IMLebanon

هل هناك صفقة لتمويل الجيش ونشره جنوباً؟

جاء في “أساس ميديا”:

قد يكون متعذّراً العثور على مصدر رسمي يؤكّد معلومات متداولة عن مقايضة بين تطبيق القرار 1701 وانسحاب إسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر وبقيّة النقاط الـ13 المختلف عليها بين لبنان وإسرائيل.

لكنّ كواليس دبلوماسية غربية تؤكّد لـ”أساس” وجود مساعٍ تُبذل في سبيل تحقيق تطبيق كامل للقرار 1701. وتحت هذا العنوان يجري تداول مقترحات الهدف منها حماية حدود إسرائيل وتأمين عودة المستوطنين اليهود إلى الحدود الشمالية.

حتى الساعة ليس واضحاً ما الذي يحاك في الكواليس؟ وهل اكتملت عناصر الترسيم البرّي؟ وما حجم الدور الفرنسي؟ وما الحقيقة حول وجود دور سعودي في تأهيل الجيش لاحقاً لدعم وجوده على الحدود؟

تقول معلومات دبلوماسية لـ”أساس” إنّ الموفد الأميركي آموس هوكستين قام خلال زيارته الأولى للبنان بجسّ نبض عامّ، واستطلع الأجواء اللبنانية حول إمكانية البدء بمفاوضات لمنع وقوع حرب جنوب لبنان. ومن جملة الأفكار المطروحة تطبيق القرار 1701 وعودة المناطق المحاذية للحدود مع إسرائيل إلى الهدوء الذي كان سائداً. وإذا كان صحيحاً أنّ هناك مفاوضات أفضت إليها الحرب ستصل إلى انسحاب الحزب إلى شمالي الليطاني وانسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلّها، فهذا يعني وجود صفقة رابحة لأميركا عشية الانتخابات الرئاسية، وللحزب الذي يكون قد حرّر الأراضي اللبنانية من دون حرب موسّعة، ويكون الفرنسي قد فاز أيضاً بدور الوسيط الناجح بعد سلسلة هزائم سياسية من لبنان إلى إفريقيا.

ممّا هو قيد البحث أيضاً دور الجيش اللبناني في مرحلة كهذه.

للتذكير فإنّ في الجنوب ينتشر قرابة 4,000 جندي لبناني، بينما سترتفع الحاجة، في حال أُسندت إلى الجيش مهمّة حفظ الحدود، إلى ما بين 8,000 و10,000 جندي، وهو ما يرتّب فتح باب التطوّع والبحث عمّن يموّل هذا العدد الكبير من الجنود وتعزيز وجوده عسكرياً، لأنّ عملاً كهذا يرتّب أكلافاً تتجاوز قدرة لبنان على تغطيتها.

تتحدّث المصادر الآنفة الذكر عن “شيء ما تتمّ حياكته بين فرنسا وأميركا والسعودية، بدليل زيارة رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه السعودية بعد لبنان وإسرائيل. فهل هناك صفقة لتمويل الجيش ونشره جنوباً إلى جانب قوات اليونيفيل بعد انسحاب إسرائيل من الغجر وشبعا وتلال كفرشوبا؟

ما تؤكّده مصادر سياسية لبنانية لـ”أساس” هو أنّ الموفد الأميركي هوكستين يسعى إلى ترسيم برّي، وأنّه “قام بزيارتين تصبّان في إطار بحث الحدود البرّية. وهذا معناه ترسيم نهائي مع إسرائيل والانتقال من تطبيق القرار 1701 إلى تثبيت الهدنة بشكل نهائي. إذ لم يعد هناك خلاف مباشر. ويصبح القانون الدولي والأمم المتحدة شهوداً على الوضع النهائي للترسيم ويتحوّل الخطّ الأزرق إلى خط حدود”.

في النتيجة، تنسحب إسرائيل من شبعا بعد جواب سوري رسمي يثبت لبنانيّتها، وبعد ذلك يكون الأمر موضع بحث في الترسيم بين سوريا ولبنان. كما تنسحب من الغجر أو تقدّم عرضاً لمقايضتها بأراض أخرى.

على خلفية حرب غزة ووقع العمليات جنوباً وضغط سكان الشمال من ناحية الإسرائيلي، يعود الترسيم البرّي مرّة جديدة إلى الواجهة بعد الترسيم البحري الذي حصل على خلفية تفاهم غير معلن أميركي-إيراني أدّى إلى نتيجة عملية فعليّة على الأرض. ويبدو أنّ الظروف التي سمحت بترسيم الحدود البحرية الذي لم يهتزّ بعد حرب غزة يمكن لها أن تسهم اليوم في إنجاز الترسيم البرّي.

تكشف المصادر أنّ برنار إيمييه جاء بمهمة تطبيق القرار 1701 والتمديد لقائد الجيش جوزف عون الذي تطلبه فرنسا بصريح العبارة من لبنان.

لكنّ مصادر قريبة من الموفد الأميركي هوكستين تجزم أن لا زيارة قريبة له لبيروت، ولم يتبلّغ لبنان الرسمي خبراً كهذا. واستغربت مصادر وزارة الخارجية اللبنانية لـ”أساس” ضخّ هذا الكمّ من المعلومات التي لم تكن قيد البحث مع المسؤولين الفرنسيين ولا الأميركيين. وتوضح أنّ الموضوع المطروح هو تطبيق القرار 1701 وانسحاب قوة الرضوان التابعة للحزب إلى شمال الليطاني وإمكانية انتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية، وأنّ جواب لبنان كان ربط الاتفاق بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلّة في الجنوب لصالح قوات طوارئ دولية، والأهمّ وقف خروقاتها في البرّ والجوّ.

أمّا حجم الدور الفرنسي فتتحدّث عنه مصادر دبلوماسية لبنانية بقولها إنّ فرنسا تبحث عن دور لها في العملية قيد البحث وتفعّل مخابراتها بين لبنان وإسرائيل في عملية مزاحمة للدور الأميركي، جازمة أنّ فرنسا غير موكلة بما تقوم به من اللجنة الخماسية أو أميركياً، بل تلعب دور المهوّل لحجز مكان لها في أيّ تسوية يتمّ العمل عليها. فهي سبق أن مارست سياسة التهويل في أعقاب تأييدها لترشيح سليمان فرنجية ثمّ طلبت إجابات خطّية على أسئلة وجّهتها إلى النواب، لكن باءت محاولتها أيضاً بالفشل، والتهويل ذاته مارسته إزاء مطلب بقاء جوزف عون قائداً للجيش.

يتحفّظ الحزب على الحديث عن مصير القرار الدولي ومندرجاته، كما يتحفّظ على كشف ما يتلقّاه من عروض دولية حياله، مكتفياً بتأكيد بحث هذا القرار معه. وفي كلّ مرّة يفاتح رئيس الحكومة المعاون السياسي في الحزب الحاج حسين الخليل بالمطلب الدولي بوقف الحزب خروقاته وتطبيق لبنان الشقّ المتعلّق به من القرار 1701 وانسحاب قوة الرضوان، يكون جوابه المكرّر: “أخذنا علماً وسأراجع وأعود بالجواب”. ويبقى الحديث معلّقاً بلا إجابة مباشرة ما خلا تأكيداً واحداً دونه محاذير، وهو أن “لا فرق داخل الحزب، وهو واحد لا يتجزّأ”. لكنّ الأكيد أنّ الحزب “لن يدخل في أيّ تسوية بينما الحرب مستمرّة على قطاع غزة”، وأنّه “كلام سابق لأوانه”.