IMLebanon

الخطيب: لو كان “الثنائي” يعمل شيعياً وطائفياً لكنّا ضدّه

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

قد لا يكون سهلاً إنعقاد قمة روحية في ظل الإعتداءت الاسرائيلية على غزة واندلاع جبهة الجنوب وتعمد اسرائيل توسيع رقعتها، وفي ظل الانقسام الداخلي الحاد حول الرئاسة والتمديد لقائد الجيش. ستُحمّل القمة أكثر مما تحتمل ويحمّل المنظمون والمشاركون أكبر من قدرتهم أو ما تفرضه عليهم طبيعة حضورهم أكان الروحي أم السياسي. في طبيعة الحال كان يفترض بالدين ألا يدخل في زواريب السياسة لكن تأزم الوضع الداخلي بات يحتاج إلى معجزة. في حديث شامل مع «نداء الوطن» يفصّل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب مبررات انعقاد القمة وأهدافها. يتجنب تكبير الآمال كما الدخول في عمق الحديث بالسياسة ويغلب الحس الوطني على السياسي محذراً السياسيين من مغبة استمرار الوضع على حاله. يأمل أن تنعقد القمة قبل الميلاد ويترك الكلمة النهائية لتشاور يستكمله في جولته التي بدأها من بكركي وستشمل دار الفتوى ومقر الطائفة الدرزية وبقية القادة الروحيين.
– هي المرة الأولى بعد طول غياب التي يدعو فيها المجلس الشيعي لقمة روحية؟

المتعارف عليه أن تعقد القمة مداورة بين دار الفتوى والمجلس الشيعي والبطريركية المارونية ومشيخة العقل. لكن بسبب ظروف متعددة، لم تعقد هذه القمة طيلة الفترة الماضية. ثم ارتأينا بالتشاور أنّ الظروف نضجت، والأوضاع الراهنة بحاجة إلى اجتماع قمة روحية ما من شأنه أن يخدم البلد.

كل القادة الروحيين كانوا في هذا الإتجاه خاصة في ضوء الحرب الإسرائيلية على غزة والجنوب، والحاجة إلى تثبيت وضعنا الداخلي اللبناني كي نتمكن من مواجهة ما ينتظرنا، وندفع المسؤولين للقيام بواجباتهم، ونؤمّن تكاملاً بين الجهود السياسية والروحية.

– ما هي الموضوعات التي ستكون موضع نقاش؟

الوضع الفلسطيني وما تتعرض له غزة من إبادة جماعية، والوضع الداخلي اللبناني والذي يحتاج إلى وجود مؤسسات دستورية من رئيس للجمهورية، إلى غيرها من الاستحقاقات ما يفرض ترتيب وضعنا الداخلي. لا نريد أن ينعكس الخلاف السياسي بين الأفرقاء السياسيين على المواطنين. يجب أن تكون هناك وحدة وطنية حقيقية بين المكونات، وان اختلفت في السياسة.

كما يجب التطرق إلى الوضع الاقتصادي، وموضوع النزوح السوري، اللذين تراجع الاهتمام بهما نتيجة ما يحدث من عدوان اسرائيلي على غزة وفي جنوب لبنان. لكني لست وحدي من يقرر. سنقوم بالتشاور مع سائر المرجعيات ونتفق معها على برنامج العمل.

– أي مهمة للقمة الروحية اذا بقي الانقسام السياسي العمودي في البلاد؟نحن نقوم بما يتوجب علينا ونعتقد انه يساهم حتماً في دفع الأمور نحو إخراج البلد من المأزق الذي يتخبط فيه. سنسعى ونقوم بواجبنا ونأمل أن يستجاب لما سيكون عليه الموقف خلال القمة.

– ولكن الإنقسام حول القضايا المطروحة شمل القيادات الروحية أيضاً.من دون الدخول في ما قيل وما يمكن أن يقال، نترك هذا الأمر للقمة ولا أظن أننا سنختلف.

