IMLebanon

“ستارلينك” طارت من خطة الطوارئ

كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:

في جلسته الأخيرة التي انعقدت مطلع الأسبوع الجاري، أسقط مجلس الوزراء تقديم خدمة الإنترنت عبر شبكة الأقمار الإصطناعية STARLINK من خطة الطوارئ التي وضعتها وزارة الاتصالات لحالة الحرب. رُفض الترخيص الموقت لستارلينك كما طلب وزير الإتصالات، وأعيدت الكرة إلى الوزارة حتى تقوم بـ»إعداد الدراسات اللازمة لتنظيم الإطار التجاري لعمل الشركة في لبنان وفقاً للأصول، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية المختصة». وبالتالي قرر المجلس تأجيل البت بالطلب إلى حين استكمال الملف.
هذا القرار إعتبره النائب ياسين ياسين في اتصال مع «نداء الوطن»، أنه «يشكل تداركاً من قبل مجلس الوزراء لتجاوز القوانين الذي كان يمكن أن يحصل بذريعة خطة الطوارئ». وبالتالي حقق الهدف من السؤال الذي توجه به مع زملاء له إلى الحكومة ووزارة الإتصالات. واعتبر ياسين أنّ «أي خدمة جديدة تضاف إلى سوق الإتصالات مرحب بها، شرط أن تكون مراعية للقوانين والأنظمة.

ولا تخفي تهريبة تحاول أن تتخطى هذه الأنظمة بذريعة حالة الطوارئ»، علماً أنّ المطلوب من أي مشروع يًقدم وفقاً لياسين، «الإجابة على سؤالين: من سيشغل هذه الخدمة؟ وبأي كلفة؟ وبالتالي ما هو حجم الايرادات المتوقعة؟ والسؤالان تتم الإجابة عليهما عبر دراسة. الأمر الذي لم يحصل خلال عرض الموضوع بالطريقة التي عرض فيها سابقاً».

هذه الخلاصة أيّدها أيضاً خبير بقطاع الإتصالات معتبراً أنّ الوزارة أصبحت ملزمة إنطلاقاً من المهمة التي أوكلت بها «بالتقيد بقواعد التنظيم والتعرفة والمحاسبة في إتخاذ إجراءات الترخيص للشركة، لتبيان من يشغل الخدمة، وكيف، وبأي ثمن ووفقاً لأي عقد. هذا بالإضافة إلى تحديد أسس التعاون مع الأجهزة الأمنية في ما يتعلق بمعلومات المستخدمين، وهذا كله يجب أن يخضع للقوانين».

ماذا بعد مجلس الوزراء؟

هل تخلّى وزير الإتصالات جوني القرم عن فكرة الترخيص لستارلينك؟ وما هي الخطوة التالية التي ستتخذها الوزارة بهذا الإطار؟

يقرّ القرم بنسف PLAN B في خطة الطوارئ التي تقدم بها، ويتقبّلها. فـ»لا بأس بذلك» كما يقول. ويضيف لـ»نداء الوطن»: «قلنا منذ اليوم الأول إن الـ PLAN B وضع لفترة ثلاثة أشهر تجريبية، سيتسنى للأجهزة الأمنية أن تتواصل خلالها مباشرة مع الشركة، وتتبين إمكانية البحث في حزمة تجارية لاحقة». أما بعد رفض مجلس الوزارء لهذا المخطط فيشير إلى أنّه سيستكمل في وزارته الدراسة التجارية كما طلب مجلس الوزراء، إنما هذه الدراسة كما يؤكد «لا يمكن أن تكتمل، ولو وجدت فيها إفادة لمصلحة البلد، إلا بموافقة الأمنيين».

وإذا كان كلام القرم لا يبدد إعتقاد المعترضين على خطته، «بأن المخطط منذ البداية كان الترخيص لعمل تجاري لستارلينك على الأراضي اللبنانية تحت غطاء خطة الطوارئ»، إلا أنّه يجيب «لست معنياً بما يقال، أنا معني بما أقوله، وقلتها بكل وضوح إنّ هذه فترة تجربة لمدة ثلاثة أشهر، ستسمح لنا كوزارة بإختبار مصداقية ستارلينك، وخدمتها، من خلال إجراء كل التجارب المطلوبة، وفي الوقت نفسه ستسمح للأجهزة الأمنية بالتفاهم مع ستارلينك على نوع المعلومات التي تطلبها وإمكانية الحصول عليها، وهذا شرط من الشروط الأساسية لنعرف ما إذا كان يمكن التعاون معها في المستقبل أو لا»، مضيفاً «كان هدفنا أن نخضع لمرحلة تجريبية، ووجدنا أنّ الأمر مناسب بظروفنا الحالية، خصوصاً أنّ الكلفة على الوزارة كانت صفر، وتؤمن خطة طوارئ بديلة».

