IMLebanon

لودريان والمهمة المستحيلة… من بعبدا إلى الجنوب

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

يُفتتح العام الجديد على سلسلة استحقاقات في لبنان. ويبقى انتخاب رئيس جديد للجمهورية الاستحقاق الأول على جدول أعمال الدول الفاعلة. ولم يُحدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أي جلسة انتخاب جديدة، ما يدلّ على عدم التوافق على اسم رئاسي. وقفز الهمّ الأمني إلى الواجهة بعد اغتيال إسرائيل القائد في حركة «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية.

يعمل برّي من منطلق فهم تركيبة لبنان، وإذا كان من أكثر المتحمّسين لانتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، إلّا أنه لن يُقدم على انتخابه حتى لو حصل على 65 نائباً من دون موافقة مسيحية، والأهمّ بلا موافقة سعودية وأميركية ودولية.

ويحتلّ الوضع في جنوب لبنان والضاحية وغزة صدارة الاهتمامات. وتتوسّع رقعة الاشتباكات، لكنّ الأوضاع لا تزال تحت السيطرة، وهذا لا يعني عدم الخشية من حرب ستكون مدمّرة، خصوصاً بعد غارة الثلثاء واغتيال العاروري.

ويراهن الداخل على ضغط دولي متجدّد للدفع إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد النجاح في التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون وتجنيب المؤسّسة العسكرية الفراغ.

وسيشهد مطلع العام «عجقة» زيارات لديبلوماسيين عرب وغربيين، وهذه الزيارات لم تنقطع خلال فترة الأعياد، وأبرزها كان لكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا المارشال سامي سمبسون الذي جال على عدد من المسؤولين، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأبلغه وقوف بلاده إلى جانب لبنان في محنته، والعمل المشترك على صون الأمن وعدم توسيع رقعة الحرب في الجنوب، ووضَعه في خطورة ما يجري إذا اشتعلت الحرب، وضرورة العمل على تطبيق القرار 1701 لتجنيب البلاد الخضّات والحروب.

وينتظر لبنان حلول ضيف أوروبي جديد، وهو الضيف الدائم الذي يتابع الوضع عن كثب، أي المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان. ولن تكون زيارة لودريان عادية هذه المرّة، فالمرّة السابقة كان الشقّ الأكبر لزيارته هو موضوع التمديد لقائد الجيش. وبعد اجتياز القطوع العسكري، صار ملف الرئاسة والجنوب في صدارة الاهتمام.

وتكشف المعلومات، عن رغبة فرنسية، مدعومة من اللجنة الخماسية، في الدفع إلى إطار حلّ شامل للأزمة اللبنانية. وتُحبّذ باريس مجيء هذا الحلّ كسلّة كاملة متكاملة، ولا يكفي انتخاب رئيس وعدم القدرة على تأليف حكومة وإبقاء الوضع مشتعلاً في الجنوب.

وتؤكد المعلومات تركيز لودريان خلال زيارته المرتقبة على الأمور الآتية:

أولاً- الدفع نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية من ضمن الخيار الثالث وعدم تزكية باريس أي اسم، بل المساعدة على اختيار الأفضل والأنسب.

ثانياً- الإتفاق على تأليف حكومة إصلاحية لكي يتأمّن الاستقرار السياسي، وتباشر الحكومة، في أسرع وقت، تطبيق الإصلاحات الضرورية.

ثالثاً- تأمين المظلّة، وكذلك الدعم العربي والغربي للبنان للانطلاق في رحلة الإصلاحات والتعافي.

رابعاً- العمل على صون الوضع في الجنوب بتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها الـ1701، وتأمين كل مستوجبات تطبيقه، وعدم السماح باشتعال الجبهة وتوسّع رقعة الحرب إلى بيروت وكل لبنان.

خامساً- العمل على إنهاء المشكلات الحدودية الجنوبية، خصوصاً في الحدود البرّية.

وإذا كانت هذه المطالب تحظى بدعم خارجي، لكن هناك عوائق كثيرة تواجهها، وأبرزها التعقيدات في الداخل مع وجود تباعد كبير بين الأفرقاء وصعوبة الوصول إلى اتفاق على اسم أي مرشح من دون الخروج من الاصطفافات السياسية.

ويحتاج أي حل لبناني إلى تأمين مظلّة عربية وإقليمية ودولية، وإلى صفقة إيرانية – أميركية – سعودية، فرغبة باريس في إيجاد حلّ للأزمة اللبنانية كبيرة، وهي جادة في هذا المجال، لكنّ غياب التوافقات الإقليمية والدولية الكبرى سيقف حجر عثرة في وجه أيّ مهمة من هذا النوع.

الواضح وجود عقبات كثيرة، لكنّ الدفع الذي منحه التمديد لقائد الجيش قد يُستثمر في الداخل، خصوصاً إذا ترافق مع دعم وضغط دوليَّين، وبالتالي يجب انتظار انتهاء الزيارات الخارجية قبل كل شيء.