تزكية من جهات سياسية؟

– ثمة من فسر الدعوة إلى الحوار، من قبلكم، على انها جاءت بتزكية من جهات سياسية لها مونتها على المجلس؟

قلت إنّ سماحة شيخ العقل بادر إلى الطرح، وكذلك سماحة المفتي وغبطة البطريرك، ونحن أيضاً كان رأينا يصب في هذا الاتجاه وبدأنا مباشرة التحضير للقمة. إعطاء دفع سياسي للخطوة غير صحيح. الدافع وطني ونحن بادرنا انطلاقاً من إحساسنا بالمسؤولية الوطنية والإنسانية تجاه شعبنا وتجاه اخواننا الفلسطينيين وقضيتهم المحقة، وحيث لا يمكن أن نفصل قضيتنا عن قضيتهم وهم متواجدون عندنا وقد رفض لبنان منذ البداية توطين الفلسطينيين. نأمل أن تنتهي حرب غزة بالنصر للفلسطينيين ويتمكنوا من العودة إلى أرضهم لأن لبقائهم مترتبات لا يمكن للبنان ان يتحملها.

– إلى أي مدى تعتقد أن صدى صوت القادة الروحيين سيؤثر بالسياسيين؟نحن نقوم بواجبنا ونفترض أنّ الشعب اللبناني يحث المسؤولين السياسيين على القيام بما يجب عليهم فعله. أما إلى أين سيؤدي ما نتفق عليه من نتائج؟ فعلى الأقل نحن نسعى الا ينعكس الانقسام السياسي على الشعب وأن لا تتخذ الأمور أبعاداً طائفية.

– هل حددتم موعداً لانعقاد القمة؟

آمل عقدها قبل عيد الميلاد.

– أين المجلس من السجالات السياسية بين القيادات الروحية؟

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لا يرد على أحد. هو يحترم كل المرجعيات ويتعاون معها في سبيل خلاص لبنان. ونحترم ما يصدر من آراء في حدود احترامها للآخرين، ويجب أن نحترم بعضنا جميعا كي لا ينعكس السجال السياسي على الوضع الديني. لكل رأيه بالموضوع السياسي وليس محرماً على أي جهة أن يكون لها رأي سياسي. والحديث في السياسة يحتم الرد بالسياسة.

-أين ترون الخلل في الوضع المأزوم حالياً؟الخلل في النظام الطائفي وفي صيغته. طالما نحن أمام نظام طائفي ومحاصصة فالخلاف سيبقى مستمراً. أما في ما يتعلق برئاسة الجمهورية، فالخلاف مسيحي. وهذا النظام الطائفي يتسبب بمشاكل بين الطوائف وداخلها… الناس تتفق، فيعيد السياسيون هدم ما بنوه وتكون النتيجة هجرة ابنائنا إلى الخارج ويستفيد منهم الغرب.

– هذا يعني أنكم كمرجعية دينية ضد الطائفية؟الطائفية شيء والدين شيء آخر، والدين شيء والمذاهب شيء آخر. ندعو إلى عدم تسييس المذاهب والطوائف.

المحاصصة

– هذا يعني أيضاً انكم لا تؤيدون المحاصصة الطائفية؟

نؤيد تطبيق اتفاق الطائف. بالنسبة للرئاسات والفئة الأولى لا نجد مشكلة. ولكن النظام الطائفي عندما ينسحب على كل شيء يضر بالطوائف ويضر بالناس. الدولة تحفظ الطوائف وتحفظ الناس.

– ثمة انطباع عند البعض أن الثنائي الشيعي حاكم بأمر الطائفة والبلد؟

لو كان الثنائي الشيعي حاكماً لانتخب رئيس جمهورية ورئيس حكومة وعين حكومة وقيادة جيش. هذا كلام غير صحيح. الثنائي الشيعي هو ثنائي وطني، ولو كان يعمل شيعياً وطائفياً لكنا ضده. بم يطالب؟ لديه رأي سياسي، وممثلون في الحكم، ومثلما لغيره الحق ان يطرح رأياً كذلك هو حقه.

