يتعلق بما هو ما بعد غزة. وإذا كان النقاش حولها يتعلق بإدارة وضعيتها السياسية ومستقبلها السياسي، فإن توسّعه لن يبقى محصوراً بغزة كموقع جغرافي بقدر ما سيتعلق بمحاكاة وضع حلفاء «حماس» في الداخل والخارج، وحزب الله بطبيعة الحال. وهذا يفترض التطلع إلى مستقبل لبنان من وجهة نظر مختلفة عما كان عليه الوضع في الأشهر الأخيرة.
ثمّة قاعدة سياسية ينطلق منها سياسيون في مقاربة حيثية لبنان، بما هو أبعد من انعكاس حرب غزة مباشرة عليه. فالقراءة الأوسع مدى تتعلق بمصير الشرق الأدنى بمفهومه الجديد انطلاقاً من حرب غزة، بعد كل ما أفرزته الأسابيع الماضية من تداخلات إقليمية. ومن الطبيعي أن يكون لبنان أولى الدول التي تصيبها التحوّلات، إذ إنه أصبح عالقاً بين مشهدية جديدة تتصل بوضعية إسرائيل الداخلية وعلاقتها بمحيطها الأقرب فلسطينياً والأبعد عربياً، بعدما كان في العقد الأخير على تماس مع حرب سوريا. فهو تعايش بشقّ النفس مع الحرب السورية على وقع متغيّرات كبرى طاولتها عسكرياً واجتماعياً واقتصادياً، والأمر لا يتعلق باستمرار وجود نظام الرئيس بشار الأسد. وبقاء النظام لا يعني بقاء سوريا على ما كانت عليه، قبل اندلاع الحرب فيها وتحوّلها إلى ساحة تتداخل فيها عوامل إيرانية وروسية وأميركية وخليجية، عدا انهيار بنيتها الأمنية والاقتصادية. أصبح لبنان منذ سنوات كبش محرقة الحرب السورية، ولا يزال إلى الأسابيع الأخيرة يعاني من النزف وانفجار قضية النازحين السوريين فيه على نحو غير مسبوق.