IMLebanon

السلاح الفلسطيني بيد “الحزب”… والمعارضة: لن ننجرّ إلى معارك جانبية

كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:

ليس مستغرباً أن «ينتفض» اللبنانيون رافضين إعلان حركة «حماس» تأسيس «طلائع طوفان الأقصى»، ودعوتها الشباب الفلسطيني إلى «الانضمام إليها والمشاركة كتأكيد لدور الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكلّ الوسائل المتاحة والمشروعة»، إذ إنّ اللبنانيين سبق أن «ذاقوا» مرّ كأس الدماء جرّاء السلاح الفلسطيني و»فتح لاند».

ردّة الفعل اللبنانية دفعت «حماس» إلى توضيح بيانها، فسارع أكثر من مسؤول في الحركة إلى التأكيد أنّ أهداف «طلائع طوفان الأقصى» ليست عسكرية… بل لخدمة المجتمع وأعمال الخير الوطني».

البعض يطالب الجيش اللبناني بمنع وصول المسلّحين إلى الحدود وإطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل، غير أنّ إمكانيات الجيش محدودة في هذا الإطار، إذ إنّ هذا موضوع سيادي يعود القرار فيه إلى المسؤولين والسياسيين. فالجيش لا يُمكنه أن يمنع عناصر «حزب الله» من استهداف إسرائيل، فهذا قرار سياسي، وليس بيد المؤسسة العسكرية، وأي خطوة من هذا النوع، تعني حرباً أهلية وانشقاق الجيش. أمّا بالنسبة إلى الفلسطينيين المسلّحين، فيحاول الجيش منعهم من إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل، عبر انتشاره على الحدود والحواجز في محيط المخيّمات وعمله الاستباقي والاستخباراتي، إنّما مع كلّ الجهود التي يبذلها، يتمكّن بعض المسلّحين من إطلاق الصواريخ بطرق مختلفة، إن عبر أنفاق أو بسبب الطبيعة الجغرافية للمناطق الحرجية التي تُطلق منها هذه الصواريخ، ولأنّ هؤلاء المسلّحين يتمكّنون من نصب الصواريخ المربوطة بـ»timer» ويفرّون قبل انطلاقها.

فضلاً عن ذلك، إنّ «حزب الله» المسيطر عسكرياً على الحدود الجنوبية وعلى هذه المناطق، هو الوحيد الذي يمكنه منع الفلسطينيين من إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل. ربطاً بذلك، تعتبر مصادر سياسية وأخرى متخصّصة عسكرياً واستراتيجياً، أنّ تاريخ «المقاومة» ضدّ إسرائيل في لبنان إضافةً إلى الوضع السياسي في لبنان والمنطقة، يثبتان أن لا إمكانية الآن لنشوء «فتح لاند جديدة» أو «حماس لاند».

بعد أن أدّى «اتفاق القاهرة» وتشريع العمل الفلسطيني المسلّح في لبنان إلى ما أدّاه من حروب داخلية، نصّ «اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب الأهلية على نزع السلاح الفلسطيني. إلّا أنّ هذا السلاح لم يُنزع حتى الآن. وأُبقي على السلاح الفلسطيني بين عامي 1990 و2005، مرحلة الاحتلال السوري للبنان، لأنّ النظام السوري كان في حاجة إلى هذا السلاح لاعتبارات أمنية ووظائف أخرى كانت تتظهّر في تصاريح حلفاء النظام، أبرزها عامل تخويف للمسيحيين، وأنّه لا يمكن المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان وهناك سلاح فلسطيني قد يُستخدم مجدداً.

وفي حين أنّ الحالة الفلسطينية «الثورية» أو «المقاومتية» خرجت من لبنان مع خروج «أبو عمار»، أصبحت الساحة «المقاومتية» في لبنان تحت سيطرة النظام السوري والتي أمسك بها «حزب الله» بطلبٍ إيراني، ولم يعد هناك من تنظيمات «مقاومتية» مسلّحة ضدّ إسرائيل، لا من الشيوعيين ولا من غيرهم. إنطلاقاً من ذلك، تعتبر مصادر سياسية عدة، أنّ «حزب الله» الذي يحتكر قرار الحرب والسلم، والذي قاتل في الثمانينات من القرن الماضي وقتل كلّ من يقاتل إسرائيل لأنه خارج عن إمرته، لن يسمح الآن، لأي فصيل بأن يتحرّك من دون إمرته. وبالتالي فإنّ «حزب الله» وراء إعلان «حماس» الأخير، وهذا الإعلان يندرج في سياق أهداف لم تتكشّف بعد، وقد تكون مرتبطة بوضع اليد على المخيّمات الفلسطينية أو استقطاب البيئة السنية التي لا يستطيع «حزب الله» أن يستقطبها، أو قد تكون مرتبطة بمسائل أمنية أو بوضعية سياسية لتسليط الضوء على مشكلة «حماس» والسلاح الفلسطيني وليس سلاح «حزب الله».

تكتفي مصادر قريبة من «حزب الله» بالإشارة إلى أنّ «حماس» أوضحت الهدف من إعلانها وهو ليس عسكرياً. في المقابل، تشير جهات سياسية معارضة إلى اقتناعها، بأنّه لا يمكن أن يصدر أي بيان من هذا القبيل من دون «إمضاء» «حزب الله»، إذ لا يُمكن أن يتحرّك أي نفر جنوب الليطاني من دون إمرة «الحزب»، ولا أن يُطلَق صاروخ إلّا بمعرفته المسبقة، فـ»حزب الله» هو الراعي لكلّ هذه الحركات. لذلك، تعتبر هذه المصادر أن لا طائل من فتح معركة مع «حماس»، رغم رفض أي سلاح خارج الدولة أو استخدام أي سلاح غير شرعي لأي أهداف، لكن المواجهة الأساسية تبقى مع «حزب الله»، و»لن ننجرّ، فالخطأ الأكبر الذي قد يُرتكب هو الذهاب إلى مواجهات جانبية يخترعها «حزب الله».