IMLebanon

البند 17: نهاية “فيلم التمديد”؟

كتبت ملاك عقيل في “اساس ميديا”:

بالتزامن مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى جلسة تشريعية يوم الخميس كخطوة يُفترض أن تُمهّد لحسم التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون تقدّم سيناريو مضاد روّجت من خلاله مصادر سياسية لاحتمال عودة كرة التمديد أو تأجيل التسريح مجدداً إلى الحكومة!
فعلياً، أسهم اجتماع هيئة مكتب المجلس وجدول أعمال الجلسة التشريعية الفضفاض ومداولات الكواليس في تكريس أجواء الغموض حول “جلسة التمديد” إلى حدّ إشارة مصادر متابعة إلى “احتمال عدم بتّ التمديد في الهيئة العامّة وطلب الحكومة سحبه مجدداً ضمن محاولة جديدة لإصدار قرار بتأجيل تسريح قائد الجيش ما سيؤدي إلى الطعن المؤكّد أمام مجلس الشورى وربما الذهاب نحو تعيين رئيس أركان أو تعيين قائد جيش جديد”!

تخبيص أو حرتقة أو سيناريو منسّق من أجل رمي قنبلة التمديد مجدداً في حضن الحكومة بعدما سبق للحزب إن “تصدّى” على طريقته لمحاولة إقرار تأجيل التسريح على طاولة مجلس الوزراء؟ المفارقة أنّ فريق باسيل لا يتردّد في الترويج لمقولة: “بدأ ضَب الشنط في اليرزة”!

في مقابل هذا المشهد، اهتمّت مرجعيات سياسية وعسكرية بمعرفة “التوزيعة” السياسية داخل المجلس الدستوري على مسافة أيام قليلة من التئام مجلس النواب يوم الخميس لإقرار سلّة من اقتراحات القوانين على رأسها التمديد لقائد الجيش حيث يتوقّع أن يقدّم نواب في التيار الوطني الحر مراجعة طعن أمام المجلس الدستوري بقانون التمديد، خصوصاً إذا أتى مفصّلاً على قياس “القائد” فقط.

يقول مصدر في التيار الوطني الحر لـ “أساس”: “من البداية قلنا نحن لا نقبل التمديد، وإذا هناك من أكثرية تؤيّده فليمدّدوا له وحدهم. لذلك نحن نحتفظ بحقّنا في الطعن، لكن سننتظر الصيغة التي سيقرّها البرلمان، وإذا فعلاً “مِرِق التمديد بالمجلس”، ونقرّر على أساسها”.

أخصام باسيل شبه مطمئنّين إلى أنّ الطعن إذا قُدّم لن يقود إلى نتيجة “سياسية” كتلك التي يتوخّاها رئيس التيار الوطني الحر، وذلك بالاتّكاء إلى “تجربة” البلديّات حين ردّ المجلس الدستوري في 30 أيار 2023 المُراجعات من قبل نواب المعارضة المُتعلّقة بالطّعن بقانون التمديد للمَجالس البلديّة والاختياريّة عملاً بمَبدأ استمراريّة المِرفق العام، بعدما وازَن المجلس الدستوري بين الضّرر الناجم عن المخالفة الدستوريّة بعدم التقيّد بدوريّة الانتخابات والضَرر الناجم عن الإبطال الذي يَمسّ مبدأ استمراريّة المِرفق العام، مصوّتاً بإجماع أعضائه على ضرورة الالتزام بهذا المبدأ.

يضيف هؤلاء: “إذا صدر القانون بصيغة شمولية سيَصعب الطعن به، كما أنّنا أمام حالة مُشابِهة لجهة صعوبة الركون إلى خيار قانوني متين يكون بديلاً عن التمديد في ظلّ عدم وجود رئيس أركان ينوب عن القائد عند غيابه عملاً بالمادة 21 من قانون الدفاع، ولأنّه لا نصّ قانونياً واضحاً يتحدّث عن الإمرة وتسلّم الأعلى رتبة في حال عدم وجود قائد جيش ورئيس أركان”.

أكثر من ذلك تقول مصادر معنية لـ “أساس”: “في المجلس الدستوري خمسة من أعضائه معيّنون بغطاء من باسيل، وأحد هؤلاء الأعضاء دَخَل باسيل من أجل تعيينه ضمن بازار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أفضى إلى إصدار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون مرسوم تعيين بسام بدران رئيساً للجامعة اللبنانية عام 2021، ورئيس المجلس القاضي طنّوس مشلب معيّن بطلب خاص من الرئيس عون. هذا المجلس نفسه حَسَم أيضاً دستوريّة جلسات حكومة تصريف الأعمال وممارستها وكالةً لصلاحيّات رئيس الجمهورية، ونفى وجود ما يُسمّى بالصّلاحيات اللصّيقة بشخص رئيس الجمهورية، إضافة إلى حسمه دستورية الآليّة المعتمدة لعقد جلسات مجلس الوزراء واتّخاذ القرارات بغياب رئيس الجمهورية”.

