IMLebanon

النافعة “شغّالة” ولكن!

كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:

أعلنت هيئة إدارة السير قبل أيام أنها ستباشر بدءاً من يوم الاربعاء في 15 تشرين الثاني الجاري باستقبال طلبات المواطنين الراغبين بالإستحصال على رخصة سوق أولى من فئتي السيارات السياحية الخصوصية، والدراجات الآلية. إلا أنّ لا الإدارة فتحت خانة لاستقبال هذه الطلبات إلكترونياً عبر صفحتها الخاصة، ولا مكاتب تعليم القيادة بدأت بإستقبال المعاملات المطلوبة من المواطنين لإنجاز هذه الرخص. أما السبب، فأبعد من الإضراب المفتوح الذي أعلن عنه موظفو الهيئة، والذي لم يتطور على ما يبدو نحو عرقلة عمل الهيئة مجدداً، إذ أنه إقتصر على جزء من الموظفين الذين ذكر أنهم من المكلفين بمهماتهم حديثاً. فبقيت النافعة «ماشية» ولو بجزء من الخدمات التي أطلقتها حتى الآن.

لم يُكتب لمنتظري الدفتر ممن أتموا سن الـ18، «الفرج» بعد. فأصحاب مكاتب تعليم السوق لا يلمسون جدية في إطلاق هذه الخدمة مجدداً، لا سيما وأنّ إعلان الهيئة عن المباشرة بتسلم طلبات دفاتر السوق الأولى، لم يترافق مع تحديد آلية لإمتحان القيادة وحلباتها، أو تعيين للجان الفاحصة. هذا بالإضافة الى كون أصحاب المكاتب لم يطّلعوا لا على نماذج إمتحانات السوق ولا على كلفة دفتر السوق الجديدة. وهذا ما ترك إنطباعاً لديهم بأنّ تسلم طلبات المواطنين لا يعني تعيين مواعيد فورية لإخضاعهم لإمتحانات القيادة.

لم يرغب أصحاب مكاتب تعليم السوق إذا بـ»تسويد الوجه» مع طالبي رخص القيادة لأول مرة، خصوصاً أنّ هناك كمية كبيرة من الطلبات التي تكدّست لديهم من الفترة الأولى لإقفال النافعة، وهؤلاء باتوا يحتاجون لتجديد الشهادات والسجلات العدلية، ما سيكبدهم كلفة إضافية تفوق بعشرات الأضعاف كلفة إستصدارها في المرة الأولى.

برقية أمنية داخلية

في المقابل ووفقاً لبرقية أمنية داخلية حصلت عليها «نداء الوطن»، يفترض أنّ هيئة إدارة السير باشرت فعلاً في الأسبوع الماضي تدريبات أعضاء اللجان الفاحصة، بعدما قدمت أسماء حوالى 40 متقاعداً من سلك قوى الأمن الداخلي للمشاركة في الدورة، وتم إختيارهم بموافقة وزير الداخلية وفقاً لصلاحياته، وإنما من دون معايير محددة لذلك. وقد أثار هذا الأمر بلبلة في صفوف عسكريين متقاعدين كانوا يطمحون بمثل هذه الوظيفة التي تؤمن لهم دخلاً إضافياً. ووصل الحد ببعضهم الى إتهام الإدارة بالإستنسابية في اختيار الأسماء «بالواسطة».

من سيدرّب؟

ولكن هذا ليس كل ما يلفت في برقية قوى الأمن التي تحدد تقييمين للمتدربين، الأول خطي والثاني عملي. فإلى جانب ما تضمنه برنامج الدورة من إضاءة على قانون السير من خلال رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن العميد جوزف مسلم، وتدريبات قدمها أمنيون من فريق السلامة المرورية، والطبيب جورج الحداد، يبدو لافتاً أن توكل مهمة تحديد القواعد العامة لتقييم الإمتحان العملي لأعضاء من النقابة ورئيسها الذين شاركوا في لجنة التدريب. وهذا وفقاً لمصادر مطلعة يتخطى الروحية التي إنطلق منها قانون السير الصادر سنة 2012. إذ ان القانون إفترض أن أصحاب المكاتب هم الذين يحتاجون لدورات تدريبية على مناهج رصينة للقيادة، تجعل من رخصة السوق شهادة فعلية على كون حاملها تعلم القيادة فعلاً. هذا إضافة لتحديد القانون أسس تحوّل مكاتب تعليم القيادة الحالية الى مدارس سوق، وبأي مهلة، وكيفية إخضاع القيمين عليها لتدريبات، والمناهج التي سيتدربون عليها، والمدربون الذين سيقومون بتدريبهم، وما هو إمتحان الكفاءة الذي يجب أن يجتازوه.