وإذ يأسف لكون مجلس الوزراء لم يقر الطلب الذي تقدم به يوضح في المقابل «بأن تحفظ المجلس لم يكن على ستارلينك بقدر تعليقه على منظمة P FOUNDATION التي قدمت هبة الـ150 جهازاً لنا، وكانت أسئلة عن ماهية هذه الشركة، وما هو الهدف من هبتها».

لا معلومات إضافية

هذه التساؤلات لم تكن حكراً على مجلس الوزراء في الفترة الأخيرة، إنما طرحت كهواجس من قبل بعض متابعي الملف، وحتى داخل لجنة الإتصالات النيابية. لكن القرم كرر تأكيده أنّه «قدم المعلومات التي بحوزته إلى الأجهزة واللجان الأمنية، وفي جلسة مجلس الوزراء طُلب من وزير الداخلية بسام مولوي أن يقدم معلومات إضافية عن المنظمة، وهذا ما لم يحصل، وبقينا في إطار المعلومات التي لدى وزارة الإتصالات، وهي أنّها منظمة غير حكومية، تمويلها أميركي، وهدفها الأساسي تأمين إنتشار الإنترنت بالعالم». ويشير إلى «أن المعلومات حول المنظمة وسجلّها بعهدة الأمنيين ووزارة الداخلية. ويبدو أنها لم تكن كافية لمجلس الوزراء ليتخذ القرار بالموضوع».

ولكن إذا كانت الـ150 جهازاً المقدمة من قبل P foundation يمكن إستخدامها بحسب السؤال الذي تقدم به النواب من دون الحاجة لترخيص، فلماذا توجه وزير الإتصالات إلى طلب الترخيص من مجلس الوزراء؟

يجزم القرم بأنّ «إستخدام هذه التجهيزات ليس متاحاً من دون موافقة مجلس الوزراء». ويشرح «أنّ حزم ستارلينك حالياً ليست مفعّلة، وقد طالبنا بأن لا يفعل أي إشتراك إلا من خلال الوزارة وبمعرفتها وبمعرفة الأمنيين. وبالتالي نحتاج لتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة ستارلينك لنستفيد من الهبة».

ويلفت إلى أنّ الإطار التجاري «ليس جاهزاً بعد»، مع أنّ المفاوضات مع ستارلينك قد بدأت منذ نحو عام تقريباً، وفقاً لما كان قد كشفه خلال جلسة للجان النيابية.

أما في حال أبدت ستارلينك رغبة بإتخاذ خطوات تجارية لدخول سوق الإنترنت في لبنان، فيقول القرم «إنّ البت بهذا الموضوع لا يتعلق بوزارة الإتصالات إنما بالأجهزة الأمنية. وأحد طلبات الأمنيين كانت أنه إذا كانت ستارلينك ستعمل في لبنان، يجب أن يكون لديها مركز رئيسي يحافظ على معلومات المستخدمين في لبنان، ويكون للأجهزة الأمنية قدرة الوصول إليه». ويضيف: «يهمنا أن يكون التفاوض مع الشركة الأم بغض النظر عما إذا تم تأسيس شركة في لبنان، وأن تكون المسؤولية الأولى والأخيرة لها».

ويوضح بالمقابل أنّ أي رخصة قد تحصل عليها ستارلينك مستقبلاً «يجب أن تكون مبنية على نوعين من الإيرادات للدولة اللبنانية، إيرادات ثابتة وهي كلفة الرخصة بحد ذاتها، وإيرادات للدولة من كل مشترك». ولكنه يرى «أن الخدمة التي ستقدمها ستارلينك لا يمكن ان تكون متاحة للجميع، لأنّ سعرها في السوق أغلى»، مشبهاً إياها بجواز السفر الثاني الذي يسعى إليه اللبنانيون كتدبير إحتياطي.

ولكن بمقابل حديث القرم عن المدخول الإضافي للدولة الذي يمكن أن يوفره الترخيص للشركة، لا يبدو أنه ما زال واثقاً بأن هذا الأمر سيتحقق بعد القواعد التي رسمت في مجلس الوزراء، ويوضح «أن الدراسة المطلوبة ستستكمل أولاً مع الجهات الأمنية» كاشفاً عن توفير تجهيزات لها من قبل شركة ستارلينك، ستجرى عليها الإختبارات والدراسات المطلوبة بالوقت الحاضر.