يَدفع هذا الواقع مَعنيّين إلى التسليم بأنّه في حال قُدّم الطعن فإنّ “السياسة” قد تكون غائبة عن المذاكرة التي سيجريها أعضاء المجلس بدءاً من تقريرالمقرّر.

مع العلم أنّ التمديد للبلديات ينسف أصلاً المعادلة التي وضعها باسيل القائمة، كما يقول، على “قناعة التيار برفض كلّ أشكال التمديد”. ففريقه السياسي نفسه جدّد ستّ سنوات لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما غطّى التشريع في ظلّ غياب رئيس الجمهورية من خلال المشاركة في جلسة التمديد للبلديات.

حتى اليوم لم تفضِ مداولات الكواليس إلى صيغة موحّدة لرفع سنّ التقاعد لقائد الجيش لعام واحد في ظلّ تعدّد الاقتراحات. لكنّ المؤكّد أنّ النقاشات تتبلور حول التوصّل إلى صيغة آمنة تصعّب عملية الطعن بالقانون. والأهمّ، وفق مصدر نيابي مؤيّد للتمديد، حَصد أكثرية عالية للتصويت للتمديد تتجاوز نسبة الـ 33 صوتاً المطلوبة من أكثرية نصاب الحضور، أي 65 نائباً.

بعد التئام هيئة مكتب المجلس أمس تمّ الاتفاق على إدراج بند التمديد كأوّل اقتراح ضمن “باقة” اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة محتلّاً الرقم 17 على جدول الأعمال الذي سيوزّع على النواب ويُستهلّ باقتراحات القوانين المنجزة في اللجان النيابية وعددها 16، فيما دعا الرئيس نبيه بري إلى جلسة تشريعية ليوم واحد الخميس المقبل، وهو ما يعني أنّ بعض القوانين قد “تُسلق سلق” أو تحال مجدّداً إلى اللجان في حال عدم الاتفاق عليها.

مهما كان الترتيب، يقول معنيون أن لا صحّة للسيناريوهات المتداولة عن سقوط التمديد في مجلس النواب لتنتقل الكرة مجدّداً إلى الحكومة قائلين: “التمديد بحكم المُنجَز والشغل مستمرّ على الإخراج ومروحة المشمولين به، إلا إذا كان هناك مخطّط في الكواليس لإضاعة الوقت في الجلسة المقبلة والدخول في نقاشات عقيمة في ظلّ تضارب الآراء النيابية في شأن العديد من القوانين بهدف تطيير التمديد”.
كان لافتاً في هذا السياق إشارة النائب الياس بو صعب إلى “التعويل المستمرّ على إمكانية إيجاد حلّ في الحكومة للقيادة العسكرية”. وهو موقف يغرّد بالكامل خارج سرب موقف باسيل، إلا إذا كان المقصود تعيين قائد جيش جديد، وهو احتمال ضعيف جداً.

وقف قائد الجيش عن العمل!

لكنّ المسألة الأهمّ تكمن في تأكيد أوساط قانونية بأنّه في حال انتهت ولاية قائد الجيش ولم يصدر قرار عن المجلس الدستوري بنتيجة الطعن يتعيّن على قائد الجيش التوقّف عن ممارسة مهامّه إلى حين بتّ الطعن.
لذلك ستكون ضاغطة جداً المهلة الفاصلة بين إقرار قانون التمديد لقائد الجيش من خلال تعديل نصّ المادة 56 من قانون الدفاع (سنّ التقاعد الحكمي) والطعن به من نواب “التيار” ثمّ بتّ المجلس الدستوري بالطعن، إلا إذا ارتأى المجلس الدستوري نفسه أن يبقى قائد الجيش في موقعه بعد موعد إحالته إلى التقاعد إلى حين بتّ الطعن. مع العلم أنّ قرار “الدستوري” بتّ الطعن بالتمديد للبلديات استغرق شهراً كاملاً.

من عقدة إلى عقدة يتنقّل ملفّ التمديد لقائد الجيش، ويمكن تخيّل سيناريو “سوريالي” محتمل لناحية إقرار قانون التمديد لقائد الجيش والطعن به وعدم صدور القرار بالمراجعة قبل انتهاء ولايته…. أو قبول الطعن، وهو ما يعني عدم وجود ضابط على رأس القيادة العسكرية بعد 10 كانون الثاني، وهو ما قد يَفرض صدور قرار من وزير الدفاع بتكليف ضابطٍ بمهامّ القيادة العسكرية.

وفق المعلومات، واستناداً إلى تسريبات بدت أقرب إلى سياسة حرق الأعصاب، لن يُقدِم وزير الدفاع موريس سليم كما روّج البعض على تكليف ضابط بتسلّم مهامّ القيادة في حال تمّ التمديد لقائد الجيش حتى لو أُقرّ التمديد لقائد الجيش فقط، وهو ما سيعرّض القانون في هذه الحال للطعن حتماً. حيث ينقل البعض عن وزير الدفاع قوله: “لا أسمح لنفسي بتعريض الجيش لأيّ خضّة تؤثّر على وحدته، ولا أسير إلا وفق ما تفرضه عليّ صلاحيّاتي كوزير دفاع”.