– الثنائي متمسك بمرشح رئاسي وهذا يعدّ سبباً للتعطيل؟عدنا إلى سياق سياسي لا أود الدخول فيه. هما فريقان سياسيان وطنيان من حقهما أن يكون لهما موقف. دعا الرئيس نبيه بري إلى حوار محدود المدة، وقال اذا لم ينجح الحوار نذهب مباشرة إلى جلسات متتالية، وهذا طرح جيد لكنهم عارضوه. هل يعقل معارضة دعوة للحوار؟ هناك من يطرح رئيس جمهورية مع برنامج سياسي، فكيف ستتعرف على برنامجه ما لم يكن عبر الحوار؟ وكيف يمكن التفاهم بلا حوار، في ظل بلد مبني على الطائفية؟

ليطبق اتفاق الطائف، ولتشكل لجنة الغاء الطائفية السياسية، ويعين مجلس الشيوخ، ولتجر انتخابات على اساس قانون نسبي واصلاحات.

– في الانطباع السائد ان الطائف وتطبيقه يطرح كفزاعة بوجه كل من ينتقد الوضع الراهن؟

هناك فريق يطالب بتطبيق الطائف، ويعترض على وجود المقاومة التي تحدث عنها البيان الوزاري. أليس من حق الشعب اللبناني ان يمارس حقه في الدفاع عن نفسه وأرضه وبلده؟ ومن يدافع عن لبنان؟ ليحصل التوافق على الاستراتيجية الدفاعية ولكن كيف يمكن ذلك من دون حوار؟ بالمراشقة؟ لا يمكن ذلك.

– أين موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من المطالبة بأموال المودعين، بعيداً عن البيانات التي أصدرها؟

نحن مع إعادة أموال المودعين، ولا نرضى أن تؤكل. والثنائي اخذ الملف على عاتقه. كما أن هناك ازمة تستدعي البحث عن مخارج مقبولة لتسترد الناس حقوقها.

ورشة عمل

– هل انت راضٍ عن عمل المجلس بصيغته الحالية؟المجلس يحتاج إلى ورشة عمل وتنظيم جديد ويفترض ان يكون وضعه أفضل من وضعه الحالي، ويجب العمل على ذلك ليستطيع القيام بالمهام الموكلة اليه على الصعيد الوطني. لا احبذ العمل الطائفي ولست مسؤولاً عن طائفتي فقط ولا وجود لما يفرق ابناء طائفتي عن اللبنانيين جميعاً. نحن مع الانتخابات وتجديد القانون الداخلي للمجلس ونأمل ذلك والتأخير سببه وضع البلد.

– ماذا تقولون للسياسيين من موقعكم؟

السير بالنهج المعمول به سيؤدي إلى الضرر بالجميع وبالوطن واخشى على البلد خصوصاً في الظروف الراهنة، ويجب ان يتنبه السياسيون لاحتمالات ما يمكن ان تتطور اليه الاوضاع وخاصة في ظل وجود عدو متوحش لا يعترف بالانسانية. ما يحصل في غزة والضفة الغربية من مجازر يجب ان يدفعهم للتعجيل في التوافق وبناء المؤسسات الدستورية كي تقوم بعملها وعلى السياسيين ان يستعدوا لأسوأ الاحتمالات.

– هناك من يعتبر أن المقاومة في الجنوب تجازف بالبلد وتعرضه لحرب لا يقوى على مواجهتها؟

ليس صحيحاً. الاسرائيلي ما زال يحتل أرضنا والقرار 1701 لم تطبقه اسرائيل وليس لبنان من ينتهكه، والقوات الدولية تحصي خروقاتها اليومية ولكن قرارات مجلس الأمن تصدر لصالح اسرائيل التي تعترف انها بعد غزة ستقوم بالعدوان على لبنان. وضع المنطقة مترابط وما لم تحل القضية الفلسطينية فلن يترك لبنان وحيداً. النزوح السوري اليوم بات مشكلة، ونرى ان دول اوروبا تمنع عودة النازحين. هناك مشاريع مستقبلية لا نعرف مداها وقد يكون القصد حصول تغيير ديموغرافي لمصلحة الاسرائيلي. هناك مشروع كبير للعدو ونحن للاسف نلوم بعضنا. ويجب أن يكون موقفنا واحداً أمام الخطر الوجودي الذي تجسده اسرائيل.