أمر آخر يلفت الإنتباه في المراسلة الداخلية المذكورة. إذ انها تتحدث عن تنظيم الدورة في معهد قوى الأمن في عرمون. وهذا ما تؤكد مصادر متابعة لملف السلامة المرورية، أنه يخالف المادة 217 من قانون السير الصادر في سنة 2012، والتي تفترض إجراء التدريبات في معهد متخصص بالسلامة المرورية وتقنيات الحوادث. علماً أنّ إستعانة هيئة إدارة السير بمعهد قوى الأمن الذي نشأ لأهداف مختلفة، مرده لكون الدولة في إمعانها بتجاهل القانون الذي إستغرق وضعه خمس سنوات تقريباً، لم تسع لتأسيس المعهد المتخصص الذي نص عليه، ولا هي أظهرت نيّة لإنشاء هذا المعهد ولو بظل إعلانها عن عمليات إصلاحية في النافعة.

وتبين أيضاً أنّ التدريبات في الدورة إستعانت بسيارات ذات ناقل حركي، خلافاً لتطويرات القانون الذي سمح في المادة 201 بإدراج خانة خاصة في رخص السوق لقيادة المركبات ذات ناقل حركة اوتوماتيكي (boite de vitesse automatique) على أن يجري إمتحان السوق على هذا النوع من المركبات وأن لا يقود السائق سواها. هذا مع الإشارة أيضاً إلى أن المادة 214 من القانون أجازت إجراء إمتحان السوق على السيارات التي يملكها أصحابها أو أحد أصولهم أو الفروع، وهي بالطبع سيارات تخطت الناقل الحركي منذ سنوات.

أين اللجنة الوطنية؟

غير أنّ الأبرز ن بين كل ما تقدم، هو أنّ اللجنة الوطنية للسلامة المرورية لم تكبّد نفسها عناء الإجتماع ولو لمرة واحدة منذ إقفال النافعة. مع أنها اللجنة التي تعنى بإجراء الدراسات والأبحاث لتطوير السلامة المرورية، ورفعها إلى المجلس الوطني للسلامة المرورية لإتخاذ القرار بشأنها. كما أنها مسؤولة عن إقتراح مناهج امتحانات السوق العملي، وضع إمتحان السوق النظري، إقتراح معايير ومؤهلات فاحصي السوق وإمتحانات تأهيلهم، بالإضافة إلى إقتراح امتحانات مدربي السوق، ومناهج التعليم والتدريب في مدارس تعليم السوق، وغيرها.

فأطلقت عمليات التدريب بظل إنقطاع إجتماعات اللجنة التي يرأسها وزير الداخلية، منذ نحو أربع سنوات حتى الآن، مع أن القانون نص على ضرورة إجتماعها بشكل دوري مرة في الشهر على الأقل، وجعل منها عراب القانون والمسؤولة عن تنفيذه، وتعديله والسعي لإصدار مراسيمه التطبيقية وهذا ما يطرح السؤال وفقاً لمصادر مطلعة عن أسس إطلاق خدمة منح رخص السوق مجدداً، وبأي مناهج؟ ومن يحددها؟ وممن تألفت اللجنة الفاحصة؟ وما هي خبراتها؟ وأي تغيير أو تطوير في ذهنية القيادة تسعى إليها النافعة من خلال هذه العملية، وخصوصاً بعدما تحدثت مصادرها عن الإستعداد لتطوير دفتر السوق بما يتلاءم مع المعايير العالمية؟

وتلفت المصادر إلى كون اللجنة بمثابة هيئة ناظمة للقطاع تجعل من القانون سلطة تعلو كل السلطات. وعليه تعتبر أنّ تغييبها جزء من سياسة تغييب الهيئات الناظمة على مستوى سائر القطاعات في البلد. وتبيّن أنّه من أصل 480 مادة إصلاحية يتضمنها القانون، هناك 177 مادة تنتهي بجملة «على أن تحدد دقائق تطبيق هذه المادة بمرسوم يصدرعن الوزير أو مجلس الوزراء بناء على إقتراح تقدمه اللجنة الوطنية للسلامة المرروية». ما يعني أنّ هناك عملياً 177 مادة معطلة في هذا القانون بسبب عدم إجتماع هذه اللجنة.

إهمال مواد قانونية

ومن هنا تعتبر المصادر أنّ إهمال تطبيق المواد القانونية مع إنطلاقة النافعة مجدداً، يشكل مؤشراً واضحاً على عدم سير هيئة إدارة السير والمركبات بالخطوات الإصلاحية التي وعدت بها. بل سلكت بإتجاه إعادة تفعيل خدمات النافعة بالموجود، حتى لو كان هذا الموجود سبباً في الواقع المروري السيئ على طرقاتنا.

وتحدد المصادر المطلعة أبرز الخطوات الإصلاحية التي تضمنها القانون بـ»إنشاء سجل مروري لكل سائق، وهو بمثابة سجل عدلي بالقيادة، تحسم من خلاله النقاط على السائق، نسبة إلى الاخطاء والحوادث التي إرتكبها. بالإضافة الى إنشاء وحدة المرور المغيبة حتى الآن لأسباب طائفية. وإنشاء المعهد الوطني للسلامة المرورية، وإلتزام اللجنة الوطنية للسلامة المرورية بلقاءاتها الدورية.