IMLebanon

“الحزب” يُشكّك بنيّة إسرائيل: لا نقاش قبل وقف الحرب!

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

من يتابع الوضع العسكري على الحدود الجنوبية يلاحظ تطور المواجهات بين إسرائيل و»حزب الله» وارتفاع وتيرة العمليات التي يشنّها «حزب الله» رداً على توسيع إسرائيل حدود اعتداءاتها على قرى وبلدات جنوبية خارج نطاق قواعد الإشتباك. صار الحديث عن قواعد الاشتباك من الماضي، وقد طوت التطورات الميدانية صفحته وبتنا أمام قواعد جديدة تتحكم بالوضع على الحدود.

أكثر من موفد دولي تعاقب على نقل أفكار حول الوضع في الجنوب، وقالها بصريح العبارة إنّ المطلوب نزع الذرائع التي تفرض وجود «حزب الله» على الحدود، لكن «الحزب» يرفض بالمطلق البحث في أي صيغة قبل حسم الوضع العسكري ميدانياً في غزة، أي قبل أن تنتهي حرب إسرائيل لن يقبل «حزب الله» مناقشة ترتيبات الوضع في جنوب لبنان على قاعدة أنّ اسرائيل لن تأخذ في المفاوضات ما عجزت عن أخذه بالحرب.

أفكار كثيرة تلقاها «الحزب»، منها ما قد يكون قابلاً للدرس، وبعضها الآخر ليس إلا محاولة إسرائيلية لتحقيق إنجاز يغطي على إخفاقها في غزة. منذ بدأت حرب إسرائيل على غزة كرّس «حزب الله» واقعاً جديداً بالمفهوم العسكري وهو ربط واقع الجنوب بغزة، ورفض التراجع عن ذلك رغم كل الضغوط التي تواجه لبنان للنأي بنفسه عن هذه الحرب. يعتبر «حزب الله» أنّ الكلمة للميدان وليس للمفاوضات والأجدى الاستمرار في دعم المقاومة الفلسطينية، لأنّ نجاح إسرائيل في حربها على غزة يعني انتقال هذه الحرب إلى لبنان حكماً.

باتت الحدود بين البلدين قيد المتابعة والرصد الدوليين، الفرق شاسع بين الجهة الشمالية من الحدود وتلك الجنوبية. عزز «حزب الله» وجوده على الأراضي الجنوبية ومعظم الأهالي عادوا إلى قراهم في الآونة الاخيرة، إلا تلك المتاخمة جداً للحدود، بينما أخلى سكان المستوطنات منازلهم إلى غير عودة. لا تجد صحيفة أو محللاً سياسياً في إسرائيل إلا وينقل الواقع «المرير» على الحدود الشمالية التي صارت في مرمى «الحزب»، ويقول هؤلاء إنّ سكان الشمال إن عادوا فسينامون على مرأى ومسمع مقاتلي «حزب الله». القلق الذي تعيشه تلك المنطقة مصدر قلق لإسرائيل جعلها تستنفر الديبلوماسيتين الأميركية والفرنسية وترسل عبرهما عروضاً سخية على لبنان، كان آخرها ما يعمل عليه خلف الكواليس الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ويقضي بالإنسحاب من المناطق التي تحتلها اسرائيل في تلال شبعا وكفرشوبا والغجر مقابل تراجع «حزب الله» عن الحدود.

قال الموفد الأميركي: مثلما أنجز الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل، يمكن اتمام الترسيم البري، بحيث تنسحب إسرائيل وينسحب «حزب الله» في المقابل إلى ما بعد الحدود، وحسب طرح هوكشتاين، حينها لن يكون هناك مبرر لإحتفاظ «حزب الله» بسلاحه لانتفاء الأسباب لوجوده، وبذلك أيضاً يصار إلى نزع فتيل التوتر بين لبنان واسرائيل، وطالما أنّ لا امكانية للتوصل إلى اتفاق سلام بينهما فليكن الحل بتحييد المنطقة على الحدود عن النزاعات.

بحديثه لم يتطرق الوسيط الأميركي إلى حجم تجاوب إسرائيل مع طرح كهذا، وعما اذا كانت مستعدة بالفعل للانسحاب من نقطة خلاف أساسية مع لبنان وهي B1. حسبما قال إنّه يحمل مجرد أفكار لإستمزاج الآراء في شأنها ولم يعد بجواب شافٍ من إسرائيل بعد، لكن بالنسبة إلى «حزب الله» المشكك بنوايا اسرائيل بالانسحاب فهو لن يعطّل تحريراً للأراضي اللبنانية إن حصل، ولكن بطبيعة الحال فإنّ بتّ الموضوع ينتظر جواب اسرائيل ومسار الحرب على غزة، والرد النهائي أنه لن يبحث في أي شأن إلا بعد التوصل إلى وقف اطلاق نار لتفتح بعدها كل الملفات.

يصب «حزب الله» جهده على الساحة الجنوبية وقد لوحظ أخيراً الردّ على استهداف إسرائيل للمدنيين في القرى الحدودية باستهداف عمق المستوطنات، وتتحدث مصادر مواكبة لما يجري في ساحة الجنوب ربطاً بغزة عن تطورين عسكريين مهمين: أولهما، أنّ ساحة الجنوب ستكون مفتوحة على مواجهات جديدة واستخدام أسلحة جديدة، وثانيهما، تطور جبهة اليمن حيث يصار إلى إحكام الحصار على ميناء ايلات ويكون على مرمى الصواريخ اليمنية.

وبنتيجة الأمر فإنّ البحث في أي حل جنوباً دونه تحقيق غايتين: انسحاب اسرائيل من الأراضي التي تحتلها وهو أمر لم يحسمه الحليف الأميركي، وعدم استعداد «حزب الله» للبحث في أيّ اقتراح قبل وقف العمليات العسكرية في غزة، ما يعني أنّ الحرب ستدخل فصولاً أخرى سواء في لبنان أو في غزة وستفرض نفسها على أيّ مفاوضات.