IMLebanon

فوضى النزوح السوري تُطيح بلدية كفرحلدا

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

خرجت قضية انفلاش النازحين في مثلث بساتين العصي، كفرحلدا وبيت شلالا من إطارها الضيق. وطرحت مسألة النزوح السوري في كل منطقة بترونية. وبين الكلام والعظات والحديث عن قرب إطلاق تحركات، تأخذ الأمور طابعاً تصاعدياً بعد إطاحة بلدية كفرحلدا بسبب تقصيرها في ملف ضبط الفلتان السوري.

يؤكّد العاملون على خط الأزمة أنّ هذا الملف فُتح ولن يُقفل، وكدليل على إعطاء هذا الملف الأهمية القصوى، تحرّك راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله يوم عيد الميلاد وترأس القداس في بلدة بساتين العصي، مطلقاً عظة تناولت الوضع المسيحي العام وأوضاع هذا المثلث والبلدات المجاورة.

وتوجّه المطران خيرالله إلى بساتين العصي في رسالة واضحة هدفها طمأنة الأهالي والتأكيد على التمسك بالأرض وعدم بيعها أو تأجيرها. ولم تقتصر رسالته على بساتين العصي، بل شملت كفرحلدا وبيت شلالا وديربلا وكل بلدات الجوار.

ودخلت بكركي عبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والمطران بولس صياح على خطّ الأزمة. فالتقى البطريرك منذ عشرة أيام تقريباً مدير المخابرات في الجيش اللبناني طوني قهوجي، وصار الموضوع في عهدة الجيش. ومثلما تحركت الكنيسة المارونية، ينتظر تحرّك مماثل للكنيسة الأرثوذكسية ودير مار يوحنا الأرثوذكسي، خصوصاً أنّ شريحة من أبناء هذا المثلث هم من الروم الأرثوذكس، لذلك تقع على عاتق القيّمين على الدير مسؤولية توعية الرعية على خطورة ما يحصل والتحرّك على الأرض بعدما بات عدد السوريين في المنطقة يفوق اللبنانيين بعشرة أضعاف.

وترصد الجهات الأمنية مثلث بساتين العصي وكفرحلدا وبيت شلالا، لأنّ القضية تتعلق بأمن المناطق المجاورة. وتثير حالة التواصل الجغرافي بين هذه المنطقة وطرابلس والحدود السورية علامات استفهام: هل هي حالة تجارة غير شرعية، أم تتخطاها إلى الأمن؟ وفي السياق، يُكثّف الجيش وأمن الدولة مداهماتهما، وقد ألقي القبض على عدد من الأشخاص.

وإذا كان الموضوع الأمني يُعالج بطريقة سرية، إلا أنّ المنطقة تنتظر الوعد الذي قطعه وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد إجتماع مجلس الأمن المركزي عشية الأعياد، بضبط حالة الفلتان في المنطقة.

وأمام مولوي إجراء معالجة إدارية وأخرى على الأرض. إدارياً يتوجّب عليه تطبيق القانون والتعاميم، وبدل مطالبة وزارة الداخلية وبلدية كفرحلدا والبلديات المجاورة، الأهالي بتطبيق القانون، راح هؤلاء يطالبون وزارة الداخلية والبلديات بتطبيق القانون. وأمام إستباحة سهل كفرحلدا وبيت شلالا والبساتين، تتبيّن عملية الخرق للنظام اللبناني وقدرة النازح على التحرّك، وكشف بعض التحقيقات أنّ معظم من يمارس التجارة في السهل وينقل البضائع حصل على تراخيص من محافظة البقاع نظراً لسهولة الحصول عليها في محافظة لا يُطبّق فيها القانون بحذافيره، بينما الحصول عليها في محافظة الشمال أصعب، وهنا يوجّه سؤال إلى وزير الداخلية عن تسهيل محافظة البقاع حصول السوريين على التراخيص وتصعيبها على اللبنانيين؟ وهل هناك أهداف أبعد من التجارة؟

الدمج مستمر؟

وتكثر المخاوف من سماح رئيس بلدية كفرحلدا الدكتور أديب موسى بسياسة الدمج مع منظمات دولية منع وزير الداخلية التعامل معها، لكنها لا تزال تعمل في كفرحلدا. وعدا عن تسهيلات موسى للسوريين تبرز قضية تجنيد موسى مدرسة كفرحلدا الرسمية والمستوصف لخدمة الدمج. وفي التفاصيل، كانت مدرسة كفرحلدا المدرسة الرسمية الوحيدة التي تعلم الانكليزية في المنطقة، وخرّجت تلاميذ أصبحوا أطباء ومهندسين ومحامين، وبعد دخول النازحين إمتلأت بالسوريين ولم يعد من مكان للطالب اللبناني. ويحرص موسى سنوياً على جمع التبرعات لها من الإغتراب لتستمر في تعليم السوريين، بينما يضطر اللبناني إلى إرسال أولاده إلى مدارس الكورة.

أما مستوصف كفرحلدا، فافتتح بدعم «التيار الوطني الحر» منذ سنوات، وحضر رئيسه جبران باسيل الافتتاح، كي يؤمّن الخدمات الطبية لأهالي كفرحلدا والجرد، لكن موسى الذي يعمل طبيباً حوّل المستوصف مركزاً لاستفادة السوريين، وصار اللبناني خارج دائرة الاستفادة، مع العلم أنّ «التيار» قام منذ فترة بجمع تبرعات للمستوصف لكي لا يقفل، ظناً منه أنّ أبناء المنطقة يستفيدون منه.

إستقالة البلدية

وأمام الضغط الإعلامي والشعبي وتأخر رئيس البلدية في معالجة حالة الانفلاش السوري على رغم القرار الذي اتخذه أمس في شأن عقود الإيجار، باتت بلدية كفرحلدا بحكم المستقيلة بعد تقدّم كل من العضوين نجيب الإهمجاني ووسام مزرعاني باستقالتيهما أمام قائمقام البترون روجيه طوبيا. وسبق استقالتي الإهمجاني ومزرعاني إستقالة عضو ثالث ووفاة عضوين، وبالتالي صارت البلدية في حكم المستقيلة. وسيحيل طوبيا الإستقالة إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، فإذا لم يوافق عليها خلال شهر يمكن للمستقيلين إرسال كتاب تأكيد وعندها تصبح نافذة.

ولحظة تأكيد الاستقالة، تنتقل صلاحيات البلدية كاملةً إلى قائمقام البترون ويستطيع إتخاذ القرارات التي لم يتجرأ موسى على اتخاذها، والتي تساهم في ضبط حالة الفلتان واستباحة البلدات والسهل. علماً أنّ مولوي والدولة يستطيعان القيام بالخطوات المطلوبة حتى لو استقالت البلدية.

لا يكشف ملف بساتين العصي وكفرحلدا وبيت شلالا عمق الأزمة واجتياح النازحين مناطق لبنانية فحسب، بل يسلّط الضوء على الفساد في بعض البلديات والمحافظات والإدارات والتخاذل في تطبيق القوانين.